نشر في الأيام الأخيرة، في بعض المواقع الالكترونية، نص بيان صادر عن فضيلة الشيخ علي معدي، رئيس لجنة التواصل الدرزية، يرد فيه على تصريحات سيادة المطران الياس شقور في مؤتمر صحفي عقده في دار المطرانية في حيفا في يوم 19/6/09. بداية، وللتوضيح، أقول إنني لا أعرف سيادة المطران شخصياًً، وفي مقالي هذا لست بصدد الدفاع عنه، لا بل إنني اختلف معه في الرأي في عدة مواقف سابقة، وكذلك في بعض ما جاء في مؤتمره الصحفي. ولأجل التوضيح أيضاً أقول إنني التقيت فضيلة الشيخ معدي مرات عدة وأقول إن مواقفه وآراءه الوطنية – خصوصا في قضية التجنيد الإجباري للشباب العرب من الطائفة الدرزية – ونشاطاته الاجتماعية وعمله من أجل التقريب بين أبناء الشعب الواحد مشرِّفة وترفع رأس كل عربي في هذه البلاد. حقيقة إن أكثر ما استوقفني في بيان الشيخ معدي أمران الأول هو ما قاله بصدد أحداث سابقة حصلت بين ابناء الطائفتين في بعض القرى واتهام فضيلته لسيادة المطران ولأبناء الطائفة المسيحية بأنهم يحملون \"الحقد والضغينة\" جراء هذه الأحداث. لا أوافق فضيلة الشيخ بأن استذكار الأحداث المؤسفة الماضية التي حصلت بين ابناء الطائفتين في بعض القرى والمدن مثل كفرياسيف والمغار ينبع من حقد او ضغينة إنما برأيي ينبع من شدة الألم والحسرة على ان هذه الاحداث أصبحت أمراً يتكرر كل بضع سنوات، ودون أن تعالج الأمور بشكل جذري بل سطحي، من أجل إظهار وكأن المياه عادت الى مجاريها. إن دعوة فضيلة الشيخ لفحص الأمور مرة أخرى حول الأحداث الماضية إنما هي دعوه لتعميق الشرخ بين أبناء الشعب الواحد، وبدلاً من أن نستخلص العبر من الماضي ونعمل على تقريب القلوب نكون قد فعلنا العكس، فما كان كان وعلينا أن نتعلم من الماضي لمنع تكراره مستقبلاً. كنت أتوقع من فضيلة الشيخ معدي طي صفحة الاعتداءات السابقة وعدم ذكرها بتاتا إلا في سياق الإشارة إلى دروس مفيدة نتعلمها لمنع تكرارها. الأمر الثاني الذي استوقفني هو تصريح فضيلة الشيخ معدي بأن الدروز \"سمحوا ببناء كنيسة البشارة\" في الناصرة قبل 350 سنة، بينما المسيحيون منعوا إخوانهم المسلمين من بناء مسجد!. حقيقة لا أعرف ماذا قصد فضيلة الشيخ معدي حين قال ذلك، ولكني أقول إن بناء كنيسة البشارة في مدينة الناصرة، التي تعتبر واحدة من ثلاث مدن مقدسة للمسيحيين، في المكان الذي بحسب الاعتقاد المسيحي بشر فيه الملاك جبرائيل مريم العذراء الطاهرة بحملها بالسيد المسيح، هو حق للمسيحيين عامة ولمسيحيي هذا المشرق خاصة، وليس منة من أحد، فحق الشعوب بالعبادة وحرية الدين وبناء المقدسات، خاصة في أماكن مقدسة مثل البشارة، هي حقوق أساسية وليست حسنات نمنن بها. إن إدراج قضية ما يسمى \"شهاب الدين\"ومنع بناء المسجد هناك، وتصوير الأمر وكان المسيحيين منعوا اخوانهم المسلمين من بناء المسجد \"بشتى الوسائل والحجج\"، إنما يؤجج الخلافات بين أبناء الشعب الواحد، وأنا على يقين ان ذكر قضية شهاب الدين كان سهواً أو \"في ساعة غضب\" ولم يكن من وراءه قصد، فأنا على يقين بأن فضيلة الشيخ بعيد كل البعد عن هذا التفكير. لا يمكن أن نقول بان من فعلوا ما فعلوه في شفاعمرو هم قلة قليلة شاذة وإنه لا يجوز التعميم، وهذا صحيح تماماً، وبالمقابل نعمِّم، كما فعل فضيلته، على أبناء الطائفة المسيحية حين استذكر ما حدث في لبنان مثلا. كيف نقول إننا أبناء شعب واحد تحاك ضده المؤامرات وبالمقابل نتهم المسيحيين بأنهم وراء منع بناء مسجد شهاب الدين! فهذا الاتهام بحد ذاته يفرق بين أبناء الشعب الواحد – وكما تعلمون تفرقتنا هي أكبر مؤامرة تحاك ضدنا. إن فضل أهل جارتنا يركا الكرام، واستقبالهم لأهل القرى المجاورة من مسلمين ومسيحيين سنة 1948 أكبر من أن ينسى، وما قام به إخواننا في يركا لشيء عظيم، ولا ننسى أيضاً أبواب الكنائس والأديرة والإرساليات في منطقة الجليل والناصرة وطبريا كانت مفتوحة واحتضنت اللاجئين، من جميع الطوائف دون اية تفرقة وهذه هي شيم أهل الخير بغض النظر عن دينهم أو مذهبهم أو طائفتهم. أختلف مع سيادة المطران في كثير مما قاله في المؤتمر الصحفي، ولكني كنت أتمنى على الشيخ معدي أن لا يتسرع ويصرح بما صرح به، وحتى وإن كان يخالف المطران الرأي، وان لا يقابل التصريحات التي ليست في مكانها بأسوأ منها.في هذه الأوقات العصيبة نحن بأمس الحاجة الى ما يجمعنا، وليس إلى ما يفرقنا، واستمراراً لمسيرة الشيخ علي معدي الوطنية المشرفة، كنت أتمنى أن نسمع منه نداءات الوحدة الوطنية لا الفرقة، نداءات المحبة لا الضغينة، نداءات نبذ الشواذ لا التعميم، نداءات طي صفحة الماضي وتنقية القلوب والنظر للمستقبل وليس نداءات نبش الماضي من دون طائل. أقول هذا بكل محبة ومن باب احترامي الشديد للشيخ علي معدي ولعمله الوطني العروبي الأصيل ومن باب الحرص على وحدة ولحمة أبناء شعبنا التي لا خلاف بيننا حول أهميتها لضمان وجودنا في هذه الديار.
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio