الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 07:02

القبعات الملوّنة

بقلم: هدى عثمان أبوغوش

هدى عثمان أبو
نُشر: 13/10/20 12:12,  حُتلن: 13:13

"القبعات الملوّنة"،قصة للأطفال،من تأليف الكاتبة المقدسيّة نزهة الرّملاوي،عن دار الهدى للنّشر،كفر قرع، 2020،رسومات الفنّانة منار الهرم.
في هذه القصّة، تنتصر الكاتبة للأطفال الّذين يعانون من نقص ما،وتسعى لتحث الأهل للمثابرةوالوقوف معهم،ومشاركتهم في التّعبير عن حالتهم وعدم اختزان وكبت مشاعرهم ،والتّخلص من مشاعر الخوف والإحباط لما ما يعكسه ذلك الأثر السّلبي على حالة الطفل المضطربة جرّاء ما يمرّ به من انكسار للعواطف والتفكير بطريقة متشائمة،كما تساعد الطفل القارئ للقصّة، في التّنفيس عن مشاعره،من خلال إسقاط مخاوفه والتّحرّر من الضغوضات.
جاء الحلّ لمشكلة روان، من خلال الأم التّي فكّرت بشراء الشّعر لتغطي فروة الرأس ،وتثبيت الجدائل الشقراء بالقبعات الملوّنة التّي قامت بحياكتها،فكان هذا هو الحلّ السّحري الذي أسعد الطفلة،لكن الأم قطعت طريقة التّفكير من قبل ابنتها للوصول لحلّ ما.
ورغم أنّ الحلّ هو جميل ومقنع،فالأولى بدايّة ترسيخ الثقة بالنفس وتعزيزها بأساليب مختلفةعند الطفلة روان،فماذا لو لم تجد الأم الحلّ ؟هل ستبقى روان في حالة حزن دائم!وعليه يجب تثبيت عزيمة الذّات،بتقبل الطفلة لنفسها كما هي أولا، وهذا يتطلب مساندة الأهل وطاقم المدرسة وخدماتها النفسيّة والإجتماعيّة،إلى أن تجد الحلّ المناسب.
استطاعت الكاتبة نزهة الرّملاوي،أن تدخل إلى أعماق الحالة النفسيّة للطفل من خلال هذه القصةالعلاجية التّي تنتمي لما يسمّى "البيبلوثيرابيا" وهي استعمال مواد مكتوبة لكسب العلاج بالقراءة من أجل حلّ المشكلات،حيث تتجلّى تلك الحالة في رفض الطفلة روان الذهاب للمدرسة بسبب تساقط شعرها إثر مرض جلدي، وقولها
أنا لا أشعر بالسّعادةبسبب ما جابهته من سخريّة من قبل الأطفال،فكان التّعبير من قبل الطفلة روان عن طريق الرّسم،ففي حالة الحزن رسمت شمسا عابسة صلعاء،بينما في حالة الفرح رسمت شمسا ضاحكة وألبستها قبعة،إنّ تصوير هذه الحالة المؤثرة، هي بمثابة رسالة ودعوة للأهل في تمكين الأولاد بالبوح بمشاعرهم والتّعبير عنها سواء بالرسم أو الفنّ أو الكتابة.
أدخلت الكاتبة صورة الأب الأسير الغائب، لتمنح القصّة واقعيّة الفلسطيني المعذب في أرضه،وأنّ موضوع الأسرى لا يقلق الكبار فقط وإنمّا الصغار أيضا،وكذلك لتشير إلى شكل الحرمان الذي يعانيه الأطفال في فلسطين،حسب رأيي،قصص الأطفال عامة، يجب أن تبتعد عن الحزن المكثّف،ويكفي موضوع واحد تركز عليه الكاتبة ولا تشتت أفكاره،كي لا ندخل الطفل في تفاصيل وتساؤلات حول معاني الأسر وظروفه،مع العلم أنّ الكاتبة أدخلت قصة الأب الأسير كجملة عابرة،في البداية والنهاية،لم تخدم القصة،إلاّ لتوثيق حالة الفلسطيني.
استخدمت الخيال الجميل في القصّة،حيث منحت لخيوط الشّمس رمزيّة الأمل والخلاص من همّ يلازم الطفلة روان،هذه الرّمزيّة جاءت لتوظيف رغبة روان المكبوتة في تحقيق ما تصبو إليه من عمل جدائل شقراء لتغطية شعرها ،وتحقيق حلمها الإنساني بمساعدة المحتاجين وزيارة أبيها الأسير إلاّ أنّ هذه الرّغبة قوبلت بالرّفض من قبل الشّمس.
من جماليّات القصّة،استخدام الكاتبة عنصر الخيال في أنسنة الطبيعة،فالشمس(شموسة) تتحدث وتحاور الطفلة روان،وأيضا النجمة تحاور الشمس.
وفي هذا الانتقال الحواري بين الأرض والسّماء ،تعبير آخر عن المشاعر،فالطبيعة صديقة شموسة وقد أخبرتها عن سرّها الحزين.
استخدمت الكاتبة الوصف المشبع ببعض الإستعارات الجميلة، في بدايّة سرد مقدمة القصّة، من أجل إثراء قاموس الطفل .غفوةالسماء،الشّمس....عانقت ربيع الأرض
استخدمت النّاحيّة التعليميّة وجغرافية الكون، ليكسب الطفل المعلومة،بأنّ الشّمس بعيدة عن الأرض،ومن صفاتها أنّها ملتهبة الحرارة.
استخدمت الأمثال البسيطة لتثري قاموس الطفل "ليس كلّ ما يلمع ذهبا".
لم أفهم كيف تقول الأم لإبنتها التّي في الروضة:إنّ غدا لناظره قريب!هذا التّوجه لسّن أكبر منها،للصف الخامس وما فوق.
جاءت النّهاية جميلة بسعادة روان وفرح الأطفال أيضا،وبهجتهم بالقبعات الملوّنة ،حيث عبّروا عن ذلك بالغناء للقبعات الملوّنة.قصّة مؤثرة،جعلتنا نتضامن مع الطفلة روان،وأُشجع الكاتبة بكتابة المزيد من هذا النوع العلاجي الذي يحتاجه المجتمع العربي،وخاصة لعدم تواجد مثل هذه القصص في المستشفيات، في قسم الأطفال ،خاصةفي المشافي الإسرائيلية التي يمكث فيها المرضى العرب،دون أن يجدوا قصّة باللّغة العربية تلامس ظروفهم.  

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com


مقالات متعلقة