الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 04:01

ترامب.. معتوه "انقلع" إلى غير رجعة

بقلم:أحمد حازم

احمد حازم
نُشر: 20/01/21 09:21,  حُتلن: 13:31

تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية لغالبية الشعوب في العالم الدولة المثالية للديمقراطية، والبلد الأقضل في العالم للعيش فيه برفاهية وسعادة. هكذا يعتقدون، وهكذا يقولون. حتى أن البعض ممن يحب أمريكا حباً جماً، وصل به الأمر إلى وصفها بأنها بلد الإمكانيات غير المحدودة.
هذا البلد المثالي في ديمقراطيته (؟ّ!) شهد في السادس من الشهر الحالي حدثاً قلب الصورة الأمريكية رأساً على عقب من ذهنية المخدوعين بأمريكا ديمقراطياً.فقد شهدت العاصمة واشنطن في ذلك اليوم حدثاً استثنائياً غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة، لأنه كان صادماً بكل معنى الكلمة، ليس للأميركيين فحسب، بل لكل شعوب العالم. ففي ذلك اليوم قامت مجموعات من (زعران) الرئيس ترامب باقتحام مبنى الكونجرس، واستهداف النواب والشيوخ أثناء اعتماد نتائج فوز جو بايدن بالرئاسة الأمريكية.
أفراد مدججون بالسلاح منهم مقنعون وغير مقنعين، ينتمون حسب المعلومات الأميركية، لعصابات يرعاها ويدعمها الرئيس الأرعن ترامب المنتهية ولايته، مثل عصابة " الأولاد الفخورين" و " "كيو إي نون" وغيرها من الميليشيات التي تنشط في كافة الولايات الأميركية، والتي تفتخر بالجنس الأبيض، وتحتقر كل الأجناس الأخرى، وتمتلك جميع أنواع الأسلحة في إطار القانون الأميركي الذي يسمح لها بذلك. هؤلاء قاموا بمهاجمة مبنى الكونجرس بأمر من سيدهم ترامب الذي لم يعجبه فوز بايدن، وضرب بالديمقراطية عرض الحائط، وأراد بالقوة البقاء في الحكم فترة أربع سنوات أخرى لكنه فشل في ذلك.
ويبدو أن السيدة الأولى في البيت الأبيض ميلانيا ترامب، لم يعجبها تصرفات عصابات زوجها في مبنى الكونجرس. ففي خطاب الوداع الذي ألقته أول أمس الإثنين أمام الشعب الأمريكي، قبيل استعدادها لمغادرة البيت البيت، قالت ميلانيا ترامب وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية:" افعلوا كل ما تفعلونه بشغف، لكن تذكروا دائما أن العنف لا يكون أبدا الحل، ولن يكون أبدا مبررا".
من شاهدة صورة العصابات المسلحة وهي تعيث فساداً في مبنى الكونجرس، يعتقد في الوهلة الأولى أن هذا الحدث حصل في إحدى جمهوريات الموز، وليس في بلد يدعي زوراً وبهتاناً انه بلد الديمقراطية. الرد على ترامب كان سريعاً وصحيحاً. فقد صوت مجلس النواب الأميركي بالأغلبية في الثالث عشر من الشهر الجاري على عزل ومحاكمة الرئيس الأميركي ترامب، ومجلس النواب الأمريكي اتهم ترامب مرتين بالخيانة العظمى، وهو أول رئيس في تاريخ الرئاسات الأمريكية توجه إليه مثل هذه التهم.
منذ تولي الرئاسة الأمريكية، أساء ترامب علاقته مع وسائل الإعلام ووجه إليها اتهامات بالكذب، فكان لا بد وأن تكون هذه الوسائل أكثر انتقاداً له من ذي قبل. ورأى ترامب في وسائل التواصل الاجتماعي بديلاً عنها، خصوصا منصة (تويتر)، حيث يعترف ترامب مشيداً بها: "لولا (تويتر) ما كان لي الوصول إلى الرئاسة الأميركية في انتخابات 2016". وقد وصل عدد متابعي ترامب حتى مطلع هذا العام حسب المعلومات المتوفرة،88 مليون شخص في مختلف دول العالم،
لكن العلاقة بين ترامب و "نويتر" تغيرت كلياً، حيث انقلبت عليه منصة "نويتر" بشكل فاجأه كثيراً. فقد حظر (تويتر) نهائيا حساب ترامب، مسجِّلا بذلك سابقة كأول رئيس دولة في العالم يحظر حسابه، وبعد ذلك أقدمت منصَّات (فيس بوك، ويوتيوب، وإنستجرام) بحظر حسابات الرئيس الأميركي في شهره الأخير في البيت الأبيض. وسبب ذلك واضح جداً وهو: تحريض ترامب لعصاباته بالزحف على الكابيتول.
صحيح أن ترامب قد ذهب بلا عودة، لكنه اتخذ مجموعة قرارات سلبية على الصعيد المحلي، يصعب على الرئيس الجديد بايدن إبطال مفعولها، ولا سيما تلك المتعلقة بالقضاء, وحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية فإن ترامب أصدر قرارات أحدثت تغييرات كبرى في النظام القضائي الفيدرالي، حيث عمد إلى تعيين ثلاثة قضاة محافظين مدى الحياة في المحكمة العليا. كما عين الرئيس الأمريكي أيضا مائتي قاض في المحاكم الفيدرالية، وجميعهم لهم انتماءات مرتبطة بالحزب الجمهوري والمحافظين. وهذه الخطوة، وعلى ذمة الصحيفة، سترسخ نزعة القضاء المحافظة على قوانين البلاد، خاصة تلك المرتبطة بالحريات الفردية.
غالبية دول العالم وشعوبها ارتاحت الآن من ذهاب ترامب. لكن بعض الدول الدكتاتورية ودول في الشرق الأوسط مثل إسرائيل ودول خليجية كان بودها أن يبقى ترامب ماسكاً السيف يلوح به دفاعاً عن هذه الدول. وأول الباكين على ذهابه حليفه نتنياهو، الذي تلقى منه خدمات لم تتلقاها إسرائيل أبداً من الولايات المتحدة منذ تأسيس الدولة العبرية، مثل الإعتراف بالقدس كاملة عاصمة لإسرائيل، وضم مرتفعات الجولان، وبأحقية إسرائيل في بناء المستوطنات والاعتراف بها، وضم أراض فلسطينية، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس وغير ذلك.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

مقالات متعلقة