(1) ـ الصهيونيون الحقيقيون والمُشوِّهون!
المقال الذي نشره عاموس شوكن، مالك صحيفة "هآرتس" ومحررها المسؤول، رداً على عضو الكنيست من حزب "يمينا" (حزب رئيس "حكومة التغيير")، عميحاي شيكلي، هو مقال مهم للغاية، ليس لأنه يحاجج من هو المعسكر الأكثر صهيونية في إسرائيل، بل لأنه يعيد تذكيرنا نحن (أو، من نسي/ يحب أن ينسى من بيننا) بحقيقة جوهرية أساسية في السياسة الإسرائيلية: من هو الصهيوني الحقيقي، الذي يحمي الصهيونية ومشروعها الأساس، ومن هو الصهيوني المُخرِّب، الذي يسيء بممارساته وأفعاله للصهيونية ويخرّب على مشروعها؟ وقد كان آخر من فعل ذلك، بحجج صادقة ومنطقية، ثلاثة كنت قد كتبتُ عنهم في هذا السياق ذاته، مجتمعين وفُرادى (شمعون بيرس، عاموس عوز وبروفيسور شلومو أفينيري).
يكتب شوكن (في "هآرتس"، بالطبع ـ صحيفة "اليسار الصهيوني") ليردّ على اتهام شيكلي بأن "اليسار الصهيوني" قد "فقد إيمانه بعدالة طريق الصهيونية، الحركة القومية للشعب اليهودي".
وفي الردّ على هذه التهمة، يكتب شوكن: "أنا أفهم الصهيونية كإيديولوجية تقول بأن الحل للشعب اليهودي هو بيت قومي في أرض إسرائيل، في إطار دولة يهودية وديمقراطية. هذا تجسيد لحقنا التاريخي على هذه البلاد ولتطلعنا نحو ضمان حق الشعب اليهودي في تقرير مصيره والسيادة السياسية في وطنه، في إطار ديمقراطي".
document.BridIframeBurst=true;
var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });نقرأ هنا: "الصهيونية هي الحركة القومية للشعب اليهودي"؛ "الحل للشعب اليهودي هو بيت قومي في أرض إسرائيل"؛ "هذا تجسيد لحقنا التاريخي على هذه البلاد".
ثم يضيف شوكن: "خلافاً لما يقول شيكلي، إيماني بعدالة طريق الصهيونية لم يهتز، أبداً. إنما مَن شوّه معنى الصهيونية تشويهاً لا يمكن وصفه ولا قياسه هم أمثال شيكلي الذين تخلوا عن إحدى القيمتين الأساسيتين للدولة ويلومون من يواصل التشبث بالصهيونية الحقيقة، وفق تعريفها التاريخي، كما أشرت إليه أعلاه"!
نقرأ هنا: ما هي "الصهيونية الحقيقية"؟؛ من هم "الصهيونيون الحقيقيون" الذين يواصلون التشبث بالصهيونية الحقيقة؟ من هم الذين شوّهوا ويشوهون الصهيونية؟ {أما القيمة التي تخلى عنها المُشوِّهون في تعريف الدولة، كما يقصدها شوكن، فهي "الديمقراطية". وأما القيمة الأخرى التي يُجمع عليها المعسكران فهي "اليهودية".... دعكم هنا من الكذب في كلام شوكن وكأن هذه الدولة كانت "ديمقراطية" فعلاً في يوم من الأيام، منذ أنشأها "اليسار الصهيوني" وطوال فترات حكمه لها، قبل أن يأتي "اليمين" ويشوِّهها!!}.
ويختار شوكن الجملة التالية، القطعية، خاتمة لمقالته هذه فيقول: "فقط من يؤيد حل الدولتين يُمكن اعتباره صهيونياً"!
مقالة صادقة، تماماً، كما يُفهم من عنوانها ("درس في الصهيونية لعميحاي شيكلي"). وفي هذا تكمن أهميتها الأولى.
(2)
العربي، حتى لو كان قاضياً، مجرد "أداة"!
قرار الحكم القضائي الذي أصدره قاضي محكمة الصلح في الرملة، هشام أبو شحادة، ابن مدينة يافا، وأدان فيه الشيخ يوسف الباز، ابن مدينة اللد، بالاعتداء على يهودي يدعى حنان حداد، هو أحد أوجه وتجسيدات مأساة العربي في هذه الدولة.
المشتكي/ المُدّعي يهودي والمشتكى ضده/ المُدعى عليه عربي يأتيان للتقاضي أمام قاضٍ عربيّ. لكنّ القاضي العربي هذا (أو سواه، أياً كان.) لا يحكم إلا وفق القانون الإسرائيلي، بنصوصه التشريعية كما وضعها الكنيست وبتفسيراته القضائية كما وضعتها المحكمة العليا. والقانون الإسرائيلي هو قانون يهوديّ، صهيوني، بطبيعة واقع الأغلبية والسلطة والسيادة (القومية/ العِرقية).
حال القاضي أبو شحادة هنا كحال غيره من القضاة في "جهاز القضاء الإسرائيلي". لا يمكن أن يحكم إلا وفق القانون الإسرائيلي، كما أشرنا. وكنتُ قد كتبتُ عن هذا في حينه تعقيباً على قرار الحكم الذي أصدره القاضي سليم جبران في المحكمة العليا بشأن "قانون تسوية" المستوطنات في الضفة الغربية، والذي شرعن فيه الاستيطان، بما في ذلك الاستيلاء على "أراض فلسطينية خاصة".
في المحصلة، العربي هنا هو مجرد أداة لتطبيق القوانين، الإسرائيلية ـ اليهودية ـ الصهيونية، حتى لو كان قاضياً.
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio