بدون ذرّة واحدة من الخجل، ينطلق عرب السُلطة نحو الانتخابات التمهيدية المُستعِرة: رئيس ما يُسمّى بـ"مدينة الشاغور" أحمد ذباح (شريك شارون سابقًا في البزنس) يريد موقعًا مضمونًا في قائمة "كاديما"، والنائب الليكودي غير اليهودي السابق أيوب القرّا يبحث عن مكان تحت شمس نتنياهو، ومعالي وزير الثقافة غالب مجادلة (الذي استُوزر بفضل ليبرمان) يخوض صراع البقاء في حزب "العمل" الآيل للانهيار. القشور تغيّرت - البذلة استَبدلت العباءة، والحطة استُبدلت بربطة عنق أنيقة - لكن الحال ظلت على حالها؛ السُلطة هي السلطة، وعرب السلطة هم عرب السلطة.وهناك عرب آخرون، محسوبون على القوى الوطنية، يستعطفون معالي الوزير العربي لتشكيل "قائمة عربية". لا تُجهدوا أنفسكم في التنقيب عن الطبقات الأيديولوجية التي تجمع الإسلامي عباس زكّور والقومي محمد كنعان بالوزير الصهيوني التاريخي، ففي سوق الوحدة والعروبة كل المزايدات شرعية، وكل السلع السياسية الفاسدة صالحة للتسويق.وهناك من يواصل اجترار شعارات شعبوية حول "قائمة عربية واحدة موحّدة ووحدوية"، ويعتقد أنه بالإمكان استغفال الناس. فالمواقف ليست مهمة، والممارسة ليست مهمة، والتعدّدية ليست مهمة. المهم هو المواقع والكراسي، وكيف نعيد تقاسُمها بما يُرضي أبو فلان ولا يُزعِل أبو علان لا سمح الله. السلطوي يصبح عروبيًا، والطائفي يصبح وحدويًا، والرجعي يصبح تقدميًا. أما من يتمسّك بمبادئه فيصبح متزمتًا وضيقًا وغير منفتح ولا يريد وحدة العرب المجيدة.الوحدة الحقيقية لا تصنعها الكنيست والانتخابات. الوحدة الحقيقة مطلوبة على أرض الواقع أولا، في الرؤى والتطبيق، قبل الكراسي. // مثقفون نونقد نختلف حول تعريف المثقف وماهية دوره. لكن دعونا نتفق على أمر واحد: على المثقف ألا يكون عاهرًا.. أو على الأقل أن يحاول!المشكلة في مجتمعنا، وتحديدًا في تلك الأوساط التي تعتبر نفسها ثقافية، هي أنّ الشغف بلقب "مثقف" يطغى على الثقافة نفسها وغالبًا ما يناقضها. لأنّ الثقافة سيرورة مركّبة، بطيئة، تراكمية، ومقرونة بالممارسة، من المفروض أن تُكسِب من يخوضها قيمًا أخلاقية كالاستقامة والتواضع والالتزام.محمود درويش كان يقول إنّه حين يكتب يشعر بأنه تافه، إدوارد سعيد كان يفضّل أن يُعرَّف كمثقف وليس كمفكّر؛ وفقط لدى "عرب إسرائيل" يشعر كل مُشترك في "هآرتس" أنه ابن خلدون، وكل من يكتب في نشرة إعلانات محلويّة متأكد من أنه طه حسين، على أقل تقدير، طبعًا دون أن يمنعه هذا من اقتراف مجازر الصرف والنحو، وتشكيلها بكل جهل.ومن الأمراض الثقافية المنتشرة في ديارنا التلوّن والنفاق والانتهازية. فمن السهل أن يتشاطر "المثقف" على جمعية صغيرة للدبكة تطلب حقها من وزارة الثقافة؛ لكن حين يُحتفى بمعالي الوزير في أكبر مسرح عربي في البلاد، ويتمجلس في الصف الأوّل، ويُدعى للإدلاء بقوله الفصل، يصمت "المثقفون"؛ بعضهم يشارك في أدلجة التلحيس "الثقافي" وصياغة التبريرات، والبعض الآخر يتطوّع لتسلية الوزير وحاشيته بعد العرض!وحين يُصنع هذا باسم فلسفة "تلوين الأفق الثقافي"، تكون المحصّلة مشهدًا ثقافيًا مُتلونًا، ورخيصًا.
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio