الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 02:02

ودعنا الأقلام

بقلم: يوسف حمدان

يوسف حمدان
نُشر: 12/09/21 19:09,  حُتلن: 19:10

في ماضي الأيامْ

كنّا نكتبُ بالحبرِ السائلِ
من نافورات الأقلامْ..
كنا نتفننُ بالخطِّ الأسودَ
والأخضرَ والأحمرْ
أحياناً نكتب علقم..
أحياناً نكتب سُكّرْ
نكتب أزهاراً تتبسمُ
للوادي والعشب الأخضرْ
نرسمُ بالألوانِ بلابلَ
تتَخَطَّرُ جذلى
بين زهورِ اللوزِ
ورائحةِ الزعترْ..
نكتبُ أحياناً في ضوءِ الشمسِ
وأحياناً في ضوءِ سراجٍ يسهرْ
نسكبُ بعض هواجسنا..
نكتب تحت الأشجار رسائل حبٍ
ونعطرها بزهورِ الريحانِ وبالعنبرْ
كنا، بيدٍ نسقي الأشجارَ،
وبالأخرى نسقي بالحبر الدفترْ..
أحياناً كنا تكتبُ فوقَ النوْرجِ
حين يدوس سنابلَ قمحٍ
غطت أرضَ البيدرْ..
كنّا نجلسُ فوق سطوحِ الدارِ
ونكتب تحت نجومٍ وقمرْ..
حين تهبُّ الأنسامُ الرخوةُ
نافثةً في الصدر حبوراً ومودةْ،
كنا نُخرِجُ دفترَنا من تحت مخدةْ
ونسجِّل أحلاماً زاهيةً
تسكنها العزةُ والحريةْ..
كنا نكتبُ أشعاراً تتغنى
بالطُهر المتسامي من جدول ماءٍ
يترقرق مبتهجاً بنقاء سماء البريةْ
***
ما أجملَها تلكَ الأيامْ!
لكن الأجواءَ تسيرُ وراءَ الأعوامْ
وصفاءُ الأمسِ يكافحُ
كي يتجنب مزرعة الألغامْ..
هبت عاصفةٌ، فتَعكَّر صفوُ الأحلامْ..
جاءت مستعمرةٌ تنتهكُ الأرضَ البِكرَ
وتكسرُ سيقان الصفصافْ
صار الدفترُ ذكرى عابرةً..
ودَّعنا الدفتر والأقلامْ..
أمسينا نكتبَ بالضغط على لوحات مفاتيحٍ
بالسبابةِ والإبهامْ..
صار الحاسوبُ غنيَّاً عن أي كلامْ
هذا الحاسوبُ
سيصبحُ يوماً قلمَ الأمسْ..
ذات غدٍ قد يكتبُ جيلٌ
من أجيال المستقبلْ:
ما أجملَ أيامَ الحاسوبِ الأول!

- نيويورك

 موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com 

مقالات متعلقة