الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 00:01

رحيل الأستاذ/ محمد عوض الله – الرجل الصادق والمربي الكبير!!-بقلم/ نعمان فيصل

نعمان فيصل
نُشر: 18/03/21 00:15

رحل اليوم الرجل المؤمن الصادق الصدوق ومربي الأجيال الشيخ/ محمد محمود عوض الله إمام مسجد أبي بكر الصديق الشهير بـ (الشنطي) بحي النصر في مدينة غزة ردحاً طويلاً من الزمن، كان رحمه الله رجلاً خلوقاً مهذباً وعالماً متضلعاً في اللغة العربية، فقد أهداني في عام 2009 كتابه في النحو: (اللمع البهية في قواعد اللغة العربية)، وعرفت منه أنه درّس والدي المرحوم عبد الهادي فيصل في مدارس الشجاعية في خمسينيات القرن العشرين.
عرفته عن قرب، والتقيته كثيراً وكانت فرصة للتحدث عن أحوال شعبنا بصورة عامة، وعن مسيرته الحافلة بصورة خاصة، وكان لي شرف الكتابة عنه، والإشادة بدوره في كتابي: (أعلام من جيل الروَّاد من غزة هاشم) الذي صدر عام 2010 - وهو جهدي المقل – ولعل من المفيد أن أقدم للقارئ الكريم غيضاً من حياة المربي الكبير محمد محمود عوض الله، حيث ولد في قرية حمامة قضاء غزة في 9 أيلول/ سبتمبر 1932، وهجِّرت أسرته تحت تهديد السلاح عام 1948 إلى غزة، ودرس علومه الأولية في قريته وفي المجدل، ثم سافر عام 1946 إلى مصر لإكمال دراسته في الأزهر الشريف، وبعد أن حاز فيه على شهادة القسم العام عام 1949 التحق بكلية الشريعة بالأزهر نفسه، وحاز على الشهادة العالية عام 1953. وكان لديه طموح في إكمال دراساته العليا إلا أن وفاة والده حالت دون ذلك، فاضطر للعودة لرعاية أسرته؛ وكانت غبار النكبة يملأ حلوقهم ويعشى أبصارهم.
بدأ الأستاذ محمد عوض الله حياته العملية في 5 أيلول/ سبتمبر 1953 معلماً للغة العربية في مدرسة الزيتون الإعدادية للاجئين في الفترة المسائية، وفي نفس الوقت مارس التدريس في كلية غزة الثانوية لمدة ستة أعوام في الفترة الصباحية، وكان معلماً من قمة رأسه إلى أخمص قدميه، وهو يبث علمه الغزير في جود وسخاء، كالشجرة الكريمة تجود بالعطاء في غير منّ ولا استعلاء.
في 4 أيلول/ سبتمبر 1956 رُقى ناظراً لمدرسة الشجاعية الإعدادية للاجئين، ثم انتقل ناظراً لمدرسة البريج الإعدادية، ومكث في ربوعها أربعة أعوام، وفي أواخر 1964 عُين مراقباً عاماً في دائرة التعليم بالوكالة (مشرف على عدد من مدارس اللاجئين) إلى أن اختير في أواخر 1968 مراقباً لمادتي اللغة العربية والتربية الإسلامية لكافة مدارس وكالة الغوث في قطاع غزة، واستمر على ذلك ثلاثة عشر عاماً.
وفي آخر عام 1980 عُين مساعداً لرئيس مركز التطوير التربوي في وكالة الغوث، ثم رئيساً له لفترة وجيزة إلى أن اختير نائباً لمدير دائرة التعليم ومديراً للتعليم المدرسي خلال الفترة (1983-1988).
غدا الأستاذ محمد عوض الله لي ولكل من عرفه أو سمع عنه مثلاً يحتذى، وقدوة حسنة لكل من نذر نفسه وجهده وعمره لخدمة الوطن.
في نيسان عام 1988 أُحيل للتقاعد المبكر بناء على طلبه، لكنه لم يخلد إلى الراحة والسكون، واستمر في العمل والعطاء في شتى الميادين فاغتنم وقته في العبادة والتدريس والتأليف، فكان يقرأ الدرس العام أسبوعياً في مسجد أبي بكر الصديق (الشنطي) في حي النصر بغزة، وكذلك في المناسبات الدينية وبخاصة في شهر رمضان الكريم بعد صلاتي الفجر والعصر، وإلقاء العديد من دروس التقوية للوعاظ والخطباء في اللغة العربية.
عاش - رحمه الله - تجربة قاسية بعدما قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزله الوحيد، أثناء عدوانها الغاشم على مدينة غزة الذي بدأ في 27 كانون الأول/ ديسمبر 2008.
أثرى المربي محمد عوض الله المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات القيّمة ومنها: (اللمع البهية في قواعد اللغة العربية – مطبعة مكتبة دار الأرقم - الطبعة الأولى 1999- الطبعة الثانية 2003، القضية الفلسطينية دراسة واقتراحات للحل - مطبعة مكتبة دار الأرقم 2006، دروس فقهية الجزء الأول - مخطوط، دروس فقهية الجزء الثاني - حرق أثناء العدوان الإسرائيلي في كانون الثاني/ يناير 2009 وقام بإعادة كتابته من جديد).
توفي المربي الكبير محمد عوض الله إلى رحمة الله تعالى يوم الأربعاء الموافق 17 آذار/ مارس 2021م، تغمده الله بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته، وأدخله في زمرة عباده الصالحين
 

مقالات متعلقة