جاء في مقال مارون سامي عزّام:
لقد أصبح العنف السّاحة الخلفيّة للمجتمع الشفاعمري خاصّةً والعربي عامّةً، نلقي فيها بقايا ذاكرتنا، إلى أن تغدو ذكرياتنا مجرّد خردةٍ للنسيان مع مرور الأيّام
الجسد الشفاعمري المتلاحم أخويًّا وطائفيًّا، ما زال محافظًا على وحدته الاجتماعية... ما زال محصّنًا بالمحبّة بين أبناء البلد الواحد، الذين يؤمنون بالتعايش، ولكن... ما حصل مؤخّرًا من أعمال عنفٍ دموية، لم نشهدها من قبِل... هو مؤشّر خطر على اختراق شبكة الأمان الاجتماعي من قِبَل جهات غريبة ودخيلة، تهدِف إلى إدراج مدينة شفاعمرو ضمن قائمة المدن العنيفة، لتخريب سمعتها بين البلدات العربية، بعد أن كانت من المدن الأكثر أمنًا شخصيًّا، يتمثّل بها جميع من زارها أو سكنها من البلدات المجاورة.
document.BridIframeBurst=true;
var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });اخترق رصاص العنف حياتنا اليوميّة... اخترق راحة بالنا، باتت مشاعرنا تنزف ألمًا حارقًا على أرواح الضّحايا الذين دخلوا دائرة القتل غير المشروع، دون أن يكونوا طرفًا في هذه الحوادث، وأصبحت هذه الجرائم لغزًا بوليسيًّا كبيرًا، لأن الشرطة تحب الإثارة الإعلامية، من خلال تزويد الإعلام الرّقْمي، بفتات من المعلومات، تمنع الشرطة نشر أي خبر عن مجريات التحقيق، "حفاظًا" على سرّية الأمر، وكأنه حدث أمني، وليس حدثًا اجتماعيًّا، يهم المجتمع العربي... تعمل على خلق بلبلة بين السكّان، بهدف التغطية على فشلها في حمايتهم!
إلى الآن لم يُلقَ القبض على الجناة، أيُعقَل هذا الأمر؟!! من هنا نفهم أنّ الدّم العربي رخيص، ليس له قيمة لدى الشّرطة، بينما الدّم اليهودي، قيمته الإعلاميّة كبيرة، لكان أحدَثَ ضَجّةً غير مسبوقة في الرّأي العام الإسرائيلي. على سبيل المثال، ما زال صدى قضية مقتل الفتاة تَئير رادة، في عام 2006، يتردّد بين الحين والآخر في الصّحافة، لوجود شكوك حول هويّة القاتل... لذا الأمر لا يحتاج إلى ذكاء جنائي، حتّى نلاحظ آثار البصمات العنصريّة الواضحة في كل ملفّات التحقيق الجارية في حوادث القتل في شفاعمرو وسواها!! أنا على يقين أن شبح التمييز سيبقى يلاحقنا في كل مكان.
ينتابني شعور أن الشرطة توجّه أصابع اللوم إلى الأهالي الذين يسمحون لأبنائهم بقضاء الوقت خارج المنزل، حتّى ساعات متأخّرة من الليل، برفقة أصدقائهم، بينما الشرطة لا توجّه اللوم إلى تقاعس عمل دوريّاتها داخل المدن والقرى العربيّة، وخاصّة في شفاعمرو، بحجة نقصٍ في الميزانيّات... لا توجّه الشرطة أصابع الاتهام إلى مماطلة ضبّاطها في جمع الأدلة، لا تقوم بتفعيل جهاتها الاستخباريّة الحديثة، بل تعمل بالكواليس لإخلاء مسئوليّتها عن حماية السكّان العرب، لتُسلّم هذه الوديعة الوقائيّة إلى الشرطة الجماهيريّة، التي تعمل تحت سلطة البلدية!!
الخطوات "الرّادعة" التي اتخذتها بلدية شفاعمرو، بعد حدوث أي عمل إجرامي، لن تُجدي نفعًا، فهل المظاهرات أثارت الرّأي العام في إسرائيل؟!... أثّرت على القيادة العامّة للشرطة؟! كما يقول المثَل "ولا عند قْرِيش خبر"، تأكّدوا جيدًا أنّنا خارج حيز اهتمام الدّولة. كل ما تقوم به إدارة البلديّة، مجرّد أداة سلوكيّة معروفة، لتنفيس الاحتقان الشعبي... تحاول جاهدةً أن تُظهِر لأهالي الضّحايا أنها "متضامنة" مع ألمهم وحزنهم، "وتتعهّد" أنها ستكون تلك الحاضنة الجماهيريّة للسّكان، تهزُّ لهم سرير الطمأنينة، من خلال عقد جلساتها الطّارئة التي يطرأ عليها تلقائيًّا حالة استنكار هذه الأعمال الهمجيّة، إلى أن ارتفعت حدّتها في عهد الإدارة الحاليّة!!
لقد أصبح العنف السّاحة الخلفيّة للمجتمع الشفاعمري خاصّةً والعربي عامّةً، نلقي فيها بقايا ذاكرتنا، إلى أن تغدو ذكرياتنا مجرّد خردةٍ للنسيان مع مرور الأيّام... أنا متأكّد أنه لن يتغيّر شيء، فسيبقى الضّحايا الأبرياء هُم مجاميع مسلسل العنف، أدّوا فيه أدوارًا هامشيّة، والجناة هُم "أبطال" هذه الدراما التي نعيش أحداثها بين الحين والآخر، ليدبّوا الهلَع والذُّعر في قلوب السّكّان، أمّا نحن، فإنّنا ننتظر أن تخرُج شفاعمرو من نفق الشّغب المعتِم، لترمّم وكيلة حمايتنا البلدية، سور أمننا الشخصي الذي تصدّع ويكاد أن ينهار.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio