الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 20:01

حبيبتي الأولى

بقلم: يوسف حمدان

يوسف حمدان
نُشر: 25/04/21 04:30


حبيبتي الأولى
لا شيءَ يُنسيني حبيبتي الأولى
كانت تصغرني عاما
وكنتُ في السابعةْ..
فجأةً جاءت الفاجعةْ
فأشهروا السياجَ بيننا
وأصبحت رفيقتي حبيبةً ضائعةْ..
***
صرت أرى دارها عبر الحدودْ
صارت ترسل أنوار عينيها بعيداً
كي ترى حول دارنا التفاح والبرتقالْ..
علها ترى شجراتٍ طالما
تأرجحنا معا على أغصانها..
كانت ترى من بعيدْ
حديقةَ الدار التي كانت تعجُّ بالورودْ
كنا نلتقي في كل يومٍ
وكانت كلُّ أيامنا أيامَ عيدْ..
لم أعد أراها.. لم تعد تراني
لم نعد نشرب الشاي في بيت جدتي..
قالوا لنا أن الانكليزَ غادروا
وحلَّ في مكانهم محتلٌ جديدْ..
***
مذ جاء والدي مهرولا إلى دار أختي
على حصانه السريعْ
قائلا: هيا بنا إلى دارنا!
غدا ستوضع الحدودْ
منذ ذلك اليوم
الذي فهمت لاحقاً أنه يوم فظيعْ
لم أعد أرى رفيقتي.. حبيبتي
لم أنس ساعةً من وقتنا معاً..
لم أنس يوماً حينما جلسنا تحت توتةٍ
وعلمتني لعبةَ العريس والعروسْ..
كانت في يديَّ دميةُ العريسْ
وفي يديْها دميةُ العروسْ..
لم أنس دمع أمي كلما طلبتُ
أن أرى رفيقتي
وكان دمعُها يعُضُّ راحتي
كما يعضُّها انفصالي عن رفيقتي..
حزنتُ كلما تذكَّرتُ أمَّها – شقيقتي الكبرى..
أمُّها لم تعد تقدّم الحلوى
كلما رأتنا في فناء دارها..
***
لم تعد تراني.. لم أعد أراها..
توحّدت جذورنا
تفرقت فروعنا..
عشنا معاً طفولةً بهيجةً
لم يُكتبْ لها أن تقودنا سويةً
إلى مباهج الصِبا
لكننا نظلُّ دائماً معا..
كأن البلادَ ظلت في عيوننا
حديقةً وملعبا –
معاً نطيرُ أو نحطُّ كالحمامتينِ
في جنائن السهولِ والرُبى..
صبراً جميلاً يا رفيقتي!
غداً سيغمر السيلُ الزُّبى..
غداً سنحتفي بفجرٍ أبلجٍ
طالما خبا.

- نيويورك

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان alarab@alarab.com


 

مقالات متعلقة