الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 01 / مايو 23:02

الهجوم الإيراني والتصدي الإسرائيلي...مسرحية متقنة بامتياز

احمد حازم
نُشر: 19/04/24 09:11,  حُتلن: 13:00

كل الأطفال يرغبون في سماع حكايات، تساعدهم في الخلود سريعاً للنوم. وغالبا ما تكون حكايات عن حيوانات مشوقة للأطفال. لكن مساء السبت الماضي وبالتحديد في الثالث عشر من الشهر الحالي، اصبحت الحكاية للكبار وليست للصغار. صحيح ان الحكاية كانت مشوقة كونها كانت شبيهة بذَكَري ماعز (تيسان) يتناطحان لإظهار الأقوى منهما أمام الانثى (العنزة)، وبعد انتهاء المناطحة يذهب كل منهما في طريقه بشعور المنتصر، رغم ان كلا منهما لم يثبت تفوق قدرته على الأخر. 

الحكاية لم تكن مجرد "خرّافية" من صميم الخيال، بل حكاية واقعية بين بلدين لإظهار الأقوى: بلد اسمه إيران والآخر إسرائيل. الاثنان يتناطحان منذ سنوات طويلة، ليثبت كل طرف انه الأقوى في الشرق الأوسط. هذا هو المشهد بوصفه الحقيقي، الذي عاشه العالم لساعات.

ما جرى مساء السبت هو هجوم من بلد (إيران) يتحين كل فرصة مناسبة أو سببا لضرب الطرف الآخر (إسرائيل)، والعكس هو الصحيح أيضاً. لكن إسرائيل لها سوابق في ضرب مراكز إيرانية خارج ايران وبالتحديد مراكز في سوريا المتعاونة مع ايران، كان آخرها الضربة التي وجهتها إسرائيل لمبنى القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق في مطلع هذا الشهر، والتي أسفرت عن مقتل 16 شخصا بينهم ثمانية إيرانيين وخمسة سوريين ولبناني واحد، بالإضافة إلى مدنيين اثنين.

هذه العملية الإسرائيلية لم تستطع ايران "بلعها" أي السكوت عليها ولو مؤقتا ورأت انه يجب الرد عليها للحفاظ على ماء الوجه أمام شعبها وحلفائها، خصوصا ان الضربة كانت قوية عسكرياً ومعنويا وان من بين قتلى القنصلية الإيرانية جنرال إيراني رفيع المستوى.

السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تصر إسرائيل على استغباء مواطنيها والعالم بأن ما جرى ليلة الهجوم الإيراني هو "إعلان حرب" كما قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتزوغ ؟ هناك مثل شعبي عربي يقول: "مجنون يحكي وعاقل يسمع". الحرب تكون عادة بين عدوين يتمنى أحدهما الدمار والهلاك للآخر، وليس إبلاغه بهجوم ضده كما جرى مع إسرائيل، والخطط العسكرية من المفترض ان تكون سرية وأن لا يعلم بها "العدو" لكي لا يتهيأ لصدها.

لكن ما جرى هو العكس تماما: مصدر دبلوماسي تركي أكد يوم الهجوم في الرابع عشر من الشهر الجاري، أن إيران أبلغت تركيا مسبقا بعمليتها الانتقامية ضد إسرائيل وان الولايات المتحدة أبلغت إيران عبر تركيا أن عمليتها يجب أن تكون ضمن حدود معينة.  "ما شاء الله على هيك حرب". 

وأكثر من ذلك: أن إيران فكرت بعدم الحاق الضرر بإسرائيل لدرجة انها بلغت الأتراك بأنّ الهجمات ستكون محدودة، وتم ابلاغ الأميركيين بالموعد والاهداف، وأنّ الصواريخ لا تحمل رؤوساً متفجّرة حتى لا ينجرح بنو إسرائيل. لقد أتلفوا اعصابنا في الحديث عن اقتراب حرب ايران على إسرائيل، وما حصل هو مشهد لهجوم استغرق عرضه خمس ساعات. وحسب التقييم الإسرائيلي والإيراني لهذا المشهد الهجومي من الصواريخ الباليستية والمسيرات، فإن كلاهما رفعا شارة النصر. وعلى ضوء ما جرى فإن أحدهما كاذب أو الاثنان معاً.

في مسرحية الحرب هذه يكمن تساؤلاتٍ عدة: إيران أطلقت مسيراتها وصواريخها من أراضيها حيث يستغرق ذلك ساعات كثيرة للوصول للهدف. فلماذا لم تفعل ايران ذلك (لو كانت جادة) عبر ميليشياتها المنشرة في سوريا، حيث تصل الى العمق الإسرائيلي خلال دقائقٍ بدلا من الساعات التي استغرقتها، والتي كانت مناسِبةً للمقاتلات الأمريكية والبريطانية والفرنسية لإسقاطها.

هنا تتكاثر علامات الاستفهام عما وراء ذلك؟

مقالات متعلقة