عندما يحذر ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي من ان بلاده لن تسمح لايران بامتلاك السلاح النووي، ويهدد طهران بعواقب وخيمة اذا لم تعلق برنامجها لتخصيب اليورانيوم، فان علينا أن نأخذ هذه التهديدات علي محمل الجد، خاصة انها جاءت بعد ايام معدودة من تحذيرات رئيسه جورج دبليو بوش من حرب عالمية ثالثة اذا لم يمنع العالم ايران من وقف طموحاتها النووية.انتهي شهر رمضان المبارك، وانتهت ايضا عطلة عيد الفطر، وبدأت العواصم العربية، والخليجية بالذات، تنفض عن نفسها غبار الكسل، وتستعد لعملية التعبئة النفسية والاعلامية، التي وضعت تفاصيلها الادارة الامريكية، التي تسبق قرار الحرب، تماما مثلما جري الحال قبل غزو العراق واحتلاله.ديك تشيني هو الحاكم بأمره في واشنطن، وهو صاحب قرار الحرب علي العراق، وذكرت اكثر من صحيفة امريكية انه وضع تفاصيل خطة جديدة لمهاجمة ايران، لانه يري في طموحاتها النووية تهديدا للهيمنة الامريكية علي احتياطات النفط الاكبر في العالم بأسره، وهذا ما يفسر تأكيد السيدة نانسي بيلوسي زعيمة الاغلبية علي ضرورة اخذ موافقة الكونغرس قبل اقدام الادارة علي اي حرب جديدة ضد ايران، فتشيني لا يطلق التهديدات جزافا، وقد اختار معهد واشنطن لسياسة الشرق الادني المعروف بقربه لاسرائيل، متعمدا ايصال رسالة الي العرب والاسرائيليين، شركائه في هذه الحرب المقبلة، مفادها ان الحرب مقبلة، والاستعدادات لها يجب ان تبدأ.فأي حرب جديدة علي ايران هي استكمال لحرب امريكا ضد العراق، اي تأمين اسرائيل كقوة اقليمية عظمي بسلاح نووي وحيد في المنطقة، والهيمنة علي آبار النفط واحتياطاته. فلم تكن زلة لسان من قبل وزير الدفاع الاسترالي عندما قال ان النفط كان احد الاسباب الرئيسية لغزو العراق، ولم يكن مفاجئا ان يؤكد الن غريسبان رئيس البنك المركزي الفيدرالي الامريكي لاكثر من عقد، الشيء نفسه في كتابه الجديد.التقديرات شبه الرسمية والمسكوت عنها عمدا، تقول ان احتياطات العراق النفطية الحالية اي 115 مليار برميل اقل بكثير من الرقم الحقيقي الذي يصل الي 300 مليار برميل، وهذا ما يفسر سماح القوات الامريكية بنهب كل شيء الا وزارة النفط في الايام الاولي للغزو، وهذا ما يفسر ايضا اصرار الولايات المتحدة علي تمرير قانون النفط الجديد من قبل برلمان العراق الجديد وهو القانون الذي يحصر سيطرة شركة النفط الوطنية بـ 18 بئرا من مجموع 80 بئرا حاليا، ويترك بقية الآبار لسيطرة الشركات الامريكية والبريطانية لمدة ثلاثين عاما مقبلة، حيث من المتوقع ان يتم اكتشاف اكثر من الف بئر جديدة في هذا البلد المنكوب.الادارة الامريكية تدرك جيدا ان استمرار الهيمنة علي احتياطات النفط في الخليج هو الطريق الوحيد لتمكينها من احتواء الخطر الصيني الزاحف، حيث تستهلك الصين حاليا 13 مليون برميل يوميا، تستورد نصفها من الخارج ومنطقة الخليج بالذات، ويزيد استهلاكها بمعدل 7.5% سنويا، وهذا يعني مضاعفة احتياجها في اقل من خمسة عشر عاما، وهي فترة يتوقع الخبراء ان تنضب فيها معظم احتياطات النفط الاخري خارج المنطقة العربية، والخليجية ـ العراقية بالذات.الحكومات الخليجية تعلم جيدا تفاصيل خطط الحرب الامريكية علي ايران، مثلما علمت بمثيلاتها ضد العراق، وبدأت عملية تسويقها في المنطقة، سواء بالترويج لمقولة ان الخطر الايراني اعظم بكثير من الخطر الامريكي ـ الاسرائيلي، او بالاستعداد لشراء الاسلحة الحديثة والمتطورة.فالكويت اعلنت عن عزمها شراء صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ، والمملكة العربية السعودية فعلت الشيء نفسه، فلماذا تشتري الكويت مثلا هذه الصواريخ وهي تستضيف علي ارضها اكثر من ثلاثين الف جندي امريكي، وتخصص ثلث اراضيها كقاعدة امريكية تضم مختلف انواع العتاد الثقيل والصواريخ المتعددة الاحجام والانواع؟مسؤول خليجي كبير قال في جلسة خاصة، ان بلاده تدرك جيدا الخطر الايراني علي امنها وسيادتها، وهي لا تقيم اي وزن لـ مزايدات بعض الجماعات الاسلامية والقومية التي تري في اسرائيل الخطر الاكبر، واضاف بالحرف الواحد ماذا يمكن ان تفعل، لنا مصر او سورية او اليمن في حال تعرضنا لاي هجوم ايراني في المستقبل، او تحولنا الي رهائن لاي ترسانة نووية ايرانية اذا لم تدمرها امريكا؟ اسرائيل ليست خطرا علينا، وبرنامجها النووي ليس مصدر قلقنا علي الاطلاق، فاسرائيل تملك اسلحة نووية ولكنها لم تستخدمها مطلقا .احد الحاضرين قال لهذا المسؤول الخليجي الرفيع ان اسرائيل لم تكن بحاجة الي استخدام اسلحتها النووية لانها تملك اسلحة تقليدية فتاكة زودتها بها واشنطن، ولكن امريكا كانت الدولة الوحيدة في العالم التي استخدمت الاسلحة النووية، وهي النموذج الذي تحتذيه اسرائيل.المصيبة الكبري ان بعض الدول الخليجية التي تحرض امريكا علي ضرب ايران جنبا الي جنب مع اسرائيل، لا تريد ان تفكر بالعواقب المترتبة علي اي حرب قادمة. ولا يريد المسؤولون فيها، ان يسألوا حليفتهم امريكا عن اي خطط لها بشأن ايران، او المنطقة بأسرها بعد الحرب الامريكية المتوقعة!ادارة بوش استطاعت تدمير العراق وتغيير النظام فيه، ولكنها لم تنجح في بناء السلم والاستقرار فيه والمنطقة، والشيء نفسه يمكن ان يتكرر في اي حرب جديدة ضد ايران.رئيس الحرس الثوري الايراني اعلن بالامس ان بلاده ستطلق 11 الف صاروخ في الدقيقة الاولي لاي هجوم امريكي علي ايران، وهذا الرجل لا يكذب، وحتي لو بالغ بالرقم، فان نصف هذا العدد من الصواريخ يكفي لتدمير معظم مدن الخليج.ايران ربما لن تستطيع التصدي للقصف الامريكي السجادي لبناها التحتية، ولكنها قطعا تستعد لمرحلة ما بعد الضربة، كي تنتقم، تماما مثلما فعلت في العراق، فهل تستطيع دول الخليج، والولايات المتحدة، تحمل اي حرب استنزاف ارهابية ايرانية لسنوات مقبلة؟استقالة علي لاريجاني احد خصوم الرئيس احمدي نجاد، ومسؤول الملف النووي، هي مؤشر اضافي علي ان ايران تخطط لمرحلة ما بعد الضربة، وان جناح الصقور فيها بات يملك الكلمة العليا في هذا الاطار، والسؤال هو عن خطط الحكام العرب ومشاريعهم، خاصة اولئك الذين يقفون في الخندق الامريكي، ويقرعون طبول حربه!
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio