الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 15:02

قادرون ولكن نحتاج للحوار

بقلم: هاني نجم

هاني نجم
نُشر: 12/08/21 07:48,  حُتلن: 11:56

يعتقد البعض ان مجتمعنا حتى لو امتلك بعض من القدرات والطاقات الشخصية او الجماعية سيبقى ضعيفا امام حجم التحديات الكبيرة التي تواجهه على الصعيد السياسي الاجتماعي والاقتصادي وبذلك يبثون الشعور باليأس والدعوة للاستسلام للاحوال القائمة ولتشجيع التفكير بالذات والانجازات الفردية مع الانعزال عن المسؤولية المجتمعية والشعبية .


والاخطر من هذا النهج في التفكير, ذلك النهج الذي ينظر الى مجتمعنا بكل مركباته بنظرة سلبية في كل المواضيع فاقدا الثقة بذاته , ببيئته وبافراده كافة .
الحقيقة مختلفة تماما عن وجهات النظر المطروحة والتي تفضل الاستسلام والانهزام امام تحديات تواجه مجتمع يتعامل معه النظام بتمييز فوقية وعنصرية في كل المجالات وبالرغم من المواطنة وكونه صاحب الارض والبلاد الاصلي يعتبر من مجموعة الاغلبية تهديدا ديموغرافيا وامنيا على الدولة والمجموعة الحاكمة .


السؤال الاساسي وبتحليل تاريخي هل مجتمعنا قادر للتعامل مع التحديات لبناء الامل والنجاح ام ان التاريخ يثبت انه مجتمع فاشل يتجه نحو الهاوية دون اي امل ؟


ساحاول وبشكل مختصر سرد سريع لما حدث في مجتمعنا منذ عام 1948 حتى اليوم من اجل وضع قاعدة موضوعية سليمة تكون اساسا لتقييم قدرات مجتمعنا .
مجتمع سلبت منه اراضيه ودولته في سنة 1948 وتم تهجير نحو 65% منه من بلدانهم ومراكز حياتهم لتبدء نكبة شعب كامل ,وفرض عليه حكم عسكري لمدة 18 عاما حتى 1966 وسياسات تمييز وتضييق وترهيب ومصادرة أراضي لتتوج بمظاهرات وثورة يوم الأرض سنة 1976 , مجتمع كان صاحب اكثر من 95% من الارض اصبح يملك ما يقل عن 3.5% منها من خلال سياسات مصادره وتهجير متعدده عبر السنوات , مجتمع يتم أبعاده بشكل ممنهج عن منابر ومراكز التأثير ليبقى هامشيا وخاضعا لرغبات وتقييمات المؤسسه والاغلبيه الحاكمه , مجتمع مع كل حمله عسكريه أو انتفاضه شعبيه منذ سنوات ال 70 حتى اليوم ينظر اليه كعدو وترتفع نداءات الموت ضد ابنائه والتهديد والوعيد للتضييق عليهم في حياتهم علمهم وعملهم , مجتمع استمرت ضده سياسات التمييز والظلم في حقبات زمنيه مختلفه مع محاولات السلطه في بعض المواقع استعمال سياسات العصا والجزره محاولة ترويض المجتمع الفلسطيني الذي يعيش في إسرائيل لينسى انتمائه الوطني وليوافق ان يبقى مواطن درجه رابعه في الدوله (اليهود الشرقيون والاثيوبيون – درجه ثانيه وثالثه بنظرة المؤسسه) ,مع سن قوانين عنصريه وسياسات تهميشيه توجت بقانون القوميه وكامنتس وغيرهم .
مجتمع تنازلت عنه بشكل معلن وممنهج منظمة التحرير الفلسطينيه في المفاوضات التي تداولتها مع اسرائيل منذ الاتفاقيات الاولى في سنوات ال 90 ,مجتمع في سنة 2000 انتفض مناصرا للأقصى والقيامه مطالبا بحقوقه كمجموعه وطنيه بالاضافه لحقوقه المدنيه فواجه سياسة تعسفيه أعطت الأوامر لاطلاق الرصاص الحي على المتظاهرون في الشوارع ليسقط شهداء في المناطق المختلفه , مجتمع قررت الدوله فرض نظام دراسي وقوانين ظالمه وتضييق مناطق السكن والعمل وتقليص الميزانيات والمساعده على نشر العنف والفقر والتهديد الحياتي اليومي من اجل ان ينسى مطالبه الوطنيه وانتمائه لشعب وتاريخ وليكون همه الأول الامن ومكافحة العنف طالبا من جلاده ان يكون المسؤول عن حمايته من عنف مستشري في بلده وحيه ومن مخدرات وظواهر انحلال انتشرت , مجتمع تم التضييق عليه اقتصاديا , سياسيا , دينيا واجتماعيا محاولين كسر ارادته وتغيير سلم اولوياته لينسى عدالة قضيته وحقيقة قصته وواقع شعبه ومجتمعه متاملين ان ينكسر ويخضع لتبني نهج وفكر المؤسسة وليبقى مواطن درجة رابعه مع حقوق منقوصة شاكرا الحاكم وموافقا على ما يريد ,
مجتمع ما زال يخشى خطط التهجير والانفصال من خلال مجموعة سياسيين ما زالت تنادي بسياسات الترانسفير والأبعاد والانفصال توجت بخطة القرن التي طرحها الرئيس الامريكي السابق ترامب والتي لاقت دعما في قطاعات كثيره بالمجتمع اليهودي والدولي , مجتمع تعيش غالبية عائلاته تحت خط الفقر وبمناطق سكن فيها كثافه سكانيه وتنقصها المقومات الاساسيه لحياه هنيئه ولبيئه ايجابيه , مجتمع بلداته وسلطاته المحليه فقيره تنقصها المواصلات ومناطق الصناعه ومشاريع الزراعه والنمووالتطور , مجتمع أكثر من 40% من شبابه بجيل 18 حتى 23 عاما لا يعملون ولا يتعلمون ولا يجدون اي اطار ليحتويهم فيحمطهم الفراغ ويحتل عقولهم اليأس ليضعف بعضهم متنازلين لعالم السموم او العنف او الربح السريع الغير شرعي مشكلين خطرا على انفسهم عائلاتهم ومجتمعهم .
مجتمع وبالرغم من كونه 20% من المواطنين لكن الدوله ترفض اقامة جامعه عربيه في احدى مدنه وتصعب على قبول الطالب العربي الذي يجب ان يتجاوز ليس فقط حاجز التحصيل العلمي العادي بل ايضا حاجز اللغه العبريه في التنافس مقابل الطالب اليهودي الذي يملك العبريه كلغة ام .
في المقابل المجتمع اليهودي في الدوله تكرس له كل الامكانيات للنجاح التقدم والتميز , لايجاد بيئه ايجابيه سكنيه مهنيه تعليميه رياضيه تربويه وغيرها , مجتمع يشعر بانتمائه للدوله ورموزها وسياساتها معتبرا ذاته شرعيا وصاحب الحق في التميز والتقدم ومعتبرا العربي درجه رابعه غالبا يمكن قبول التعامل معه ما دام يخضع لسياسة ونهج الحاكم .
لن اطيل اكثر للمقارنه فالفرق واضح , فمجموعة تسحق كل مقاوماتها مع محاولات متكرره لطمس تاريخها وانتمائها وقضاياها العادله وفرض ضروف حياتيه سلبيه تصعب عليها التقدم والنجاح وتجرها لحياه مليئه بالمخاطر العنف الانهزام والضعف واليأس , ومجموعه اخرى تواجه ضروف معاكسه تماما .


وما العلاقه بين كل هذا والسؤال الاول اعلاه ؟
مجتمعنا وبالرغم من كل هذا التضييق اثبت ابنائه جدارتهم , ها هي المستشفيات اكثر من 30% من طواقمها عربا اكثر بكثير من نسبتنا في السكان وها هم ابنائنا الذين يمنحون الفرصه ينجحون ويتميزون في مجالات القانون والهندسه والصيدله والاداره والبنوك وغيرها , وها هم بناتنا وابنائنا يندمجون في الجامعات ويتفوقون بنجاحات وانجازات علميه رائعه بالرغم من تضييق سوق العمل عليهم وها هم عمالنا الكادحون يتقنون عملهم في مجالات البناء والصناعه والزراعه وغيرها من المهن حين تعطى لهم الفرصه , متفوقين بذلك على غيرهم وها هم رياضيونا يمتازون دوليا ويبرزن حين تعطى لهم الفرصه لذلك , وها هم ادبائنا وكتابنا يبدعون في الكتابه والشعر وها نحن ننشط لنتعاون في فترات الازمات وحين نجد عائله او مجموعه تحتاج دعما ماليا او معنويا لان معدننا طيب يحب الخير والعطاء ,وها هو مجتمعنا بالرغم من كل محاولات طمس انتمائه وهويته منذ سنة 2000 انتفض وغضب وشارك في ثورة الكرامه في 5/2021 رافضا الخضوع والانهزام .
مجتمعنا قادر وفيه كثير من الخير والقدره على التغيير , بالرغم من ان الظروف التاريخيه والموضوعيه ليست سهله الا انه يمكننا ان نقفز وننهض وننجح , الامر ليس حديث رومانسي لتمنيات , الامر واقعي جدا , نحتاج كشرط اول ان نزيد الثقه بذاتنا كافراد وبمجتمعنا كمجموعه , نحتاج ان نفكر سوية ان نقيم الماضي والحاضر وان نخطط للمستقبل معا نحتاج ان نتحاور بادب واحترام دون تقزيم او تخوين او تهديد حتى لو اختلفنا بوجهات النظر , يصغي احدنا للاخر محترما عقائده ومشاركا من منطلق رغبته في زيادة افق المعرفه له وللاخرين , قابلا ان يتغير ومستعدا ان يعمل على ان يغير الاخرين بالاقناع والموده دون اكراه او تهديد , نحتاج ان نزيد معرفتنا وثقافتنا وخبرتنا بشتى المواضيع علميه , عمليه , صحيه , اقتصاديه , قانونيه , تاريخيه , سياسيه , رياضيه , فنيه , ادبيه , نفسيه وغيرها الكثير ..., ان نساعد ونعزز مواهب وطاقات افراد مجتمعنا , ان نتشارك المعلومات ونفكر ونناقش بشكل موسع وشامل لنتعاون على رسم افض صوره ولاختيار افضل المسارات والأفكار للانطلاق بمشروع التغيير , والبدايه تكون من اطلاق مبادرات حوار تشبيك تعارف وثقافه متبادله .
قريبا مجموعه من أبناء مجتمعنا من كافة الاطياف والانتماءات ستلتقي لاجراء عصف ذهني للتفكير والتعاون معا للتخطيط لاطلاق مبادرات تعزز الخطوه الأولى المطلوبه للحوار متأملين ان تكون الشعله لبداية التغيير المجتمعي المنشود لاعطاء الامل والفرصه لافراد مجتمعنا الانطلاق والنجاح وذلك لانهم قادرون ولان مجتمعنا قادر , من يرغب الانضمام مدعو لمتابعة المنشورات والتواصل مع افراد المجموعه .

– الناصرة

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة