الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 08:02

قصة واقعية قد تبدو خيالية – بقلم: البروفيسور سلمان زرقا مدير المركز الطبي زيف في صفد

البروفيسور سلمان زرقا
نُشر: 16/08/20 17:02,  حُتلن: 18:19

 التقيت صدفة برجل وامرأة يسكنان بلدة عربية، وقد تجاوزا الـ75 من عمريهما. أخبرني الزوج بأن عرسا سيقام بعد عدة أيام، وأن أهل العريس قد دعوا كل أهل البلدة - كما كان متبعا قبل أزمة الكورونا - بواسطة سيارة تحمل مكبرات الصوت التي تجول كل الحارات معلنة عن موعد العرس وتدعو الجميع للمشاركة فيه. قالت لي الزوجة: "أنا قلقة على زوجي لأنه يريد التوجه للعرس وأخاف عليه من العدوى بفيروس الكورونا".

وقال الرجل: "لا يمكننا عدم المشاركة، خصوصًا وأننا تلقينا دعوة شخصية وقد كانوا قد شاركوننا بأفراحنا وعلينا أن نرد الجميل".

سألته عن صحته ومشاكله الطبية، فأجابني بأن صحته (على قدها) ولكن من العيب عليه ألا يشارك أهل بلده بسبب خوف من مرض، يشك الكثيرون في وجوده أصلاً ويمنعه من أداء واجبه الاجتماعي. وهنا تدخلت الزوجة، وقالت أنه بالإمكان إرسال النقوط مع عائلة أخرى، وهكذا يدفع "الدين"، فقاطعها الرجل بنبرة حادة: "لا أخاف من المرض ولا من الموت وكل شيء مكتوب!".

هنا تدخلت وقلت للرجل أن العرس مناقض للقانون ولتوصيات وزارة الصحة، فحسب التعليمات ممنوع التجمهر. وأهل العريس عندما دعوا بلدة بأكملها للعرس، يقومون بعمل غير قانوني، وغير لائق، ويسببون الإحراج والبلبلة والمخاطرة بصحتهم وصحة الناس. وقال الرجل: "حط رأسك بين الرّوس وقول يا قطاع الرّوس".

سألت الرجل لماذا لا يقبل إقتراح زوجته ويرد دينه بواسطة الآخرين.!؟ فقال إن الرجل قد دعاه وإن لم يحضر فقد يعاتبه على ذلك.

وبعد أن شرحت للزوج بأن هناك خطر واضح على صحتهما وحياتهما إذا شاركا في مثل هذه الاجتماعات خاصة لأن هنالك أشخاص من مجتمعنا يخالفون التعليمات ولا يمكثون في بيوتهم ولا يلتزمون بالحجر المنزلي حتى بعد أن شُخِّص لديهم المرض. تجدهم يتجولون في المجتمع وفي الحوانيت، ويشاركون في الأفراح والأتراح وينقلون المرض إلى الآخرين، بلا ضمير ولا دين.

تركتهم ومشيت لكن بقيتُ مع أسئلة ظننت بأن إجابتها واضحة ولكني رأيت أمامي سلم أوليات مقلوب يبدأ من القيل والقال والعادات والتقاليد والمعاتبة والمحاسبة، وفي نهاية السلم تأتي الصحة وواجب الحفاظ عليها. كلّما فكرت بأنه لا يحصل في مجتمعنا وأنه مجرد خيال، تجسد أمامي كحقيقة واضحة واقعة ومؤلمة.

فالناس عندنا للأسف لا ترى سوى الحالات البسيطة الموجودة في البيوت وفي الحجر المنزلي، لكنهم لا يرون ماذا يوجد في المستشفيات، لذلك يعتقدون بأن الكورونا زكام أو رشح بسيط! فإلى أين يا عرب!!!؟؟؟؟؟

مقالات متعلقة