خالد منصور في مقاله:
تلك الجرائم أصبحت أكثر تنظيما وتجري وفق خطط منظمة تمارسها مجموعات شبابية يتضح من أسلوب عملها أنها مدربة ومقاتلة وأكثر شراسة
يمكن للحكومة الفلسطينية أن تبدأ بتجربة هذه الفكرة في عدد من التجمعات السكانية الأكثر تضررا فإن نجحت الفكرة يمكن عندها تعميمها في كل المواقع المهددة بالاستيطان
في كل عام ومع وصول محاصيل الحنطة الفلسطينية إلى لحظة الحصاد، تسارع مجموعات المستوطنين المنظمة إلى إشعال النيران في الحقول الفلسطينية، لتسبب اكبر ضرر وخسارة للمزارعين الفلسطينيين.. ويتكرر نفس العمل الجهنمي في موسم القطاف لكروم الزيتون واللوزيات.. لا جديد في هذا العمل الإجرامي.. والجديد فقط أن تلك الجرائم أصبحت أكثر تنظيما، وتجري وفق خطط منظمة تمارسها مجموعات شبابية يتضح من أسلوب عملها أنها مدربة ومقاتلة وأكثر شراسة، فهي لم تعد تعمل في الليل فقط، بل وفي وضح النهار، وتتجرا للوصول إلى أعماق الأرض الفلسطينية وليس على أطرافها، بل وتدخل أحيانا إلى قلب التجمعات السكانية الفلسطينية فتحرق المنازل وبيوت العبادة .
document.BridIframeBurst=true;
var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });ارتكاب جرائم
ومن اللافت أن هذه الجرائم تجري بتنسيق تام مع جنود جيش الاحتلال، حيث يقوم هذا الجيش بتوفير الحماية للمستوطنين، وقمع عمليات تصدي المواطنين الفلسطينيين لتلك الهجمات، بإطلاق النار والغازات تجاه الفلسطينيين، وإبعادهم عن مناطق عمل المستوطنين أثناء ارتكابهم للجرائم بحق الشجر والحجر والبشر، ويقوم الجيش باعتقال أصحاب الأراضي، وبإعاقة وصول المدد من السكان إلى مناطق الحرائق، ويعيق كذلك وصول سيارات الإطفاء ووحدات الدفاع المدني وسيارات الإسعاف إلى أماكن الاعتداءات، كي يعطي المستوطنين وقتا أطول يسمح لهم بإحراق أوسع مساحة من الحقول والكروم.
حرب مدمرة
وأمام هذه الحرب المدمرة التي يشنها المستوطنين بهدف ترويع السكان الفلسطينيين، وتدمير مواسمهم الزراعية، لإجبارهم على هجرة أراضيهم وتركها بلا زراعة ( بور )، ليسهل على المستوطنين الاستيلاء عليها، وتوسيع مستوطناتهم وبؤرهم الاستيطانية الجديدة.. وأمام تواطؤ جيش الاحتلال الذي من المؤكد أن معظم قادته من المستوطنين.. ومع الدعم المالي والسياسي الذي تقدمه حكومة نتنياهو-- التي وصلت إلى الحكم بأصوات المستوطنين.. أمام هذا الوضع غير العادي.. يصبح لزاما على الفلسطينيين مواجهة هذه الحرب القذرة بأساليب غير عادية ولا نمطية.. ( من مثل الإدانة والاستنكار ومناشدة العالم لإدانة هذه الجرائم ).. بل أصبح لزاما على القيادة والحكومة الفلسطينية، وفصائل العمل الوطني واطر المقاومة الشعبية، ومؤسسات العمل الأهلي، أن تتقدم خطوات للأمام، وتشرع بتنفيذ خطة وطنية تعبئ من خلالها طاقات الشعب في مواجهة غول الاستيطان وسياسات حكومة الاحتلال، وتستفيد من التحول الجاري والمتسارع في الرأي العام الدولي لصالح قضيتنا الوطنية، والذي تجلى في الأسابيع الأخيرة بإعلان الكثير من الدول خطوات لمقاطعة منتجات المستوطنات، وتلويح بعض الدول كايرلندا بإمكانية قيام الاتحاد الأوروبي بمقاطعة شاملة لإسرائيل، إذا لم تتجاوب مع مطلب المجتمع الدولي بوقف الاستيطان تمهيدا لاستئناف المفاوضات..
تفعيل الخيارات الوطنية
لقد آن الأوان لتفعيل الخيارات الوطنية الأخرى التي لطالما تحدثت عنها القيادة الفلسطينية، وأولى هذه الخيارات كسر التردد والتراخي في التوجه للمؤسسات الدولية، الأمر الذي يتطلب التوجه فورا لرفع قضية الاستيطان إلى أعلى المحافل الدولية، ووضعه على جدول أعمال مجلس الأمن وللتقدم بطلب الحمية الدولية... وأمام التواطؤ والتنسيق والتعاون التام الذي يقوم به جيش الاحتلال مع مجموعات المستوطنين المنظمة، أصبح لزاما على القيادة الفلسطينية إبلاغ دولة الاحتلال أنها لا تستطيع مواصلة التنسيق الأمني مع الجيش الذي يحمي المستوطنين، ويسهل لهم تنفيذ جرائمهم بحق الفلسطينيين .. إن التلويح بتجميد التنسيق الأمني ولو كان ذلك بشكل جزئي-- سيوصل رسالة إلى قادة جيش الاحتلال أنهم لا يستطيعون مواصلة لعب الدور المزدوج ( ينسقون مع المستوطنين من جهة وينسقون مع الفلسطينيين من جهة أخرى ) وكأن ذلك شيء طبيعي.
تقديم الإعفاءات
وفلسطينيا لم يعد مقبولا منا أن تستمر ردودنا باردة.. في حين يشعل المستوطنين الأرض تحت أقدامنا .. لم يعد مقبولا منا أن نحشد في منافساتنا الداخلية ومناسباتنا الاحتفالية الآلاف وعشرات الآلاف، ونصرف الملايين استعدادا لانتخابات طلابية أو بلدية أو تشريعية، أو لمسيرات استعراضية في مراكز المدن والبلدات، في حين تبقى المشاركة في فعاليات بلعين ونعلين والمعصرة وبيت أمر وكفر قدوم والنبي صالح والبلدة القديمة من الخليل بالعشرات، وفي أحسن الأحوال ببضع مئات-- بما فيهم المتضامنين الأجانب. لم يعد مقبولا من الفصائل أن تشارك بتمثيل رمزي في الفعاليات، ولم يعد المواطن الفلسطيني يثق بكل التصريحات التي تطلقها القيادات عن تعزيز المقاومة الشعبية-- في الوقت الذي لا يرى على الأرض ما يزكي تلك التصريحات.. ولم يعد الإنسان الفلسطيني يفهم سياسات حكومته التي ( تتحدث أكثر مما تفعل، واقل مما يجب أن تفعل ) لتعزيز صمود السكان في المناطق المجاورة للجدار والمستوطنات والطرق الالتفافية، والتي تتلقى الضربات كل يوم من جيش ومستوطني الاحتلال، في حين يرى هذا الإنسان الفلسطيني كيف تضع حكومة الاحتلال في رأس سلم أولوياتها تعزيز الاستيطان، وترصد له مئات الملايين من الدولارات، وتقرر تقديم الإعفاءات الضريبية وتخفيض أسعار الكهرباء والمياه للمستوطنين ولكل المستثمرين في المستوطنات.
مواجهة مباشرة
وفي المواجهة مباشرة مع المستوطنين أصبح لابد من تحويل موضوع لجان الحراسة الشعبية من فكرة جرى تطبيقها بشكل محدود جغرافيا ولفترة محددة إلى واقع ملموس، وهذا لن يكتب له النجاح إلا إذا تم تنفيذ مقترح نواطير الأرض.. وهو مقترح لن يكلف الحكومة الفلسطينية أعباء مالية إضافية-- إذ بإمكانها أن تحول عدد من منتسبي الأجهزة الأمنية للعمل في هذه المهمة-- وتحت مسئولية المجالس المحلية مباشرة.. ومهمة نواطير الأرض هو أن يشكلوا جهاز إنذار مبكر لسكان القرى والبلدات الفلسطينية، يحذرهم عند اقتراب الخطر من ممتلكاتهم، كي يخرج الناس في تلك البلدات لصد هذا الخطر.. وسلاح أولئك النواطير ليس أكثر من هاتف نقال وصافرة وآلة تصوير، على أن يكون أولئك النواطير النواة الصلبة لمجموعة من المتطوعين في كل بلدة، ليشكلوا معا لجان الحراسة الشعبية.. ويمكن للحكومة الفلسطينية أن تبدأ بتجربة هذه الفكرة في عدد من التجمعات السكانية الأكثر تضررا.. فان نجحت الفكرة يمكن عندها تعميمها في كل المواقع المهددة بالاستيطان.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio