الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 17:02

بليــــــغ النَّغــــم(3)

سيمون عيلوطي

سيمون عيلوطي
نُشر: 03/03/21 17:53,  حُتلن: 19:30

بليــــــغ النَّغــــم: قراءة جديدة في تجربة بليغ حمدي الفنيَّة والانسانيَّة(3) - (نجاة الصغيرة تحجب "العيون السُّود"، وتقاضي بليغ حمدي)

من المعروف أنَّ المطربة نجاة الصغيرة تعاونت خلال انطلاقها في عالم الغناء مع العديد من الملحِّنين، غنَّت من ألحان محمَّد عبد الوهَّاب، رياض السُّنباطي، كمال الطَّويل، محمَّد الموجي، محمود الشَريف، الأخوين رحباني، وغيرهم، غير أنَّ الموسيقار بليغ حمدي، كما جاء في الحلقة السَّابقة، هو من شكَّل شخصيَّتها الفنيَّة، وبلور طريقة شدوها، وكان إضافة إلى ذلك، مِنْ أهم الملحِّنين الذين خلّدوا أسطورتها، ما جعلها تقف شامخة إلى جانب معاصراتها في عالم الطَّرب، وتصمد أيضًا في منافسة غيرها من المطربات اللواتي أثبتنَ حضورهنَّ في المشهد الغنائيّ، وتتخطاهنَّ في بعض الأحيان.
والحقيقة أنَّ وصول هذا الملحِّن الشَّاب، وهو لم يزل في الخامسة والعشرين من عمره، إلى قمَّة الهرم الغنائيّ العربيّ، أم كلثوم، كان بمثابة المعجزة التي لم تجعل نجاة تخرج عن طورها خوفًا من أن تفقد ملحِّنها فحسب، بل أربك الوسط الفنِّي في مصر برمَّته، وجاء وقعه على كبار الفنانين مدوِّيًا، إذ كيف تُغنِّي أم كلثوم من تلحين "ابن مبارح"، وتتجاهل عمالقة التَّلحين في مصر والوطن العربيّ؟!... عبد الوهَّاب أرسل لأم كلثوم من يبلغها عن رغبته بالتَّعاون معها، غير أنَّ اللقاء بينهما لم يتحقَّق إلَّا بعد أن تدخَّل عبد النَّاصر وطلب شخصيًا من "السِّت" أم كلثوم أن تغنِّي من ألحان الوهَّاب، فكانت "أنت عمري" سنة 1964، بداية التَّعاون المثمر بين هذين القطبين الكبيرين، الوهَّاب والسِّت.
من جهة أخرى: فإنَّ محاولات فريد الأطرش مع أم كلثوم، وحثِّها على أن تغنِّي من ألحانه، لم تتحقَّق، وذلك كما يرى فريد بسبب موقف كوكب الشَّرق من شقيقته أسمهان، لاعتقادها أنَّ شقيقتي كانت تنافسها على الصُّعود إلى قمَّة الغناء العربيّ. هذه المسألة الشَّائكة في تاريخ الغناء في مصر، تحتاج إلى معالجة خاصة، قد أعود إليها ذات يوم.
أما بخصوص ما نحن بصدده، أنوِّهَ أنَّ التَّعاون الذي تَمَّ بين بليغ حمدي والسِّت أم كلثوم؛ لم يَرُق لرياض السُّنباطي لاعتباره أنَّه هو صاحب حق الامتياز الأوَّل في التَّلحين لها بعد محمَّد القصبجي، وزكريَّا أحمد، ما جعله يخرج عن وقاره المألوف، ويذهب للسِّت قائلًا: "هوَّ في أيه يا ست... ده انتي هتجري ورا عيال ولَّا إيه؟". (يقصد تعاونها مع الموسيقار بليغ حمدي، والشَّاعر عبد الوهَّاب محمَّد في انجاز أغنية "حُبِّ إيه")، فقالت له السِّت: "تعال شوف العيال دول عملو إيه".

(مقطع من حبِّ إيه، مثلًا)

بالعودة إلى موضوعنا: فإنَّنا حين ننظر إلى علاقة الثُّنائي، المكوَّن من بليغ ونجاة، نراها تتراوح دائمًا بين مدٍّ وجزر، تشوبها رغم المحبة خلافات تصل أحيانًا حدّ القطيعة، ثمَّ ما تلبث أن تعود علاقتهما إلى الانسجام والوئام كما كانت، وأكثر.
اسجِّلُ هنا: أنَّ الخلاف الحاد الذي وقع بين هذا الثُّنائيّ الجميل سنة 1960، ووصل الى حرب كلاميَّة؛ تناقلته وسائل الإعلام في حينه بشكل واسع، بسبب "حُبِّ إيه"، انتهى وزال تمامًا بمجرد اتِّصال الموسيقار الكبير، حمدي، بالمطربة الصغيرة اسمًا، والكبيرة قدرًا، إلَّا إنَّ خلافهما عاد من جديد، ولكنَّه هذه المرَّة كان أشد وأعنف من سابقه، ولم يحسم إلَّا بالقضاء.
(يتبع)

 موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان alarab@alarab.com 


مقالات متعلقة