الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 19:01

درس يعلمنا اياه الأستاذ كورونا- بقلم الأستاذ توفيق سرحان ( ابو الحكم)

الأستاذ توفيق سرحان
نُشر: 01/04/20 23:46,  حُتلن: 23:47

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

فيروس كورونا رد كثيرا من الناس إلى إنسانيتهم المفقودة بعد أن أوغلوا في التوحش والعنف والجريمة. وعلّم الكثيرين ان الناس سواسية كأسنان المشط وان لا فضل لعربي على أعجمي الا بالتقوى هي من البديهيات.

ان هذا الخوف الذي يجتاح البشرية ويقض مضاجع الناس جعلهم يعترفون بحقيقة عرفها سلفنا الصالح وهي ان اطيب ما في العيش هو الامان، بعد أن داهمنا على حين غرة وفي غفلة من أمرنا عدو مجهول هاجم كوكبنا، وحاصرنا في بيوتنا فحولها إلى سجون بلا سجان. ثم تطاول على المدارس واغلقها واسكت صراخ الأطفال في ساحاتها وممراتها، وارغمنا على سلوك لم نحسب له حسابا ولم نتوقعه ولم نتأهب له. ثم فرض علينا حجرا صحيا طوعيا، حتى اجمع رأي الناس، عامتهم وخاصتهم، بأنه ليس في هذا الزمن اقوى من رجل أو إنسان مؤمن صب الله تعالى في قلبه كأسا من الايمان، فتحول في قلبه إلى نبع من الرضى والقبول، فهنيئا لهؤلاء الذين حازوا رحمة الله الواسعة، والفهم المقدس، لأنهم يعتبرون عطاء الله نعمة ومنعه وحرمانهم حكمة. فلا تحتج ولا تتضجر لأن نقصا ما في مواردك التي اعتدت عليها. واعلم أن الله تعالى ارحم بك من نفسك بك.

اليوم يسيطر على عالمنا هذا الفيروس، فيلوي اذرع من طغى وتجبر ونهب، وقتل ونافق وكذب, وأعاد من ظن نفسه اسدا هصورا الى رشده والى الإيمان والاعتراف بأن الله تعالى كثيرا ما يضع سره في أضعف خلقه. هذا الفيروس الوقح فاجأ الكرة الأرضية بعد أن خلدت فيها العقول والقلوب والأحاسيس لسبات عميق، فاخذها بجبروته وصار يحصد اهل الأرض كالمنجل دون أن تأخذه فيهم أدنى هوادة، ... وصعد ظلمه فانتهك الحدود واخترق المعابر، ...وتعالت صرخات الاستغاثة وطلبات النجدة من كل حدب وصوب، وكان الم النداء موجعا، لاسيما تلك التي جاءت من دول مثل الصين واليابان وكوريا في الشرق الاقصى. ثم أنّت إيران تحت الاف الجثث التي همدت. ثم تبعتهم ايطاليا التي بعثت بصرخات البكاء وطلبات من الشعوب الاستماع إلى توجيهات المسؤولين وأهل المعرفة في الدول التي اقتحم حدودها هذا الفيروس غير المفهوم، والمبهم التركيب والرموز، فصار يسرح ويمرح ويبعث فسادا ومرضا وموتا في مشارق الأرض ومغاربها، فاقتحم نسله العالم الذي ما زالت كتب التاريخ عندنا تسميه: العالم الجديد....امريكا.

وتهاوى مئات الامريكيين، لا بل الالاف منهم امام هذا الضيف الثقيل الظل، الذي لم ترهبه قوات البحرية ولا حاملات الطائرات ولا الاساطيل أو السفن بصواريخها العابرة للقارات، فزرع في القلوب خوفا، وفي العقول والاجسام مرضا، وحول الكثيرين إلى غثاء كغثاء السيل، فما نفعت المختبرات، ولم تسعف تكنولوجيا وادي السيليكون حتى لحظة كتابة هذه السطور. الكل يتضرع اليوم إلى الله تعالى أن يلهم ايا من سكان هذه الارض عله يأتي باختراع أو اكتشاف يخفف عن كواهل قادة هذا العالم وشعوبه هذه الغيمة التي صارت كالصخر في ثقلها، وكالحنظل في طعمها في الحلوق.

قادة العالم يظهرون أمام شعوبهم وهم في حالة من الضعف وقلة الحيلة أمام عدو لا يرونه ولا يسمعونه، وأقصى ما يملكون في هذه المرحلة هو توسل لرب العالمين بان يمنّ عليهم برحمة من عنده تحميهم وشعوبهم من هذا العدو اللئيم.

لقد اوغلت المجتمعات التي تسكن في كوكبنا في قسوتها وفي ظلم بعضها لبعض، ولكنها تقف ضعيفة حائرة وتائهة ضائعة وهي تنظر إلى ما يفعله "كورونا" واحد وهو يدور في أرض الله الواسعة، فلا يعير أحدا اهتماما، ولا يفرق بين "زعيم" وموظف بسيط، أو بين مقاول كبير وعامل صغير، أو بين مدير أكبر شركات التكنولوجيا وعامل النظافة في الزقاق الضيق، أو بين أمير ذي دم ازرق وعامل في مخبز صغير. وهكذا يدور الكورونا في الأرض كما تدور الرحى لتطحن الحب.

وآخر القول لهذا الكورونا...
لكل ظالم نهاية ونحن في الانتظار

مقالات متعلقة