مقالات

سيمفونية العصا وعزف الركل/ بقلم:سامي الأخرس

كل العرب 19:24 08/11 |
حمَل تطبيق كل العرب

سامي الأخرس في مقالة:

تذكروا قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم إنما النساء شقائق الرجال ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم

العصا أصبحت سيمفونية تُعزف على أوتار الرَكل ورؤوس النساء في وطنِ كان يتفاخر ويتباهى بنسائه في السابق بأنّهم أمهات ومعلمات الرجال

document.BridIframeBurst=true;

var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });

قبل عدة أشهر تناقلت وسائل الأنباء والإعلام مشهد لنسائنا بالضفة يتساقطن على الأرض تحت وطأ العصا الّتي عزفت على أجسادهن موسيقى العار لأنهن طالبن بالحياة

العصا لم تتهاوى على أبدان ساقطات أو فاجرات بل تهاوت على أجساد حرائر تحدن خنوع الرجال وصمت الرجال وخرجن ليطالبن بوحدة الوطن والمصير فكان لهن ما كان

 

صدحت أصوات النساء في سماء صماء، لَم تعد تسمع بعدما أعميت قلوبها سوى صوت الانقسام، وبالحقيقة هو لَم يعد انقسام إنّ شئنا أنّ نصفه بواقعيةِ حتمية قائمة على الأرض، فهناك توافق كلي بين المنقسمين على إدارة الانقسام وتوزيع الأدوار، تحت خيمة وحماية التراشق الإعلامي أو البربوجندا الإعلامية الّتي لَم تعد تنطلي على شعبنا الذي يشاهد ويرصد ويترقب مسلسل الخداع، وتوزيع الأدوار، ولكنه صامت لم يعد يمتلك مقومات الحرّاك على الأرض، بما أنّ العصا أصبحت سيمفونية تُعزف على أوتار الرَكل ورؤوس النساء في وطنِ كان يتفاخر ويتباهى بنسائه في السابق بأنّهم أمهات ومعلمات الرجال، ومدارس الشهداء وفدائيات ركبن البحار، وخطفن الطائرات، وفجرن الأجساد كإستشهاديات، وعانقن قضبان القيد كأسيرات، ومثلن نموذج لم يذكر التاريخ مثيلًا له، أنّ تكون المرأة ربة بيت وزوجة وأم وفدائية في آن واحد، تُعلم وتَتعلم في مدرسة فلسطينية كانت لوقتِ قريب مفخرة وقدوة لكلّ المخلوقات.

 

وطأ العصا

قبل عدة اشهر تناقلت لنا وسائل الأنباء والإعلام والفضائيات مشهد من ضفتنا الحبيبة لنسائنا يتساقطن على الأرض تحت وطأ العصا الّتي عزفت على أجسادهن موسيقى العار لأنهن طالبن بالحياة، وتظاهرن ضد غلاء الأسعار، وحقها في الحياة بلا جوع وفقر، وهو أبسط حقوق الإنسان، ولم نتجاوز الأمر ونمضي عنه، بل كان غضة في القلب لا يشفيها اعتذار أو لجنة تحقيق، فكيف لنا أن نغفر لأخ وإبن وزوج يحمل عصاه ويسقطها على رأس من هي أشرف منه؟ وقبل أن تجف الأعين عن الدمع والقلب عن البكاء بدموع من نارِ، على أمهات وأخوات تُمتهن كرامتهن في وطن مُحتل من أعداء على أيدي الأبناء، تناقلت لنا بالأمس نفس الأنباء مشهد آخر بأكثر عار ونحن نشاهد عصا الأخ والابن والزوج وبعض النساء ممّا يطلق عليهن (شرطيات) تتهاوى على أجساد أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا في ساحة الجندي المجهول بغزتنا المظلومة، لأنّها قالت (لا للانقسام)، ولأنّها أرادت لوطنها وحدة تعيش فيها هي وأبنائها بسلام، ولقضيتها النصر والتمكين، والتمتين.

حرائر تحدن خنوع الرجال

ما يزيد من جرعات ألمنا وحسرتنا أنّ العصا لم تتهاوى على أبدان ساقطات أو فاجرات، بل تهاوت على أجساد حرائر تحدن خنوع الرجال، وصمت الرجال، وخرجن ليطالبن بوحدة الوطن، والمصير، فكان لهن ما كان. المشهد مؤلم وقاسي بأن العصا تتهاوى من يد امرأة على جسد امرأة، ومن يد تتزين بلحية دين على بدن أخت وأم، ألم يتذكروا: قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم :(الدنيا خضرة حلوة، وإن الله مستخلفكم فيها لينظر كيف تعملون ! أتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني "إسرائيل" كانت في النساء). وقوله: (إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم) وقوله: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهـلي). فكيف تجرأ يد أنّ تتهاوى على بدن هؤلاء؟ الحقيقة الأخرى الّتي تثير العجب ونحن نشاهد مشاهد جلبت لنا الخزي أمام أنصارنا وغير أنصارنا، كيف يفكر قادة الأجهزة الشرطية والأمنية في أدائهم وإصدار أوامرهم بضرب نسائنا في مجتمع ينظر للمرأة نظرة عرض وشرف؟ وهل استباحت أعراضنا لهذه الدرجة؟ وذنبها الأوحد أنّها خرجت للبحث عن مستقبل أبنّائها في وطنِ حر وموحد؟

القيادات الشرطية والأمنية

فكيف ترى هذه القيادات الشرطية والأمنية هذا الأمر، وكيف تقيس هذه المعطيات؟ خاصة وأنّ هذا المشهد رأيته سابقًا في مدينة رفح عندما تمّ الاعتداء على فتيات في مقتبل العمر وسحبن من شعورهن والزج بهن ليلةِ كاملة في السجن لأنهن طالبن بحقهن في الكهرباء، هل هي أوامر أم حدث طارئ، وإنّ كان طارئ فماذا كرره؟ بعدما رأى العالم أجمع هذا المشهد لثاني مرة يمارس ضد نساء من حكومة تتبني الأيديولوجيا الإسلامية، فهل هذا سلوك الإسلام مع القوارير؟ وهل هذا سلوك أجهزة شرطية تتبنى المقاومة نهجًا؟ وماذا سنبرر للعالم اعتداءات الاحتلال على النساء والأطفال ونحن نمارس نفس السلوك بحق أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا؟

كرامة مهدورة

عشرات الأسئلة تجعلني أقف عاجز عن إيجاد تفسيرات لها، وإن كنت غير مقتنع بتفسيرات الناطق الإعلامي باسم الحكومة إيهاب الغصين بما أن الحدث تكرر أمامي مرتين بنفس العام، فلا أعلم ماذا يرعب حكومتا حماس ورام الله من صوت النساء؟ وماذا يرعب حماس من صوت يدعو لإنهاء الانقسام وإحقاق مصالحة وطنية تجمعنا بمحبة وسلام لنقاوم بقوة ونستعيد أرضنا المحتلة وكرامتنا المهدورة؟ إنهن نسائنا وحرائرنا فكيف لي ولغيري أن يغفر لمالك العصا وهو يرى أمه تُهان، وتضرب على جسدها بلا ايّ ذنب أو جريمة، إلًّا أنّها تريد وطن ومستقبل لأبنائها، والعيس بسلامِ. وكيف تغفر هذه المرأة لجلادها أمام شاشات الإعلام بلا حياء؟ أليس هذا انتهاك للأعراض؟

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربة المستخدم. هل تسمح؟

عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا

الخامس +1 234 56 78

فاكس: +1 876 54 32

البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio