الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 04:02

ويبقى الحب يا زكريا/ بقلم: حمزة البشتاوي

حمزة البشتاوي
نُشر: 22/09/21 13:44,  حُتلن: 13:49

في السجن الكبير والزنازين الضيقة تطل دالية الذكريات خضراء من نافذة الأحلام الوردية لتضيء الذكريات على قصة حب لا تقبل النسيان، وهي قصة مرتبطة بالمخيم والقضية الوطنية بطلتها فتاة جميلة كانت حين تمشي تمشي وراءها حشود وارفة من النرجس والجوري والياسمين ومن نظرة ساحرة أحبها حبيبها حباً يشبه سحر إطلالة الكرمل على حيفا وبياض اللوز والموج الكثيف.

وكان ينتظرها ببالغ الشوق ليرى إشراقة عينيها حين تقف على سطح منزلها في المخيم المحاصر بالأسئلة والأسلاك وهو يتأملها من شباك منزله فيرى بحوراً وأنهاراً وشموساً ومجموعة أقمار فيذوب فيها كملح الأرض وكي يتقرب إليها طرق باب منزلها طالباً إستعارة كتاب وحين فتحه رأى ما كتبته له من كلمات أغنية فيروز (كتبنا وما كتبنا) فذهب خلف النرجس والجوري والياسمين كظل حصان رشيق ليقابلها ويقول لها : أنت وأنا سر بيننا، فردّت عليه، بدلع خفيف يشبه حركات أم كلثوم بأغنية يا مسهرني: يمكن.

ومنذ ذلك الوقت أندلع حب كبير نحوها ونحو العمل الفدائي، والفدائي هنا هو زكريا الزبيدي الذي إلتحمت في كفيه السنابل والبنادق وهو الذي خاض العمل الكفاحي منذ أن كان طفلاً صغيراً وواجه الإحتلال بالحجارة والرصاص وبشكل تصاعدي ليتهم بعد ذلك بتنفيذ عدة عمليات وينجو من أربعة محاولات إغتيال ويعتقل مرات كثيرة ثم يقف بفرحٍ طفولي على خشبة مسرح الأحداث كبطلٍ أسطوري وخاصة في عملية نفق جلبوع التي كان من أولى أهدافها نقل القضية الفلسطينية من خلف الكواليس والظلمة إلى الضوء الموجود في آخر النفق ولكن الإحتلال الذي ينشر العتمة والقهر والظلام أعاد إعتقال أبطال عملية نفق جلبوع بعد أن نجح ستة أسرى فلسطينيين بالخروج عبر نفق من تحت الأرض وكسر كل القيود في معجزة فلسطينية مكللة بالأرادة وأدوات بسيطة مؤلفة من آهات النشيد وملاعق صغيرة تعزف على مقام الصبر والحب وأبجدية الفداء من أجل الحرية والإستقلال، ورغم إعادة الإعتقال ما زالت الأرض والحبيبة وصبار البيارات والحقول يعدون العشاق بحصة جديدة من دروس الحرية التي سيعيد العشاق من خلالها رسم طاقة فرج جديدة على أرض فلسطين ويؤكدوا بأن الشعب الفلسطيني الطامح للحرية والعدالة يستطيع دوماً بصبره وصموده تحويل المستحيل إلى ممكن وهذا ما فعله الأبطال الأسرى الستة الذين تجولوا في بيارات وحقول فلسطين وقفزوا فيها كالينابيع ووقفوا كمارد على ناصية الحلم رغم كل الأسى والخيبات والنكبات.


ومن أجل الحب والأرض أرجوك يا زكريا ويا محمود ويا أيهم ويا محمد ويا مناضل ويا يعقوب إستمروا بهذا الحب الذي سيبقى دليلاً لحرية قادمة رغم قساوة السجن والسجان ولتدقوا مرة جديدة جدران الخزان ونردد معاً وسوياً إن الإحتلال زائل.


 

مقالات متعلقة