الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 12:01

خطر السقوط العربي الذي فـاق كلَّ خيال!!/ بقلم: إبراهيم عبدالله صرصور

إبراهيم عبدالله صرصور
نُشر: 10/09/20 15:43,  حُتلن: 17:08

إبراهيم عبدالله صرصور في مقاله:

لم اتوقع جديدا من هذه الجامعة العاجزة والمشلولة، لكن سقوطها المدوي وتبنيها سياسات التحالف الصهيوني - الأمريكي بهذه الصفاقة والوقاحة والبجاحة، فاجأني..

 أسقطت الجامعة العبرية (العربية) مشروع القرار الفلسطيني بإدانة التطبيع مع إسرائيل ما لم تعترف قولا وعملا بجميع الحقوق الفلسطينية التي نصت عليها القرارات الدولية، بينما أدانت ما سمته زورا وبهتانا "التدخل التركي!!" في شؤون الدول العربية!!...

امين عام الجامعة (العبرية) ابو الغيط الذي شارك ضاحكا مسرورا وراضيا كل الرضى، مع تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة في مؤتمر صحفي مشترك من قلب القاهرة، أعلنت فيه الحرب على قطاع غزة اواخر العام ٢٠٠٨، "يبدع!!" في السقوط الحر بالجامعة العبرية (العربية) مجدَّداً نحو قاع سحيق من العمالة والخيانة، تجدد امجاد خيانات لطالما زكمت انوف أشراف الامة واحرارها، وأقَضَّتْ مضاجع القابضين على جمر قضايا الامة المقدسة..

تركيا لم تكن مدرجة على جدول اعمال اجتماع وزراء الخارجية العرب الأربعاء 9.9.2020، لكن ابا الغيط وبإيحاء من أسياده في ابو ظبي والقاهرة وواشنطن والرياض وتل ابيب، أقحم الموضوع التركي اقحاما معتبرا اياها عدو الامة العربية الاوحد، ليس أقل من ذلك.. بينما يرفض ادانة التطبيع مع اسرائيل، ويرفض ادانة انتهاكاتها الوحشية لحقوق الشعب الفلسطيني عموما، ولجرائمها في مدينة القدس والمسجد الاقصى المبارك، ولتنكرها الممنهج لحقوق الشعب الفلسطيني، وعملها الدؤوب للقضاء على كل امل بإقامة دولة فلسطينية وذلك من خلال استمرار الاستيطان والتهويد والضم الصامت والصارخ.. الخ..

لم اتوقع جديدا من هذه الجامعة العاجزة والمشلولة، لكن سقوطها المدوي وتبنيها سياسات التحالف الصهيوني - الأمريكي بهذه الصفاقة والوقاحة والبجاحة، فاجأني..

ظننتُ انه قد بقي في العرب شيء من الحياء، فتفاجأت بان النظام العربي الرسمي في أغلبه قد فقد حياءه تماما.. مات موتا سريريا بالفعل، ولم يعد هنالك امل في انعاشه..

قد يستمر هذا الوضع بعض الوقت، لكنه لن يستمر كل الوقت.. بدا العد التنازلي لإسدال الستار على هذه الحقبة من تاريخ العار العربي، وسيبدأ عهد الشعوب..

(1)

لطالما اعتُبِرَ التطبيع مع "العدو الصائل" المغتصب للأرض والوطن، والمحتل للشعب، والمنتهك للحرمات والمقدسات، والمتنكر لحقوق من يعيشون تحت احتلاله، والمستبيح لكل المحرمات خدمةً لمصالحه، خيانة أولا، ثم هي تشوهٌ في نفسية صاحبها، وخللٌ في عقليته، واضطرابٌ في تقديره وحُكْمه، وانحطاطٌ في أخلاقه وطباعه، وارتكاسٌ في وعيه وثقافته، وضعفٌ خطير في انتمائه والتزامه.. كما ويوصف "المطبِّع" عادة ب - "الخائن" المفرط بالحقوق، والمتساوق مع الجلاد.. هذ الحقيقة ليست إفرازا لثقافتنا العربية - الإسلامية فقط، وإنما هي ثقافة عابرة للقارات والحضارات والشعوب.. فما وُجِدَتْ على وجه الأرض قديما وحديثا، أمةٌ احتلها "الغريب"، ثم هي تُطَبِّعُ معه، وتتعايش مع جرائمه.. على العكس تماما، فهي تنتفض في وجهه، وتبذل جهدها في رد عدوانه، ودفعه عن حِماها الذي وثب عليه، ما اوتيت الى ذلك سبيلا..

لم تأت عملية التطبيع من فراغ، وإنما مُهِّدَ لها بشكل خبيث، فكانت فكرة ومفهوم الدولة القطرية القومية في البلادِ الإسلاميةِ التي نشأت وريثةً للاستعمار الذي كان جاثما على كثير من بقاع العالم الإسلامي – وهي فكرة أوروبية أصلا - ولكن وقعت فروق جوهرية في نشأة كل من الدولتين.. اتسمت السياسات الثقافية والتعليمية المتبناة والتي صاحبت بروز الدولة القطرية العربية بأنها سياساتٌ انعزاليةٌ انفصاليةٌ، حيثُ عَمِلَ كلُّ قطرٍ في البلادِ الإسلاميةِ على ترسيخِ هُويةٍ محليةٍ بالاستنادِ إلى دعاوى تاريخيةٍ موهومةٍ في الغالبِ أو مجزأةٍ من سياقاتِها، فتفتت الوعي الجمعي، وتحطمت قلاع العمل الوحدوي، علاوة على تفتيتها للسياسة والجغرافيا والديموغرافيا.. يضافُ إلى ذلك تفجيرُ المناكفاتِ السياسيةِ والنزاعاتِ الحدوديةِ بينَ البلادِ الإسلاميةِ...

لذلك كله ولغيره من الأسباب، لم يكن غريبا الا تساوي قضية فلسطين - أُمُّ القضايا العربية والإسلامية - شيئا في ميزان المطبِّعين ومنهم الامارات العربية المتحدة، تعبر عنه الكثير من الابواق الإعلامية والسياسية الإماراتية والسعودية والمصرية والبحرينية بكل صفاقة ووقاحة، وهو اول السقوط الذي ان استفحل وامتد طولا وعرضا، وهذا متوقع في ظل الوضع الحالي، فإن ذلك سيُعْتَبَرُ وبكل المعايير انتصارا صهيونيا بالضربة القاضية على القضية الفلسطينية، وبداية تنحية فلسطين وطنا وشعبا ومقدسات عن اجندة الاهتمام العالمي، تمهيدا لوضع قضيتها على الرَّف تماما كملفات كثير من الأقليات ذات الزخم العددي كالأكراد والابخاز والشيشان وكشمير وغيرها، خصوصا وان نتنياهو صرح بشكل مستمر على ان إسرائيل غير مستعدة لدفع أي ثمن مقابل هذا التطبيع، مؤكدا على انه "سلام مقابل سلام" ..

أرى ان كل اتفاقيات السلام التي وُقِّعَتْ بين دول عربية وإسرائيل (مصر والأردن كمثال)، هي جزء من عملية التطبيع الرسمي (وليس الشعبي) مع المحتل، وهي في نظري تعبير عن حالة التردي العربي، لأنها لم تشترط حلا عادلا للقضية الفلسطينية يكون متزامنا مع توقيعها.. إن عودة مشروطة وغير كاملة للأراضي المحتلة (مصر/سيناء)، او ترتيب أمر الحدود وبعض الحقوق (الأردن)، لم تكن كافيه بحال من الأحوال لإقناع إسرائيل بالتقدم على طريق الاعتراف الكامل بالحقوق الفلسطينية.. على العكس تماما، فقد كانت هذه الاتفاقيات أضافة الى اتفاق أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية، غطاء شرعيا لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي في قضم فلسطين تمهيدا لإنهاء قضيتها وشطب رقمها، وهذا ما يحصل بالفعل.. فلماذا يعتقد بعض الاغبياء من حكام هذه الامة، ان تطبيعا جديدا مع إسرائيل يمكن ان يقدم خدمة للقضية الفلسطينية، الأمر الذي اعتبره كذبة سمجة لا رصيد لها في ارض الواقع ابدا..

(2)

إذا كان التطبيع يعني جعل العلاقات طبيعية بين طرفين ليست العلاقات بينهما طبيعية ابدا، بل على النقيض تماما، فالعلاقات بينهما علاقة عداء دائم ومستمر مع ابعاد دينية وقومية ووطنية هائلة، فإن أية عمليات تطبيع بين الاحتلال الإسرائيلي وأي بلد عربي، ما دامت اسرائيل محتلةً لفلسطين والقدس والاقصى المبارك، ومشردةً لنحو ثمانية ملايين فلسطيني في كل انحاء العالم، ستظل تعبيرا عن انهيار واستسلام عربي للمشروع الصهيوني دونما مبرر أو مسوغ.. ليس هنالك من تفسير منطقي لهرولة دول عربية لا تربطها حدود مع إسرائيل، ولا تربطها بها اية مصالح من أي نوع، ولا هي تحتاج إسرائيل في شيء ابدا.. التفسير الوحيد لعملية من هذا النوع واحد لا ثاني له، وهي ان هذه الدول خانت مسؤولياتها الدينية والوطنية والقومية، وجعلت من نفسها خادمة للصهيونية العالمية والامبريالية الامريكية والغربية، على حساب القضية الأولى للامة العربية والإسلامية، وخرجت من تحت عباءة الانتماء العقدي والقومي للدين والوطن، إلى انتماء من نوع آخر سيضعها في قائمة عارٍ واحدةٍ مع كل المفرطين والمطبعين مع أعداء الامة من زعماء الطوائف عبر تاريخها الطويل..

لست أدرى ان كان بمقدور الفلسطينيين منع هؤلاء المهرولين من مزيد من التطبيع، إلا ان بمقدور الشعب الفلسطيني الرهان على رفض الشعوب العربية والإسلامية لهذا التطبيع، وأكبر مثال على ذلك رفض الشعبين المصري والأردني لأي نوع من التطبيع الشعبي مع الاحتلال الإسرائيلي رغم اتفاقيات السلام الموقعة منذ عقود طويلة.. تفهم هذه الشعوب ان تطبيعا وسلاما بين حكامها واسرائيل يشمل مراجعة لمفاهيم الصراع ولفهم التاريخ والأسس الدينية، وعملية قلب جذرية للنظرة العربية والإسلامية تجاه إسرائيل، بحيث ينشأ عربي مسلم جديد بمفاهيم جديدة تنسف كل ما سبق بخلفياته وحيثياته، هو امر مرفوض جملة وتفصيلا..

ان إصرار الفلسطينيين قيادة وشعبا على رفض أية عملية تطبيع عربية مع إسرائيل دون استجابة اسرائيلية جذرية وكاملة وشاملة لحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على كامل ارضه المحتلة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين وكنس الاحتلال وإزالة الاستيطان، واصراره على عدم استئناف اية مفاوضات معها ما لم تعترف بهذه الحقوق كاملة مسبقا، ورفضها التعامل مع أي نظام عربي يطبع او يدعو الى التطبيع في ظل الظروف الحالية، سيساعد كثيرا في تجنيد الشعوب من وراء فلسطين وقضيتها، وسيحد بشكل كبير من تأثير عمليات التطبيع، وسيدفع بالتدريج الى إفشالها في النهاية..

(3)

ممارسات قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية واللتين أصبحتا واحدا منذ التوقيع على اتفاق أوسلو المشين، ساهم بشكل او بآخر في تمييع الأجواء الرافضة لإسرائيل واحتلالها، خصوصا بعد أن وصل مرحلة حرجة دفعت في اتجاه الوقيعة بين جناحي الوطن: قطاع غزة والضفة الغربية.. ان فشل قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله في إدارة الازمات الداخلية الفلسطينية خصوصا بعد انتخابات عام 2006م، وخططها لتنفيذ انقلاب على شرعية الصندوق مستعينة بالاحتلال الإسرائيلي، والدعم الأمريكي والغربي (الرباعية)، دفع الحكومة الشرعية برئاسة (حماس) صاحبة الأغلبية في المجلس التشريعي (البرلمان)، والحائزة على ثقته، الى ممارسة حقها في الدفاع عن الشرعية وإفشال مشروع الانقلاب الذي قاده محمد دحلان بالشراكة مع الجنرال الامريكي (دايتون)، الامر الذي أدى الى صدور قرارات غير دستورية من المقاطعة منها اقالة الحكومة الشرعية، وحل البرلمان فيما بعد، وموجة اعتقالات في الضفة الغربية المحتلة، طالت الكثير من قيادة وكوادر حماس الذين تعرضوا لعمليات تنكيل وحشية، أدت في النهاية الى الانقسام بين غزة ورام الله والذي ما زال مستمرا حتى الآن..

لقد فهمت قيادة السلطة في رام الله خطورة ممارساتها التي ضربت الوحدة الوطنية الفلسطينية، بعد ان وصلت السكين الى اللحم الحي من خلال قرارات ترامب بخصوص فلسطين وصولا الى الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الامريكية اليها، وليس انتهاء بصفقة القرن التي جاءت تنفيذا امينا لقانون القومية الإسرائيلي الذي صادقت عليه الكنيست عام 2018، والذي شطب القضية الفلسطينية تماما، ولم تعد بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي - الامريكي سوى قضية رعايا لا يتمتعون بحق تقرير المصير على أرض اعتبرها القانون وصفقة القرن خالصة لليهود من دون الناس..

هذه الضربات القاتلة التي وجهها التحالف الامريكي – الصهيوني للقضية الفلسطينية، مع وصول أكثر من اشارات لانخراط دول عربية في هذا المشروع، اوصلت الرئيس الفلسطيني ابي مازن الى: 1. الانكفاء الإيجابي نحو الداخل بحثا عن وحدة وطنية ضيعها بيده، ارجو ان يكون انطلق قطارها في اجتماع الأمناء العامين في المؤتمر الذي انعقد الخميس 3.9.2020 من رام الله وبيروت، والذي حضرته كل الفصائل بما في ذلك حماس والجهاد الاسلامي.. 2. رفضه لأية علاقة مع أمريكا وإسرائيل ما لم يتراجعا بشكل واضح عن خطة القرن.. 3. رفضه الصريح لأية علاقة مع اية دولة عربية تطبع مع الاحتلال الإسرائيلي في ظل الظروف الحالية..

كلي امل في ان يصمد الرئيس الفلسطيني، وان يبدأ بشكل جدي في تعزيز الوحدة الوطنية، وإخراج المصالحة الوطنية الى حيز الوجود، والبدء في تنفيذ مجموعة من الإجراءات التي تثبت ان الشعب الفلسطيني بكل فصائله ماضٍ نحو تحقيق أهدافه دون هوادة او مساومة، وهذا في رأيي ما سيفشل خطط نتنياهو – ترامب، ومشاريع التطبيع العربية البائسة.

(4)

لن يقضي التطبيع على حل الدولتين او سيدفع في اتجاه حل الدولة الواحدة (دولة الابرتهايد)، بل سيقضي على القضية الفلسطينية برمتها.. لن يكون هنالك حديث لا عن دولتين ولا عن دولة واحدة.. سيكون الحديث عن رعايا في "دولة إسرائيل الكبرى!!" التي ستعرف كيف تضخ ملايين اليهود اليها، مع تنفيذ عملية ترانسفير مقنعة وعلنية ليظل عدد الفلسطينيين فيها اقلية لا أثر لها، تتمتع بحقوق محدودة لا تهدد الصبغة الصهيونية للكيان الجديد..

ليس صعبا ان نلحظ ثلاثة أعمدة أساسية تمثل سياسة نتنياهو تجاه القضية الفلسطينية حاليا وهي: 1. العمل على استمرار الانفصال بين غزة ورام الله، الامر الذي سيسهل عليه وعلى حلفائه العرب الترويج لفرية عدم أهلية الشعب الفلسطيني لإقامة دولة مستقلة ككل شعوب الأرض.. لم استغرب يوما عندما علق نتنياهو على جهود للمصالحة الوطنية الفلسطينية قبل سنوات، مطالبا الرئيس محمود عباس ان يختار إما السلام واما حماس! فكان جواب ابي مازن حاسما: اريد حماس والسلام معا... 2. الإبقاء على السلطة الفلسطينية كغطاء رسمي - بلا سلطات فعليه - يساعده في تنفيذ سياساته لابتلاع فلسطين وفرض واقع جديد على الأرض في القدس والضفة الغربية يصبح معه الحديث عن دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة ضربا من الخيال، بحجة استمرار المفاوضات!... 3. ممارسة الاحتلال الفعلي على فلسطين كلها بما في ذلك المناطق المصنفة (أ) حسب اتفاق أوسلو، من غير ان يكلف هذا الاحتلال الغاشم الخزينة الإسرائيلية شيئا..

لذلك، فالعمل على افشال هذا المخطط، وتنفيذ خطة تقلب الطاولة في وجه الأهداف التي وضعها نتنياهو، وحشد الشعوب العربية من وراء مشروع لإفشاله، وتجنيد كل المؤيدين للشعب الفلسطيني وقضيته حول العالم، ومحاصرة المطبعين، هو فريضة الساعة..

(5)

لن تدفع إسرائيل أي ثمن مقابل هذا السلام مع الامارات وغيرها، وستكون هي الرابحة الأولى والأخيرة إذا ما استمرت حالة التطبيع، فهو يساعد إسرائيل في تنفيذ مخططها وهي مطمئنة الى انها لن تدفع ثمنا مهما كان نوعه، تماما كتكلفة احتلالها لفلسطين في ظل أوسلو، اعتمادُها سياسة بث اليأس والإحباط ودعم قيادات عربية قابلة للهزيمة والخنوع، وتشجيعها لنوع من القادة العرب يتماشون لفظيا مع تطلعات الجماهير مع الحرص على تأهيلها لقبول الهزيمة راضين او مكرهين.. يبدو ان الدورين تكاملا وانتهيا الى ما أرادت إسرائيل من حيث الهرولة الى التطبيع المجاني الذي سيخدم المصالح الصهيونية فقط دون غيرها..

يمكن الإشارة الى هدفين لعملية التطبيع الجارية الان.. الأول، سياسي، سيفتح الباب امام إسرائيل على مصراعيه لتفرض سيطرتها العسكرية والأمنية والاقتصادية.. اما الهدف الثاني والأخطر، فهو التطبيع الثقافي الذي يهدف الى تدمير ثوابت الامة الدينية والوطنية بشأن الصراع..

لذلك، كل من يقف في وجه هذا المخطط سيتم العمل الصهيوني – الامريكي – العربي على ابعاده عن المشهد بكل الطرق.. بدأوا مشروعهم هذا بإبعاد الرؤساء الذين افرزتهم الثورات العربية في إطار انتخابات حرة ونزيهة، والتوطئة للانقلاب الدموي عليهم لإيصال عملائهم الى سدة الحكم (مصر كنموذج)، وابعاد كل حركات الإسلام السياسي التي تمثل الحصانة العقائدية التي تقف حجر عثرة امام كل مشاريع التصفية، فأطلقوا يد عملائها في المنطقة لاستئصال شأفتها، واقتلاعها من جذورها، وتصنيفها بالإرهابية تمهيدا لضربها عالميا (الاخوان المسلمون كنموذج)، وهكذا..

لا استبعد بناء على ذلك، ان يتم العمل على إزاحة الرئيس أبو مازن من المشهد تماما كما فعلوا مع الرئيس ياسر عرفات – رحمه الله – إذا ما ظل واقفا متحديا ورافضا كل املاءاتهم وسياساتهم.. لن يترددوا في تنفيذ أبشع الوسائل لتحقيق غايتهم، إلا انني واثق من ان الشعب الفلسطيني قد تعلم الدرس، ولن يسمح لقوة في الأرض أن تفرض عليه قيادات مستوردة.. سيظل شعبنا مصرا على ان اختيار قيادته هو حق خالص له، لن يفرط فيه مهما كان الثمن..

* إبراهيم عبدالله صرصور - الرئيس السابق للحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   


مقالات متعلقة