الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 20:01

منصور عباس ونظرية "خالف تعرف"

بقلم:أحمد حازم

احمد حازم
نُشر: 18/12/20 17:51,  حُتلن: 03:10

تذكرني السلوكيات السياسية لمنصور عباس (الإسلامي الجنوبي) بالتصرفات المثيرة للجدل للرئيس الليبي معمر القذافي، الذي كان يمارس السياسة على طريقة "خالف تعرف" لدرجة أن الرئيس المصري الأسبق أنور السادات قال عنه "ده واحد مجنون". لكن هذا المجنون أشغل العالم" بهلوساته" السياسية وذاع صيته في العالمين العربي والغربي. فللمرة الأولى في تاريخ الصراع العربيـ الاسرائيلي يقدم زعيم عربي على إتاحة الفرصة أمام الإسرائيليين للاطلاع بلغتهم العبرية على مواقفه وتصريحاته السياسية تجاه القضية الفلسطينية وكيفية إيجاد تسوية سياسية شاملة، حيث أقدم القذافي على خطوة نادرة بإضافة اللغة العبرية إلى موقعه الرسمي والشخصي الذي دشنه في العام 2002على شبكة الانترنت. وكانت خطوة القذافي غير مسبوقة من جانب زعيم عربي. خالف تعرف.
القذافي خرج عن الإجماع العربي فلسطينياً في العام 2000 واقترح ذات يوم حلاً نهائياً للصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال تأسيس دولة ثنائية القومية فلسطينية ـــ إسرائيلية على كافة أرض فلسطين التاريخية تحمل اسم (إسراطين). لكن اقتراحه ذهب في مهب الريح. خالف تعرف.
أنا لا أسمح لنفسي أن أصف ما يقوم به منصور عباس بــ"هلوسات" لكن ليعذرني الحاكم الفعلي للحركة الإسلامية الجنوبية القول أن ممارساته هي فقط مجرد (مشاكسات) مثيرة للجدل تهدف تسليط الإعلام على شخصه من خلال أسلوب "خالف تعرف" الذي كان يتبعه القذافي.
ما يفعله منصور عباس محلياً يشبه إلى حد كبير ما فعله القذافي محلياً وعربياً. المعروف أن العرب يكرهون نتنياهو ويتمنون إسقاطه اليوم قبل غد، إلا أن منصور عباس غير يقتنع بهذا المطلب وله رأي آخر. بالضبط خالف تعرف. ففي منشور له عبر فيسبوك، دافع عن نتنياهو بالقول:" "يجب أن لا يكون سقف الطموحات متعلقاً بإسقاط شخصية ما، وأنه لا بد من تغيير السياسات وإنجاح مطالب المجتمع العربي"
وفلسف عباس موقفه بطريقة أخرى وعلى نفس أسلوب "خالف تعرف" بقوله:" أنه مع إسقاط السياسات العنصرية، لكن الواقع يفرض التعامل مع الموجود وليس مع المرغوب، مشيرًا إلى أن إسقاط نتنياهو هو مجرد شعار انتخابي وليس هدفًا للعمل البرلماني".. كما نقلت عنه قناة 12 العبرية. وبالرغم من وجود معارضة لنتنياهو حتى من داخل حزبه "الليكود" ويفضلون تغييرهن إلا أن منصور عباس لا يعجبه كما يبدو ذلك.
وبحسب القناة العبرية السابعة قال منصور عباس : "لا يوجد بديل آخر تقريبًا لنتنياهو وسيعود للقيادة ربما بالشراكة مع بينيت، في آخر 7 حكومات كنا نأمل أن يحل محله أحد آخر، وهذا لم يحدث". ومن المفترض أن تكون قيادة الليكود مسرورة لتصريحات عباس. لكن ما أعلنه بعض قادة الليكود من ردود فعل على مواقف عباس يثير الإستغراب. فقد رفض ميكي زوهار رئيس كتلة الليكود في الكنيست، التعليق على تصريحات عباس واعتبرها لا قيمة لها. وقال زوهار في تصريحات لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إن الليكود لن يجلس مع القائمة المشتركة لأنها تشكل خطورة على أمن إسرائيل.
القناة السابعة الإسرائيلية نقسها ذكرت أيضاً ،أن نفتالي بينيت رئيس حزب "يمينا" رفض رفضا قاطعا اقتراح الليكود بدخول الحكومة مقابل ثلاث حقائب. وقال حزب يمينا: "بدلاً من القلق بشأن العاطلين عن العمل وكسب لقمة العيش، يبحث نتنياهو عن حكومة مشتركة مع منصور عباس.
رئيس لجنة المتابعة العليا الصديق محمد بركة (أبو السعيد) ، كان في منتهى اللياقة عندما تطرق إلى ممارسات عباس خلال مقابلة مع تلفزيون العرب، ولم ييعرب عن غضبه لتصريحات عباس بل قال بدبلوماسيته الهادئة والهادفة وعلى طريقة (الشاطر يفهم):" اجتمعت بمنصور عباس وأوضحت له انه من حقه ان يجتهد في الاطار الوطني كما يريد، لكن ان يحتكم للمرجعية التي اختارها هو ضمن القائمة المشتركة".
أعترف بأن منصور عباس حقق هدفاً من خلال سلوكه السياسي وهو: تركيز الأضواء عليه على الصعيد العربي كونه خرج عن الخط السياسي االعام للقائمة المشتركة بتقربه من نتنياهو فأأصبح بذلك الحديث الدائم للجمهور العربي، لكن سلبياً، وأيضأ استطاع جلب أنظار الناخبين اليهود إليه بمواقفه الداعمة لنتنياهو فأصبح إسمه على لسان الكثير من اليهود.
ويبدو بكل وضوح أن منصور عباس يتصرف بعكس زملائه في المشتركة، وهو الذي من المفترض به أن يتصرف سياسياً حسب برنامج المشتركة المتفق عليه. لكنه فضل طريقة "خالف تعرف" أي التغريد خارج سرب المشتركة. والسؤال المطروح: لماذا يتصرف عباس بهذه الطريقة المرفوضة من المشتركة ومن الجماهير العربية؟ سؤال بحاجة إلى جواب.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com     


مقالات متعلقة