المحامي ايهاب أبو غوش في مقاله:
جزء لا يتجزأ من جمهور المواطنين العرب في "إسرائيل" هم البدو سكان الجنوب والنظام الإسرائيلي يرفض الاعتراف بعشرات القرى البدوية في جنوب البلاد ويمتنع عن توفير أي من الخدمات الحياتية الأساسية لهؤلاء السكان
مواجهة نظام الابرتهايد الاسرائيلي وتصفيته يحتم بالضرورة إمّا الغاء تام للنظام الاسرائيلي عن كل البلاد والعباد المحرومين من المشاركة بصنع هذا النظام وإمّا منح حق الانتخاب والترشيح والمشاركة لكل السكان الخاضعين لسلطة هذا النظام
في مقاله الذي نشر في صحيفة هآرتس الإسرائيلية بتاريخ 16/10/2012، استشهد الصحافي عكيفا إلدار بتصريحات نشرتها دائرة الإحصاء الإسرائيلية مفادها، بأنه في الأراضي الواقعة ما بين البحر (المتوسط) والنهر (الأردن) والخاضعة للنظام الإسرائيلي يقطن أكثر من 12 مليون نسمة، ويصل عدد السكان اليهود إلى 5.9 مليون، في حين أن البقية من غير اليهود. بناء على هذه المعطيات استنتج إلدار بان النظام الإسرائيلي الساري على سكان ما بين البحر والنهر هو نظام ابرتهايد، لأنه قائم على حكم الأقلية اليهودية للأغلبية غير اليهودية، أي العربية.
document.BridIframeBurst=true;
var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });مجموعة من الحقائق
ما لم يتطرق له الصحفي إلدار ولا تتوسع الأدبيات السياسية الإسرائيلية في قراءته في العمق ، مجموعة من الحقائق ، تلقي الضوء على بُعد اخر لنظام الابرتهايد الاسرائيلي وذلك من خلال "وضعيات الاقامة" (Statuses of Residency) للسكان المقيمين تحت سقف النظام الإسرائيلي . وهنا تبرز مسالتان حاسمتان : الاولى، ان هذه المجموعات السكانية ( بين البحر والنهر) تجتمع معا تحت قاسم مشترك واحد الا وهو خضوعها لسلطة نظام الحكم الاسرائيلي على اختلاف صلاتها بهذا النظام. والثانية، التباين الحاد بين هذه المجموعات بشأن منحها او حرمانها من ممارسة حق الانتخاب والترشيح لهذا النظام.
أولاً، ما بين البحر والنهر وداخل المنطقة المسماة بالخط الأخضر، يقيم السكان اليهود، مواطنو دولة "إسرائيل" وحملة الجنسية الإسرائيلية، ويتمتعون بداية ونهاية بممارسة حق الانتخاب والترشيح للبرلمان.
ثانياً، على غرار النوع الأول، تجد "المهاجرين الجدد"، وهم يهود أو مدّعين باليهودية ورغما عن أن شفاههم لم تنطق بالعبرية بعد، تحصل هذه المجموعة من السكان فور وصولهم إلى البلاد على الجنسية الإسرائيلية ومعها الحق في الانتخاب والترشيح للبرلمان، كل ذلك دون معرفتهم أدنى معرفة لهموم وأمور السكان الخاضعين لسياسة النظام.
ثالثاً، السكان العرب الفلسطينيون والمقيمون في "إسرائيل" كمواطنين، فلهم الحق بالمشاركة في الانتخابات. في الواقع، يتجلى انخفاض ملحوظ على إقبال المواطنين العرب للمشاركة في الانتخابات الإسرائيلية (فمتوسط نسبة التصويت لديهم في العقد الأخير 48%). كذلك ففي العقدين الأخيرين وفي داخل هذه المجموعة السكانية، يحتدم الجدال والتباين السياسي والوطني بشأن الأنماط المختلفة تجاه الانتخابات الإسرائيلية، فهل للمشاركة في الانتخابات أم الامتناع عنها أم مقاطعتها والدعوة لذلك. هذا الجدل مستمر بل ويتعمّق مؤخراً نسبة للتغييرات الكاردينالية التي طرأت ولا زالت تهوي على أصعدة عدة بخصوص المجتمع العربي في "إسرائيل"، خاصة السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية، والتي تؤثر سلباً وتؤدي إلى تفاقم ما تبقى من العلاقة الراهنة بين المواطنين العرب ومؤسسات الدولة العبرية.
رابعاً، جزء لا يتجزأ من جمهور المواطنين العرب في "إسرائيل" هم البدو سكان الجنوب. النظام الإسرائيلي يرفض الاعتراف بعشرات القرى البدوية في جنوب البلاد ويمتنع عن توفير أي من الخدمات الحياتية الأساسية لهؤلاء السكان. بل الأبلى من ذلك أنه وفي السنوات الأخيرة قام النظام الإسرائيلي بهدم قسم من البيوت والقرى البدوية بحجة عدم اعترافه بها، كما وأنه يعد العدة بمخططات مختلفة، أشهرها مخطط "برافر"، لهدم الكثير من القرى البدوية وتهجير قاطنيها. تجدر الإشارة هنا، أن عدائية النظام للسكان البدو تنعكس أيضاً بأنه يتيح لهم إمكانية وحق المشاركة في اختياره من جهة، ويقوِّض إمكانية ممارسة هذا الحق من جهة أخرى!
القدس الشرقية
خامساً، السكان العرب الذين يعيشون في القدس الشرقية تحت الاحتلال منذ 1967. على الرغم من بلوغ عدد سكان القدس الشرقية ما يفوق الثلاثمئة ألف (ما يقارب 38% من سكان القدس "الموحدة" كتسميتها الإسرائيلية)، ولكون اعتبارهم إسرائيلياً جزءاً من سكان الدولة، إلا أنهم لا يزالون يُعرَّفون من قبل النظام الإسرائيلي كسكان ذوي وضعية "مقيمين" ليس إلا، ولا يرتقون البتّة لان يصبحوا "مواطنين"، بل وإنهم غير مخوّلين لذلك. مما يستدل من الوضعية القانونية المقتصرة على "الإقامة" لا "المواطنة"، بأنها وضعية قانونية في حد ذاتها ضعيفة وهشّة، وقد أودت في السابق لإلغاء إقامة ما يقارب خمسة عشر ألفاً من المقدسيين، مما أسفر عن حرمانهم ومنعهم من العيش في القدس. في هذا الصدد يجب التأكيد على أن النظام الإسرائيلي بقدر ما يُركّز ويعمد على إحكام احتلاله لأراضي القدس الشرقية وإلزام ساكنيها كغيرهم بالانصياع لسلطته وقوانينه، فإنه يقضي بحرمانهم القطعي من حق الترشيح والانتخاب واختيار النظام الذي يخضعون لسيطرته.
سادساً، العرب السوريّون سكان هضبة الجولان يخضعون هم كذلك لسلطة النظام الإسرائيلي. وضعية هذه المجموعة من السكان تنحصر بمرتبة "المقيمين" فقط، ولا يعتبرهم النظام الإسرائيلي ك"مواطنين". لذا، ورغماً من احتلال أرضهم وإخضاعها مع ساكنيها بالقانون الإسرائيلي لسلطة وهيمنة القانون الإسرائيلي، إلا أن النظام ذاته جرَّدهم من حق الانتخاب والترشيح والمشاركة في اختياره.
سابعاً، بسبب التعديل الذي ادخل عام 2003 على قانون المواطنة والدخول إلى "إسرائيل"، والمصادقة عليه من قبل المحكمة العليا الإسرائيلية، أصبح الآلاف من العرب الفلسطينيين، الذين يعيشون مع أزواجهم وزوجاتهم العرب مواطني "إسرائيل"، مشرّدين ومجرّدين من أي وضعية قانونية. فبموجب القانون الإسرائيلي، أصبحت هذه الشريحة من الفلسطينيين مجرّدة من أي وضعية قانونية، فهم ليسوا بمواطنين ولا حتى مقيمين، بل وإن القانون الإسرائيلي نفسه جرّدهم حتماً من الحصول على أي من الإمكانيات المذكورة في المستقبل.
الخط الأخضر
في الواقع، فإن آلاف الفلسطينيين يعيشون داخل الخط الأخضر مع أزواجهم وزوجاتهم بموجب تصاريح إسرائيلية تُمنح لهم على يد النظام الإسرائيلي لفترات محدودة أقصاها اثنا عشر شهراً. هذه التصاريح الإسرائيلية، علاوة على كونها مشروطة ومؤقتة، فإنها تمنع وتحرم حامليها من الفلسطينيين من حقوق وحريات إنسان أساسية منها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. بعد ما ذكر وباختصار، فإنه من الجلي بأن النظام الإسرائيلي جرّد هؤلاء الفلسطينيين من حق الانتخاب والترشيح.
ثامناً، العرب الفلسطينيون سكان الضفة الغربية المحتلة منذ 1967، يخضعون هم كذلك لسلطة النظام الإسرائيلي. يذكر على سبيل المثال لا الحصر بأنه من الأوجه التي تُجسّد هيمنة النظام الإسرائيلي على سكان الضفة الغربية فإننا نجد قوات الجيش الإسرائيلي والحكم العسكري والمحاكم العسكرية والإدارة المدنية والأجهزة الحكومية الأخرى لما تحويه من أذرع أمنية وتنظيمية وفنية، بحيث تتسلّط أوجه النظام المختلفة على حياة الفلسطينيين عبر قنوات مباشرة أو غير مباشرة على حد سواء. فالاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية رغم اتفاقية أوسلو وتوابعها ورغم تشكيل وتفعيل السلطة الفلسطينية، فإنه يبسط سيطرته وسلطته على كافة السكان الفلسطينيين ويؤثر وبشكل يومي ولأكثر من خمسة وأربعين عاماً على ممارسة حرياتهم وحقوقهم الفردية والجماعية وعلى كافة الأصعدة ومجالات الحياة وخاصة المدنية والسياسية والتجارية والإدارية والأمنية. في الوقت الذي تفرض منظومة الاحتلال المعقدة، على أوجهها البشعة، سلطويّة النظام الإسرائيلي وسريانه على فلسطينيي الضفة الغربية، في الوقت ذاته يُجرّد الفلسطينيين الخاضعين للنظام الإسرائيلي من ممارسة حق الانتخاب والترشيح.
قطاع غزة
تاسعاً، سكان قطاع غزة المحتلة منذ 1967، أو حتى قبل ذلك، فهم كسابقيهم، إخوتهم الفلسطينيين سكان الضفة الغربية، يتأثرون بسلطويّة النظام الإسرائيلي رغما عن "فك الارتباط" والانسحاب الإسرائيلي من أراضي القطاع. فسلطة النظام الإسرائيلي تسري وتطبّق بصورة مباشرة أو غير مباشرة على الفلسطينيين سكان قطاع غزة، ومن أشكالها نجد الحكم العسكري والأوامر العسكرية والحصار البري والبحري والجوي، والذي لو تم تخفيفه فإن القرار لتشديده أو تخفيفه تتمتع به السلطة الإسرائيلية وحدها على الإطلاق. من الواضح والمعروف بأن نظام الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة يسري عليهم منذ عقود إلا أن سكان القطاع قد حرموا وجرّدوا من المشاركة في الانتخاب والترشيح للتأثير وتقرير ماهية النظام الساري عليهم.
عاشراً، لن تتم الخاتمة دون التطرق للحاسمة، هم "أسياد البلاد" ومدللو النظام، هم المستوطنون الإسرائيليون. مئات الآلاف من اليهود مواطني "إسرائيل" يعيشون في الضفة الغربية على أراض فلسطينية سُلبت من مالكيها الفلسطينيين لتشكل قاعدة وأساساً لمشروع استيطاني يدعمه النظام الإسرائيلي ويجاهر دائماً بالحث على ترسيخه وتوسيعه، وليكون العقبة الحاسمة لمشروع السلام. على عكس الفلسطينيين سكان الضفة الغربية، فإن المستوطنين اليهود لهم حق الانتخاب والترشيح، بل وإنهم يمارسون حقهم هذا باندفاع وكثرة وتتنافس معظم أحزاب الطيف الإسرائيلي على مغازلتهم واستمالتهم كمرشحين في صفوفها وكناخبين لصناديقها.
عملية حسابية بسيطة
بعد سرد مجموعات السكان المختلفة، ننتقل لمعرفة نسبة الناخبين المشاركين في الانتخابات من مجمل سكان البلاد، ونتطرق لهذه المعطيات: معدل نسبة المصوتين في الانتخابات الإسرائيلية في العقد الأخير 64%؛ هذه النسبة تشمل 91% مواطنين يهود و9% مواطنين عرب؛ عدد من يحق لهم التصويت في الانتخابات الاخيرة يوم 22 يناير2013 هم 5,659,72؛ وعدد السكان الذين يعيشون ما بين البحر والنهر لا يقل عن 12 مليون شخص. بواسطة عملية حسابية بسيطة نصل إلى النتيجة الميئوسة: ربع سكان البلاد فقط، 26%، (وهم من اليهود) يشارك في الانتخابات الإسرائيلية، وهذا الربع هو الذي يقرر ويحدد نظام الحكم الإسرائيلي، الابرتهايد، الذي يسري على كافة سكان البلاد.
هذا هو واقع الحال ، حكم الاقلية اليهودية القليلة للاغلبية العربية ، فالانتخابات الاسرائيلية لا تصبّ ولا تصبو لممارسة حق السكان الديموقراطي باختيار نظام الحكم الساري عليهم، بل انها تعمد لتحصين وتدعيم وإستدامة إحكام سلطة نظام الابرتهايد الاسرائيلي من قبل صانعيه من الاقلية اليهودية على بقية سكان البلاد من الاغلبية العربية. في مثل هذا الحال، فان مواجهة نظام الابرتهايد الاسرائيلي وتصفيته ، يحتم بالضرورة : إمّا الغاء تام للنظام الاسرائيلي عن كل البلاد والعباد المحرومين من المشاركة بصنع هذا النظام، وإمّا منح حق الانتخاب والترشيح والمشاركة لكل السكان الخاضعين لسلطة هذا النظام.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio