الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 10:02

من وحي مقال مصطفى ريناوي


نُشر: 19/03/09 07:14

انا وانت نعرف كم يشغل تفكيرنا هذا الموضوع، وكم نواجه كثيرا مما ذكرت كل يوم في كل أطر حياتنا، وخاصة في منبرنا السياسي الفخم في جامعة حيفا. الإرهاب الفكري يمارس علينا منّا، ولك أن تفهم ما قصدت.
انقسامنا ليس أكبر مشكلاتنا. وطامتنا الكبرى لا تكمن هنا. الانقسام هو المشكلة الظاهرة ولكن ما يخفى (مع أنه ليس مخفيا) هو كرهنا لبعضنا وتقوقعنا في أوهامنا الحزبية القذرة التي تملي علينا كره كل ما هو مختلف.
آن لنا أن نمنح الحرية وال"ديموقراطية" لنفسنا وأن تنقبل التيارات الأخرى.
كيف لشعب يبحث في كل مناسبة وطنية عن حملة إعلانية مقرفة أن يتطور ويستقل؟ دم أطفال غزة أصبح وسيلة عند بعض الأحزاب لترفع صوتها عاليًا في منابر الوطنية والنضال الكاذبين.
والمؤسسة المحتلة تنظر بفرح إلى هذه المهزلة ساخرة من سهولة استدراج من احتلتهم إلى متاهاتها الإعلامية، وسهولة استخدام سذاجتهم لتحسين صورتها الوحشية في العالم، ونحن على علمنا بهذا المخطط، نجند الكوادر لجمع الأصوات لأحزاب لا هدف لها سوى أن يتفوق "و" على "ض" وأن لا يعبر الأخير نسبة الحسم، في صراع تزوده العصبية القبلية بالوقود.
وتدخل هذه التيارات ال"وطنية" إلى الكنيست الذي سن كل القوانين العنصرية وشرع قتل كل من قتل في تاريخ احتلالنا، لماذا؟ لكي يحققوا الانجازات العظيمة التي حققوها على مدار السنين التي كانوا فيها هناك. فتفخر المؤسسة الصهيونة (أمام شاشات التلفزة) بالمساواة التي تمنحها لل"مواطنين" العرب في الدولة وبنسبة استغلال المواطنين العرب ل"حقهم الديموقراطي" في التصويت.
وبهذا نظهر أمام كل من ينظر من الخارج كمواطنين متساوين في داخل الدولة ولا حق لنا في التذمر من الاحتلال، فنحن لسنا محتلين بل نحن مواطنون.
كان حريّاً بنا أن نظلّ أقلية إثنية غير معترفة بالدولة موجودة تحت الاحتلال تأخذ كل حقوقها الانسانية حسب مواثيق الامم المتحدة ولا تمنح الاحقية لمن لا يحق له البقاء.
لكانت قضيتنا الفلسطينية مقنعة أكثر بكثير لو لم نختر أن نتهوّد ونتطبع بمحتلنا في غير وعي منا ونحن نظن أننا نقاومه ونحاربه.
لا أريد أن أنظّر وأتنبّأ، ولكن لكان وضعنا أفضل بكثير لولا الأطر المتناحرة التي "تخلص لنا الحقوق من أفواه الأسود". والتي استطاعت بكل بسالة أن تغير كل القوانين العنصرية التي سنت ضدنا، واستطاعت منع كل الاجتياحات الغاشمة على أخوتنا في غزة ولبنان.
والمشكلة الأكبر هي حين تتفوق أهمية نجاح "الحزب" على أهمية الفكرة التي قام من أجلها هذا الحزب. فقد انجرفنا في الخلافات الشخصية وال"حزبية" التافهة والقذرة حتى نسينا لمَ وجدت هذه الأحزاب أصلاً، وأصبحت كل فعالية "وطنية" ل"و" مهما كانت صغيرة تسجل في السجلات التاريخية المعطرة وتدرج في الأجندة التنافسية مع "ض"، التي بدورها تشعر بالحرقة لأن "و" تفوقت عليها الآن في سباق النضال الوطني التاريخي. فتعقد الاجتماعات المكثفة للكوادر من كل حدب وصوب لبحث المشكلة والخروج بقرار يفيد بضرورة القيام بفعالية "وطنية" على اسم "ض" للحاق ب"و" في مقدمة سباق النضال. وتبقى الحرية بانتظار من يزيح عنها الغطاء الشفاف ويريها لنا.
وما يزيد القلب حرقة، تكوّن هذه الكوادر من جامعيّين وأكاديميين تعقد عليهم الآمال لقيادة مجتمعنا، وتحقيق ما عجز عنه من سبقنا، فتخيب الآمال حين نرى الانجرار والانقياد الإمّعي خلف من يجلسون في المقدمة (أُولائك  العظماء الذين لديهم من العقل والتدبير ما ليس لغيرهم) كقطيع من الضأن ينتظر الراعي وكلبه ليقوداه إلى المرعى.
كبت الأحلام الذي تحدثت عنه يا مصطفى هو من سبب لنا كل هذا الخمول، وجعلنا في انتظار الرز والأطفال من قبور الأولياء. هو من جعل منا جماعات متوقفة الفكر تنفذ القرارات التي تأتي من علٍ دون النظر في صحتها وأبعادها. هو من جعل التنافس الحزبي والبحث عن المقاعد شغلنا الشاغل. وهو من جعلنا نتملّق محتلنا علّه يحبنا ويبقينا على أرضنا، وجعلنا نسامحه على كل ما فعله معنا ونبحث عن ال"سلام" وال"دو كيوم".
لذلك يا عزيزي، فهذا الاستقلال الذي نسمع عنه في أطراف العالم الأخرى لن يصل إلينا إلا بقدرة قادر، وتلك الحرية التي ذكرتها لن نأخذها ما دمنا لا نعطيها، وما زالت الاحتكاكات الديموقراطية تنتهي عندنا بغزوات قبائلية كالتي شهدت عليها جامعة حيفا وشاطئها.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.77
USD
4.04
EUR
4.72
GBP
235561.55
BTC
0.52
CNY