الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 23 / أبريل 09:02

دفعة على "حساب التنازلات".. لماذا التسرع أبو مازن؟

أحمد حازم

أحمد حازم
نُشر: 23/11/20 10:03,  حُتلن: 18:37

في مطلع شهر فبراير/شباط العام الحالي، أعلن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس خلال اجتماع طاريء لوزراء الخارجية العرب في القاهرة ، أن السلطة الفلسطينية قررت قطع كل علاقاتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل، بما في ذلك العلاقات الأمنية، بعد أن رفض الخطة التي أعلنها الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، للسلام في الشرق الأوسط. هذا التصريح لاقى تأييداً كبيراً من الشعب الفلسطيني، خصوصاً أن التنسيق الأمني مع إسرائيل ومنذ بداية الإتفاق عليه مع إشرائيل أثارغضب الشارع الفلسطيني لأنه يتيح لقوات الإحتلال الإسرائيلية انتهاك حرمة السيادة الفلسطينية واعتقال من تشاء من أراضي السلطة الفلسطينية.

لقد استبشر الفلسطينيون خيراً بقرار الرئيس، واعتبروا خطوته إيجابية. السلطة الفلسطينية من ناحية فعلية أقرت وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل في شهر مايو/أيار. لكن ما ورد من تصريحات لمسؤول أمني فلسطيني كبير، يبرهن على صحة عدم قناعة إبن الضفة الغربية بهذا القرار و"مكة أدرى يشعابها". ففي الثامن من شهر حزيران/يونيو (أي في فترة قطع العلاقات) نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية رد حسين الشيخ رئيس هيئة الشؤون المدنية وهو أحد كبار قادة حركة " فتح" والسلطة الفلسطينية على سؤال الصحيفة حول كيفية رد قوات الأمن الفلسطينية إذا علمت بنية فلسطيني مهاجمة إسرائيليين، فأجاب: "إنهم سيقبضون عليه إذا كان لا يزال في الضفة الغربية". إذاً التنسيق الأمني توقف نظرياً لكن عملياً لم يتوقف.

في السابع عشر من الشهر الحالي أعلن حسين الشيخ استئناف العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي بدون أي سبب وبدون أي ثمن، وكأنها رسالة موجهة إلى بايدن قبل وصوله إلى البيت الأبيض رسمياً كـ "دفعة على حساب تنازلات قادمة". القيادة الفلسطينية لم يوفر لها قرار العودة للتنسيق الأمني مع إسرائيل أي ثمن سياسي بل هو قرار مجاني، بمعنى أنها لم تتلق تأكيدات على إلغاء عملية ضم 30 في المائة من أراضي الضفة الغربية المحتلة. ولكن لماذا أقدمت القيادة الفلسطينية على هذه الخطوة، أي ما خلفية ذلك؟

يرى الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري حسب تصريحات له في هذا الصدد، وجود ثلاثة أسباب لذلك: أولها، أن السلطة تريد أن تؤمن نفسها، فسياستها تقوم على البقاء والانتظار، وثانيها، أنها تسعى إلى تمهيد الطريق نحو إدارة بايدن، لدرجة أن القيادة ليست لديها قدرة على الانتظار لتحسين شروط التفاوض، وثالثها، الأزمة الاقتصادية.

قبل تصريحات حسين الشيخ توقع قادة الجيش الإسرائيلي أن تقوم السلطة الفلسطينية باتخاذ خطوات قبل استلام بايدن سدة الحكم أسموها "إيجابية" فيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل. فقد ذكر تقرير نشره موقع "معاريف" الإسرائيلي، في الثالث عشر من الشهر الجاري أن تقديرات في جيش الاحتلال تشير إلى احتمال حدوث تغييرات إيجابية في الواقع الميداني للعلاقات بين تل أبيب والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، بعد فوز الديمقراطي جو بايدن بالانتخابات الأميركية. وتوقع التقرير أن تبدأ بعد اختيار بايدن لفريق العمل معه اتصالات مع الفلسطينيين لاستعادة العلاقات وأن تشمل هذه الاتصالات أيضاً مسألة إعادة التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.

تغيير مواقف الرئيس الفلسطيني يعني بدون شك فشله في إقناع العالم بصحة وجهة نظره، في وقف التنسيق الأمني ورفض استلام أموال عائدات الضرائب الفلسطينية التي تشكل نحو ثلثي موازنة السلطة الفلسطينية وسحب السفيرين الفلسطنيين من الإمارات والبحرين اللذين قرر عباس إعادتهما. وكانت السلطة قد بررت سحب السفيرين بـ "خيانة للقدس والمسجد الأقصى والقضية الفلسطينية ودعما لتشريع جرائم الاحتلال البشعة ضد الشعب الفلسطيني". فما الذي تغير في موقف الإمارات والبحرين لإعادة السفيرين؟ وزير الشؤون المدنية الفلسطينية حسين الشيخ سارع إلى تبرير تغيير موقف عباس تجاه إسرائيل بالقول: “على ضوء الاتصالات التي قام بها الرئيس عباس بشأن التزام إسرائيل بالاتفاقيات الموقعة معنا، واستنادا إلى ما وردنا من رسائل رسمية مكتوبة وشفوية بما يؤكد التزام إسرائيل بذلك، وعليه سيعود مسار العلاقة مع إسرائيل كما كان”.

تصريح الشيخ يدعو إلى السخرية، لأنه هو أكثر من يعرف بأن إسرائيل وكما علمتنا التجارب لا تلتزم بأي اتفاقيات حتى لو كانت بضمانة دولية. فما بالك إذا كان "الإلتزام الإسرائيلي" الذي يتحدث عنه الشيخ هو مجرد رسائل بائسة لم تصل القيادة الفلسطينية من الحكومة الإسرائيلية بل وصلت من منسق أنشطة الإحتلال في الأراضي المحتلة، وهو بمثابة ضابط ارتباط. والأمر الذي يدعو للإستغراب والسخرية أن هناك من "هلل وكبر" لإعادة العلاقات مع إسرائيل لدرجة وصف الحدث بـ "الإنتصار". فأي سذاجة بعد هذه السذاجة. إننا نسأل حسين الشيخ :" هل دخول قوات الإحتلال مخيم قلنديا وإصابة طفل بعينيه بعد إعلانكم عن إعادة العلاقات لا يندرج ضمن "التزام إسرائيل بالإتفاقيات الموقعة"؟ وأين "الرسائل الشفوية والمكتوبة الضامنة بهذا الخصوص"؟ فعلاً "اللي بجرب المجرب عقلو مخرب".

قرار السلطة الفلسطينية لم يكن مفاجئاً " بل تم التمهيد له مسبقاً . فقد تحدثت مصادر فلسطينية مطلعة " عن اجتماع مصغر حول هذا الشأن عقد في الثامن والعشرين من شهر أكتوبر/تشرين أول الماضي برئاسة عباس وحضور رئيس المخابرات العامة ماجد فرج ورئيس هيئة الشؤون المدنية حسين الشيخ ورئيس الحكومة محمد اشتية وآخرين". ويبدو أن المرحلة القادمة ستحمل لنا مفاجآت أكثر من ذلك وكان الله بعون الشعب الفلسطيني.

مقالات متعلقة