تَبرِقُ كالماس، تشعُّ كفراغ السّماء، تَتلألأ كما النّجوم جَوف الظلام الحالِك، تَتدرّج إلى القمم الشّاهقة لتعكس لمعانها في رحاب الأرض، لعلّها تحفر في بطن التاريخ بصمة تَرتقي بها بشموخ وتعالِ الأجيال القادمة....أنها الأقنعة!!...نعم، إنها الأقنعة التي ترتدي البشَر، الفَرد الذي لم يَعُد يَقتني القناع فَحسب، بل تستَولي نفسه على عدة أنواع من الأقنعة، لِتُصبح نفسُه جزءاً منها وليس العكس.
أطيافُ أشباحٍ غامِضة، ملامح أشخاص مُهَشّمة بتنا نراها بوُضوح لَحظة سُقوط القناع، حقيقة المرء غير واضِحة، نحن لم نَعُد كما كُنا عليه، أُسلوب الحياة سَلب الكثير من الدقائق والحقائق، بَجدارة وبِجُهد شاركنا الوقت في بناء قُشور مَتينة، ألصقناها وبإحكام على وُجوهِنا، قُشور لو تهاوت صُدفة، ومِن فَرط متانتِها، تجد أنّها قد محت حواسنا الأصلية, حتى وجهنا لم يعد له أثر!!
الأقنعة وثباتها بين البَشر
لِوُجود الأقنعة وثباتها بين البَشر عوامِل أساسية، بيئيّة، تكنولوجية ونفسية، تسَرّبت كالغاز السّام في عصرنا المريض، لِتغدو الهيكل الأساسي من نفسنا التي باتت جزءاً منها.
document.BridIframeBurst=true;
var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });رَوعة التكنولوجيا وضخامة عقل الإنسان جعلوا من هذا العالم خالٍ من أي طبيعة فوّاحة عطرة أوجدها الله في بدء الخليقة، تَجمَّلت العُقول بالذكاء والتّطوُّر والتّحدي ليكون الإنسان هو السَّبّاق في اختراع كل ما هو جديد ومُتطوّر، لكنّها بالمُقابِل شطَبت وُجوه الناس الحقيقية كي تَتماشى مع هذا الزّمن، كي تُحلّق خلف السَرب إلى الأعلى، كي لا يلفح الهواء وجوهَهم، الحل الذي ابتكروه كان "القناع"...
القناع بِمفهومه المعنوي الغامض...بِتنا نتودّد، نحقد، نُجامِل ونُنافق خلف الشّاشات الخبيثة، نضحك ونُقهقه بكبسة زر لحَرفٍ مُكَرّر، ونغضب ونثور أيضاً بكبسة زر لقَوسٍ معكوس، حيث باتت تلك المعاني والرّموز هي التي تُحدِّد وتَتحكّم بمشاعر الإنسان....يُفرحُه إنسان لا ملامح له، ويكبت في جوفِه الحزن عاتباً على مرءٍ لا يعرف للدّمع معنى أو للمشاعر عنوان.
فعلاً إنّه لأمرٌ مُرعبٌ وخطير أن نجد أنفسنا اليوم محصورين في قوقعة التّطور، بالكاد يُصافح كفّنا ملمس كف الآخر، بالكاد نلمح طرف الشّمس كي نُعيد عُقولنا إلى الواقع لنكتسب الطاقة بشكل إيجابي، التي خصّنا بها الرب الخالِق عن الكائنات الحيّة الأخرى....
وتبقى نفسيّة الفرد منّا هي الأهم....وللأسف هي الأهم في الواقع الطبّي ولدى المُتخصّصين، كي تخف الآلام والأوجاع عند البشر....ولكن، الواحد منا أصرّ وما زال مُصراً على التّعايش مُتمسّكاً بوجهٍ يختلف عن وجهِه، وبحقيقة تبعُد بُعد النّجوم عن ما عليه كي يُسايِر الكواكب الغريبة التّائهة من حَولِه، لتترك تلك الوُجوه بصمة حادّة على الوُجوه التي تمحو مع الزّمن واقعاً تعرّى من حقيقتِه، لنُصبح "نحن" غُرباء عن "نحن".
نارٍ تلتهم
فمن منا لا يرغب بِتَوَهُّج ما بِداخِلِه كنارٍ تلتهم لهبها كل ما هو جميل ورائع في هذه الدّنيا؟ هل لكي نكون سعداء علينا نلغي "الأنا" الأصلية ، ونُغلّف كل حرف من حُروف الأنا بقناعٍ يختلف عن أخيه؟ متى سنشعُر بملميس مُصافحة أحبائنا كما كانوا في الماضي؟ متى سنُميّز بين بسمة الفرح وبسمة الألم؟ متى ستَنتفض النّفس البشرية بقُوة وعزيمة لتُحطّم جميع الأقنعة والمُجاملات وتَضعها في حاوية الحَرق؟ لتغدو الحياة أحلى وأروَع, وتُلغى لغة الحُروف والرّموز، وتعود إلينا بِشَوقٍ جبّار أنفاس مشاعر حقيقية، تنبُع من كل ما هو طبيعي، خالٍ من التّصنّع، مُشع من وُجوه مُتألّقة عادية؟ متى ستَتساقط الأقنعة أرضاً، ونفرح دهشةً عند اصطدامنا بوجوهٍ أرقى وملامح أحلى؟؟ أعند إعادة سيناريو الزمن الى الماضي؟ أم أن الأمل ما زال ينبض بالحياة والأتي هو الأعظم؟
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio