الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 15:02

مُعجب بالمستوطن .. كصاحب مشروع !-بقلم : مهند صرصور

مهند صرصور
نُشر: 12/02/20 21:07,  حُتلن: 21:09

بعيدأ عن الإنحياز للقضية الفلسطينية كوني فردأ منهم ، مؤمنا بصدق رسالتهم وبأحقتيها ، متجها نحو خصمهم اللدود لفهم الخلل في موازين القوى والفارق المتعاظم كل حين ، باحثا في سطر واحد من سطورهم الثابته ، مسلطاً للضوء على احد وجوه ومُركّبات ذلك الخصم اللدود ، التي تعتبر مؤسسة عميقة بعمق الدولة ، كما تعتبر سرا من اسرار استمراريتها ، الا وهي المستوطنة مُتمثلة بالمستوطن الفرد ، واتساءل :

ما الذي يدفع المستوطن الاسرائيلي الى أن يكون مستوطناً ، يسكن ارضاً غريبة ، وبيتاً متواضعاً تلفه المخاطر ، على جبل بعيدٍ عن اي شيء ، يحتمي بجنود لا يعرفهم ، حاملا السلاح ليحمي نفسه ، مخاطرا بنفسه وبأولاده ، وفي كثير مهاجراً من دولة اخرى ، وتاركاً اهله وراءه !

لا اظن ، وكما يحب ان يعتقد الفلسطيني ، بان هذا المستوطن جاء ليلقي بنفسه في هذه الاوضاع بسبب ضيق مجتمعي او اقتصادي حل به ، وعلى الاقل ليس ذلك ما هو عليه مستوطن اليوم فهو مغاير تماما لبُناةِ الدولة من حيث المنبع والدافع ، فيهودي اليوم له جاليته الراكزة في كل الدول ، وفرضا لو كانت فعلا الدوافع اجتماعية اقتصادية لكان حري به أن يتجه الى دول اوروبية منتعشة الاقتصاد يغمرها الرفاه او الى الشرق الاقصى الذي تتساوى فيه الفرص امام الجميع ، لانه وبدخوله المستوطنة يكون قد اكتفى بمقومات الحياة الاساسية ، وإتكأ على الدعم الخارجي المحدود ، وعايش الظنون .

فمستوطن اليوم لم يصبح مستوطنا لضيق او جراء هروب من وضع مادي او اجتماعي او غيره ، بل أظنه ايمانه بقضية يدعمها دينه ، جعلته يسافر الدول ويلتحف المخاطر ، ويقاتل بكل جَلَد من اجل هدف اسمى يعيش لتحقيقه ، وغاية عليا مستعد للتضحية في سبيلها ، يقين حَوَّل أعصابه الى حديد يواجه بها الفلسطيني والعربي ، ويجابه الاسلامي والمسيحي ويثبت امامهم اكثر من ٧٠ سنه ، آخذا بكل الاسباب والسُبل .

فنرى بعضهم قد تحول لوزير من بعد أن كان هائم للجبال ، واخر يتقلد لجان للكنسيت ، واخرون اقاموا الجمعيات الحقوقية والمدنية من أجل حماية المستوطن ، واخرى قانونية من اجل الدفاع عن من يضبط بجرم او مخالفة منهم ، واكبرهم يجوبون العالم لرصد الميزانيات الغير متناهية ، ويعملون حثيثا على تطويع زعماء العالم كما اصفرت مؤخرا انجازاتهم عن مشروع القرن الامريكي .

وأنا وأنت ، لو أوقفنا هروبنا ونظرنا في مرآتنا الشخصية ، عازفين عن الدخول في زوايا الضعفاء كالطعن في قضيتهم او دينهم او طريقتهم ، فكلها لهم ، وإبحث فيما يخُصنا واسأل نفسك : هل نحن مستعدون لفعل يوازي تلك التضحيات ؟ هل فعلا نملك قضية ؟ هل نعمل لتغيير الحال ام انها سنن كونية اعطت من اعطى قضيته حقها وبَذَل قَدْرَها !!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 


مقالات متعلقة