الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 11:02

في باب الفخر لا يقرؤون

بقلم: الكاتب والأديب محمّد علي طه

محمّد علي طه
نُشر: 17/12/20 13:56,  حُتلن: 19:04

افتخرتُ، قولًا وكتابةً، في محاضرات ومقالات وندوات في محافل عديدة، بهذه الأقليّة القوميّة التي خلّفتها النّكبة كالأيتام على موائد اللئام، مائة وخمسين ألف عربيّ معظمهم من القرويّين الأميّين، يعيشون في حصار اقتصاديّ وثقافيّ وعلميّ وقوميّ وسياسيّ، فاجترحوا ملحمة البقاء والصّمود، وصارت اليوم مليونًا ونصف المليون عربيًا فلسطينيًّا فيهم مجموعة نيّرة من العلماء الّذين وصلوا الى العالميّة، ومن الأطبّاء والصّيادلة ذوى الخبرة الواسعة والمراكز العلميّة الهامّة، ومن المحامين والقضاة والمهندسين والمحاسبين الّذين يشار اليهم بالبنان، ومن الفنّانين البارزين في المسرح والسينما والموسيقى والغناء، ومن رجال الأعمال النّاجحين ومن الرّياضيّين الّذين يحتلّون الصّف الأوّل في هذه البلاد، ومن الأدباء والشّعراء والباحثين الّذين أغنوا الحركة الثّقافيّة الفلسطينية والعربيّة، ومن العمّال المهرة والنّقابّيين الباسلين، ومن عشرات آلاف الطّلاب الجامعيّين في جامعات البلاد والخارج وبخاصّة الطالبات المتفوّقات في المواضيع العلميّة وكلّيّاتها ومن المناضلين والسّياسيّين.. وأرجو أن تعذروني فهناك ميادين أخرى لا تتسع إليها هذه المقالة القصيرة جدًّا إلا أنّني أردّد ما قاله الشّاعر الأمويّ الفرزدق:

أولئك آبائي فجئني بمثلهم
اذا جمعتنا يا جرير المجامع

ولولا احترامي لذلك العقل الكبير الخليل بن أحمد الفراهيديّ لكسرت الوزن وبدّلت كلمة "آبائي" بكلمة "قومي" واعتقد أن الخليل لو عاش في زماننا وفي هذه الأيّام لسبق الأمريكان والرّوس والألمان باختراع لقاح ضد الكورونا!

اتهمني قارئ عزيز بأنّني أذكر الصورة الجميلة المشرقة من شعبنا وأتجاهل الوجه الآخر للعملة فمثلًا لماذا لا أكتب أنّ نسبة سائقينا الشّبّان في حوادث الطرق تفوق ال 35% بينما نحن 18-20% من السّكان ونحن أكثر من ينفق أموالًا على شراء الأسلحة النّاريّة فقد امتلأت بيوتنا بالرّشّاشات والبنادق والمسدّسات والقنابل والصّواريخ، وقد قتلنا في هذا العام وحده ما يزيد على مائة شاب في عمر الورد لأسباب تافهة كما أنّنا الأوائل في قتل النساء وأن 47% من السّجناء الجنائيّين في البلاد هم من هذه الأقليّة المتميّزة و50% من الأولاد الفقراء في إسرائيل هم عرب و86% من العائلات الّتي تواجه أزمة اقتصاديّة بسبب جائحة الكورونا هي عائلات عربيّة. ومن المقلق جدًّا أنّ 25 بلدة حمراء ينتشر بها وباء الكورونا هي بلدات عربيّة من أصل 27 بلدة حمراء في البلاد كلّها.
ونحن وطنيّون وقوميّون وندعم شعبنا الفلسطينيّ لنيل استقلاله وإقامة دولته المستقلّة وعاصمتها القدس ولذلك كنّا من أوائل المطبّعين مع الامارات فقد هرولنا بعشرات الألوف الى دبيّ. ألم يقل الأمريكان والأمراء العرب أنّ التّطبيع مع الصّديق نتنياهو خطوة هامّة من أجل استقلال وحريّة الشّعب الفلسطينيّ؟
وسألني قارئ غيور على "واقعنا": لماذا لا تكتب عن المجرمين والأجرام وعن العنف المنتشر في مجتمعنا عسى أن يرتدعوا؟ فأجبته: يا عزيزي كتبت عدّة مقالات ولكن هؤلاء النّاس لا يقرؤون لا يقرؤون، ولا يحترمون الكلمة، ولا وقت عندهم للقراءة!!

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة