الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 00:02

جميلة عاصلة والدة الشهيد اسيل عاصلة: أسيل.. كل تشرين واسمك بخير

كل العرب
نُشر: 23/09/10 21:41,  حُتلن: 12:52

جميلة عاصلة:
 

عشر سنوات عانت خلالها قضيه الشهداء من تراكم الشعارات فوق بعضها البعض دون اي فعل او حركة

حاولت ان امشي فلم اجد قدمي ، حاولت ان اصرخ فلم اجد لساني ، فتحت النافذة على مصراعيها كالمجنونة فلم اجد الافق

مؤامرة السلطه تكتمل بمجيء المجلس المحلي ليزيل اسماء الشهداء ويستبدلها باسماء اخرى بعد ان كانت المؤسسه قد محت اسماءهم من سجل الحياه

سيقولون انهم قاتلوا .انهم حموا وطنهم .انهم ماتوا لسبب هام .اما انا فاقول :ان لا شيء يستوجب الموت .ولكن احيانا يصبح موتك الوسيلة الوحيدة لانقاذ الاخرين .ماذا اقول لام فقدت ابنها, او لاخت فقدت اخاها ؟انا لا استطيع اعادتهم الى الحياة مهما بذلت من جهود .لكن لدي القوة لاستحضار ذكراهم كي لا ننساهم . هذه العبارات كانت فحوى رسالة اسيل عبر بريده الالكتروني لاصدقائه من بذور السلام قبل استشهاده .وذلك بمناسبة يوم الارض الخالد سنة ثمانية وتسعين .حيث كان يعي جيدا اننا لا نستطيع ان نعيد الزمن الى الوراء لنسترجع شهداءنا ,لكنه اشار الى مهمة الاحياء في تخليد شهدائهم وابقائهم في ذاكرة ابناء هذا الشعب .

حاولت ان اصرخ فلم اجد لساني
نعم هكذا عشنا مع هذه الكلمات عشر سنوات بايامها ولياليها .لكن ثمة ايام كانت تخرج عن الما لوف .كان اخرها يوم الارض الخالد .ذلك اليوم الذي استفقت فيه من حلم كنت اجد نفسي كلما دست على بلاطة هبطت تحت قدمي .وكلما نظرت الى نافذة اغلقت ,او نجمة انطفات .محاولاتي للنجاة من السقوط كانت متكررة .حيث كنت اشعر ان ثمة يد تمتد لتعترض طريقي ساخرة من قدمي الحافيتين . فكلما حاولت اللجوء الى احد كان ينقلب الى شرطي يعترض طريقي .برق ورعد عصف بقلبي ليلتها .حاولت بعدها ان اخرج من ذلك الكابوس لكنني لم اجد الباب .حاولت ان امشي فلم اجد قدمي .حاولت ان اصرخ فلم اجد لساني .

صباح يوم الارض
فتحت النافذة على مصراعيها كالمجنونة فلم اجد الافق .وهكذا تحقق الحلم بعد ان تجاوزت تلك الحالة وخرجت لاطمئن على ملامح القرية في صباح يوم الارض.حيث الصدمة كانت اكبر من ان تحتمل .فمؤامرة السلطه تكتمل بمجيئ المجلس المحلي ليزيل اسماء الشهداء ويستبدلها باسماء اخرى بعد ان كانت المؤسسه قد محت اسماءهم من سجل الحياه .
نعم ها هي قضية الشهداء تدور دورتها الواسعه في هذه السنوات العشر .وها هي القيادات فد جلست وفي نيتها ترقيع مواقف كانت قد ملأت بالثقوب ,هذا بعد ان ساروا مدة عشر سنوات في طريق كانوا قد راوا فيها ازمة سير لكنهم مع الاسف لم يروا ولم يعرفوا الى اين نحن سائرون .

بقايا ضمير
من هنا ومن منطلق الواقع المرير .كثيرا ما كنت احتضن قضية الشهداء كالام الرؤوم واذهب بها الى كل مكان وذالك خوفا ان يلتقطها قيادي هنا او رئيس مجلس هناك.فها نحن نراهم اكثر من اي وقت مضى وفي كثير من المناسبات يتراكضون الى موائد الذل التي تنتهي باجهاض معظم قضايانا قبل ان تتم شهرها التاسع . سؤال اشغل بالنا كثيرا الا وهو : كم يا ترى عدد هؤلاء ممن دخلوا الى تلك الغرف المغلقه وخرجوا بعدها دون اقنعة واقية او بقايا ضمير يلاقون به وجه ربهم يوم الدين؟
ولكي لا ابعثر التهامات جزافا .اقول: صحيح ان هنالك تفاوتا في المواقف .لكن من المؤكد ان هنالك من يسير وبيده سلة فارغة من القيم .ونحن ندري ايضا جيدا ان عصفورا صغيرا يدخل محركات طائرة قد يعطل سفرها لبضع ساعات او لربما يلغي رحلتها نهائيا .

تراكم الشعارات فوق بعضها البعض
عشر سنوات عانت خلالها قضية الشهداء من تراكم الشعارات فوق بعضها البعض دون اي فعل او حركة من اجل تحقيق العدالة .مما جعل هذه الشعارات اخطر من الشحوم على شرايين ابناء هذا الشعب . من هنا كنت انصح في نهاية هذا العقد وهذه الذكرى ان لا تنام قضية الشهداء في حضن قيادي ليلتين متتاليتن .وذلك لانهم افقدوها بريقها ولان كل واحد يبسط سجادته باتجاه ليصلي عليها .لكن ما يقلق في الامر ان الجميع لا يصلون على سجادة واحدة .فذاك يصلي للشمال واخر يصلي للجنوب .

الصندوق الاسود
عشر سنوات تنتهي وتنتهي معها لغة الكلام .اما انا ساظل هنا انتظر الى حين وصولي الى الدار الاخرة .وبالطبع سأعانق الشهداء لكنني لن استطيع ان اعدهم ان القضية بأيدي امينة .لكني اذكركم واذكر الشهداء بعد حين اننا نحن وليس احد غيرنا سنبقى الصندوق الاسود الذي سيرجع اليه كل من يود معرفة الحقيقة .
جميله عاصله (والدة الشهيد اسيل عاصله )

مقالات متعلقة