الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 20:02

الاخبار الملفقة/ بقلم: د.هاني العقاد

د. هاني العقاد
نُشر: 24/09/19 10:56,  حُتلن: 20:10

د. هاني العقاد في مقاله: 

نحن الفلسطينين جزء من هذه البيئة ان مرضت مرضنا وان استقرت استقر بنا الحال وان عانت عانينا والعكس ايضا فان انقسمنا انقسم العرب وان اقتتلننا اقتتل العرب وان خون بعضنا الاخر ولدت مزاعم خيانية في صفوف الأمة العربية

وسائل الاعلام والاتصال الجماهيري الحديثة باتت اليوم باختلاف مسمياتها ساحة لعرض الغث والسمين، الطيب والخبيث، المنطقي واللامنطقي، السلبي والايجابي، الخطاب التحريضي والخطاب البناء، كل مفردات التباين تبث علي الفضائات الموجهة وعلى صفحات الساحة الزورقاء من الفضاء الحر. لا اعتقد ان الكثيرين يستطيعوا التفريق بين كل تلك التبايانات فكل يأخذها حسب عقيدته والأيدلوجيا المكونة لشخصيته، منهم من يصدقها ويبني عليها أشياء كثيرة وقد تصبح أحد أهم مرجعياته ومنهم من يتناولها دون إكتراث لكنها لا تغادر محتوي أفكاره ولا تخرج من رأسه ولا يحاول حتى طردها وتبقى في باطنة الداخلي رهن الاستدعاء ومنهم من يكتشف خباياها ولا يتعاطى معها لكنهم قلة من يحاربوا بالاتجاه المعاكس لكن دون جدوى لان الخبيث ينتشر بسرعة وتفضله العقول الفارغة التافهة واصحاب النفسيات الحاقدة الكاذبة والشخصيات المتملقة التي تتغير مبادئها بتغير الأزمان وتغير الارضيات السياسية والخطاب الذي يشبع شبق متغير.

الاخبار الملفقة احد اقذرالادوات لاصطياد فقراء الفكر، اخبار وتقارير مصورة يتم انتاجها ومنتجتها في معامل خاصة وعلى درجات عالية من التقنية تخرج الى المنصات في الوقت المحدد ومناسبات محددة لتصبح أحد الموجهات التحتية لمن هم على الشاكلة يصدقوها وحتى يتناولوها وقد يضيفوا عليها بما يتناسب مع شبق الكراهية والحقد، فلا يكفي انهم وقعوا ضحيها بل انهم يعتقدوا ان لديهم شيئا ذات سبق اعلامي وشيء بالغ الحساسية وبالتالي يصطادوا اخرين عبر عملية انتقاء دقيق لتلك العقول التي قد تستقبل مثل تلك التزيفات وهكذا تدور الدائرة وتتسع حتى يتكون جيشا كبيرا يصعب تفتيته بسهولة او حتى التأثير في مكوناته الفكرية التي اصبحت ايدلوجيا زائفة لا اتصال لها مع الواقع الافتراضي. ولعل الاخبار الملفقة واحدة من الادوات التي تعبث بها اجهزة الدول الدقيقة بالعالم خاصة امريكا واسرائيل في عقول فارغة لا تقبل نفسها ولا وطنها وتجندها دون وعي لصالحها.
قد لايكون المستهدف دول مستقرة ولا حكومات ولا افراد وانما احزاب سياسية وفصائل وازنة لها ثقتها لدى الناس ولها جماهير واسعة تؤمن بمبادئها ومنهجها واستراتجيتها النضالية وهذا ما نشهده على الساحة الفلسطينية فلعلها ساحة لها خصوصيتها وهي ساحة خصبة لمثل تلك الاخبار. الاخطر ان بعض الفصائل لها مطابخ خاصة لصناعة التقارير والاخبار وتلفيقها توجهها للطرف الاخر ولا تستهدف الدول المعادية بل مطابخ من ذات الدم والعرق والدين والكنونة السياسية، الذي يثير القلق هنا ان كلها في النهاية تخدم أجندة معادية والاخطر ان اجهزة كبرى بالعالم تستفيد من ذلك الاسلوب وفي النهاية تكون ثوابت الوطن الهدف الأكبر. القضية كبيرة وتستحق المعالجة لكن علاجها صعب دون وعي جماهيري وفصائلي وسياسي كبير، علاجها صعب في ظل انقسام خون الاخر وقتل الاخر وذهب بالمقدرات الوطنية الى مزابل الفصائل، انقسام فتت النسيج الاجتماعي وباع الانتماء الوطني بحفنة من اوراق نقدية خبيثة استجلبت ليبقي الانقسام وتبقي البئية حاضرة لتسويق برامج تصفوية تنهي شيئا اسمه القضية الفلسطينية والنضال الوطني.

لن اتحدث كثيرا عن البيئة العربية المحيطة ومدى تقبلها لمثل ذلك فنحن الفلسطينين جزء من هذه البيئة ان مرضت مرضنا وان استقرت استقر بنا الحال وان عانت عانينا والعكس ايضا فان انقسمنا انقسم العرب وان اقتتلننا اقتتل العرب وان خون بعضنا الاخر ولدت مزاعم خيانية في صفوف الأمة العربية، انها ثقافة ولدت من افرازات موبوئة، افرازات كريهة الرائحة واللون والسمعة لمن يدرك ذلك لكن لمن لا يدرك لا يعرف اكثر من انها شئيا ما يحقق له غايته في الحقد ويصر علي ممارسته لانه يتمتع بذلك . عندما استهدفت بعض الدول العربية بما يسمى الربيع العربي اول الشرارة انطلقت باخبار ملفقة وتناقلها الاغبياء ونشروها دون ادني درجة من التفكير والوعي الوطني بانها في النهاية قد تكون الاداة التي يراد بها تدمير هذا البلد، قسم ما قسم من الدول العربية ومن تعافى تعاد الكرة عليه اليوم من جديد أخشى ان تنجح محاولات هذه الدول بنقل السلاح الى عمقها ليوضع في أيدي جاهلة وماجورة مازالت تنتظر لتثأر وتقاتل على أمل ان ينتهي القتال يوما ما بفوز وينتصر من ثأر لكن هذا لن يحدث بالمطلق فلا منتصر بين ابناء الشعب الواحد لان جميعهم خاسرون.

المسألة لم تعد ظاهرة ولكنها مرض تفشى بين صفوفنا نحن الفلسطينين اول ما تفشى ولعل من كان وراء هذا اليوم يحصد ما فعل فحصاده هشيم. وطن يعاني ومواطن فقير وذئاب تحوم في الحدائق ترتع وتاكل من لحمنا دون قدرة على طردها، مخططات تصفوية كبيرة على مسمع منا وتقسيمات سياسية وجغرافية تهتك عرض القضية وتذهب بها الى الوراء مائة عام، المسألة تحتاج الى توقف فوري من الفصائل والاحزاب التي باعت نفسها للاخر وتستخدم هذا الاسلوب وتحتاج لمن ينادي بالفرقة والتخوين والتقزيم ان يراجع حساباته، كثير من الفلسطينين باتوا لا يحبون الاستماع الى ذلك التطرف لانه ضعف ويصروا على ان التفرق والانقسام غول اخرق يهاجم كياناتنا الوطنية. الأجهزة الاعلامية أيضا عليها مسؤولية كبيرة عليها الاسراع لمواجهة أي اخبار او تقارير ملفقة بسرعة البرق بمؤتمرات صحفية ومقالات وتقارير مدعومة بحقائق تكذب وتمحو من ذهن من تلقاها أي نسخة وتثبت في ذات الوقت زيف تلك التقارير والاخبار وتكشف الغرض من تلفيقها والاستمرار في متابعة كل صغيرة وكبيرة على منصات التواصل والفضائيات الحزبية وكل ادوات الاعلام دون تعدي على حرية الرأي الوفية.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

مقالات متعلقة