النائب محمد بركة

فشل مؤسساتي خطيرة في معالجة المخدرات في المجتمع العربي

 الاجتماع الذي عقد في قاعة بلدية شفاعمرو حضره العشرات، من رؤساء وممثلي السلطات المحلية وممثلي وزارات ومؤسسات رسمية وشعبية

د. حنا سويد

 كيف يعقل ان تكون السجون ملجأ لتعاطي المخدرات

سلطات محلية عربية لا تعرف حقوقها في الميزانيات والتوظيف

12% من القاصرين العرب اعترفوا بتعاطيهم المخدرات ولو لمرة واحدة و9% اعترفوا باستعمال الكوكايين والهيروين

عقدت اللجنة البرلمانية لمكافحة المخدرات، برئاسة النائب محمد بركة، اليوم الخميس، اجتماعا خاصا، لبحث ظاهرة المخدرات في المجتمع العربي، وذلك في قاعة بلدية شفاعمرو، وبحضور العشرات من رؤساء وممثلي سلطات محلية عربية ووزارات ومؤسسات رسمية وجمعيات، وأثمرت الجلسة الموسعة، عن سلسلة استنتاجات وخطوات تهدف إلى زيادة معرفة السلطات المحلية العربية بحقوقها، والسعي لتقليص العبء عنها، في تمويل نشاطات وتوظيفات مكافحة المخدرات ومعالجة المدمنين.

 هذا وقد حضر الجلسة إلى جانب النائب بركة، النائب حنا سويد، رئيس كتلة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، ورئيس البلدية المضيف، ناهض خازم، ورئيس بلدية كفر قاسم، الناطق الرسمي بلسان اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية نادر صرصور، ورئس بلدية طمرة، عادل أبو الهيجا، ورئيس مجلس كفر قرع، نزيه مصاروة، ورئيس مجلس عرابة المحلي عمر نصار، والقائم بأعمال رئيس مجلس دير الأسد المحلي، ابراهيم اسدي، ونواب رئيس بلدية شفاعمرو جريس حنا وكمال شاهين وفرج خنيفس، واعضاء بلدية شفاعمرو أحمد حمدي وزهير كركبي، وأجود زين، وابراهيم شليوط، رئيس اللجنة البلدية لمكافحة المخدرات، ومدير لجنة متابعة قضايا التعليم عاطف معدي.
كما حضر الجلسة ممثلو وزارات الرفاه والصحة والتعليم والشرطة وسلطة مكافحة المخدرات، ومندوبو جمعيات وأقسام رفاه من أكثر من 12 سلطة محلية عربية.

معطيات مقلقة
وقد افتتح الجلسة، النائب بركة مرحبا بالحضور، وقال إنه يعقد هذه الجلسة لتكون جلسة تلخيصية لسلسة ابحاث، وهي ليست الأولى التي تعنى بشأن المخدرات في الوسط العربي، إذ أنه سينهي مهامه في رئاسة اللجنة في الاسبوع المقبل.
واستعرض بركة معطيات مقلقة حول حجم الأقسام واعداد الموظفين في السلطات المحلية العربية، لغرض مكافحة المخدرات والإدمان على الكحول، وتبين ان التقصير الأكبر يأتي من وزارة الرفاه، ولكن أيضا هناك ما يعيق التوظيف، وأهمها، مسألة فرض قسم من تكاليف الوظيفة على السلطة المحلية، وهذا يشكل عبئا على السلطات المحلية الفقيرة، والثانية، عدم معرفة رؤساء ومسؤولي السلطات المحلية حقوقهم في مجال التوظيف والميزانيات في هذا المجال.
وقال بركة، استنادا لنتائج البحث الذي طلبه من قسم الابحاث في الكنيست، أنه من أصل 80 سلطة محلية عربية، هناك 8 موظفين فقط من سلطة مكافحة المخدرات، أي 10%، بينما هذه النسبة ترتفع إلى أكثر من 25% لدى السلطات المحلية اليهودية، كذلك، فإن نسبة السلطات المحلية العربية التي لديها منسق لسلطة تأهيل السجناء، بلغت 7% مقابل 25% لدى السلطات المحلية اليهودية، والأمر ذاته يسري على جمعية "أل سام" التي تعنى بالادمان لدى القاصرين، فهي تشغل موظفين في 6,5% من السلطات المحلية العربية، مقابل 32% السلطات المحلية اليهودية.
وقال بركة، إن المؤسسة الرسمية ليس بامكانها ان تكتفي بمعالجة المخدرات وملاحقتها بين اليهود فقط، وان تهملها بين العرب، وهذا هو الحال، لأن التعاون في عالم الاجرام بين العرب واليهود لا تجد له مثالا، فهناك كلهم أخوة، كما قال ساخرا.
وتابع بركة قائلا، إنه من أخطر المعطيات المقلقة، هو أن 45% من السجناء الجنائيين في السجون الإسرائيلية هم من العرب، بينما نسبة الجماهير العربية 17,5%.
وتابع بركة يقول، إن ملف المخدرات، لا يمكن ان يبقى على هامش انشغال السلطات المحلية، فصحيح أن قضية تقاسم ميزانيات التوظيف تشكل عبئا يجب حله، ولكن أيضا يجب وضع القضية على رأس جدول الأعمال والكفاح من اجل الحصول على توظيفات واقسام.

خازم: على جدول أعمال بلدية شفاعمرو
وكانت الكلمة الترحيبية الثانية من رئيس بلدية شفاعمرو ناهض خازم، الذي عبر عن سعادته لكون هذه الجلسة تعقد في بلدية شفاعمرو، وقال، إن قضية مكافحة المخدرات ومعالجة المدمنين، من أهم القضايا التي تتواجد على رأس جدول أعمال البلدية، واعطى مثالا، بأن البلدية تعقد اجتماعات دورية مع قائد شرطة شفاعمرو، لمعرفة نشاط الشرطة، ومدى ملاحقتها لقضية المخدرات،، وقال إن عدد الملفات التي فتحت هذا العام، كانت أكثر من العام الماضي.

9% من القاصرين العرب استعملوا مخدرات خطيرة
هذا واستعرض مسؤول القسم العربي في سلطة مكافحة المخدرات والإدمان على الكحول وليد حداد، بعض المعطيات الهامة عن استخدام المخدرات خاصة بين القاصرين العرب، ويتبين ان حوالي 12% من القاصرين قالوا إنهم استخدموا نوعا من المخدرات أو الأدوية ذات نفس المفعول ولو مرة واحد، وقال 9% من الفتيان العرب أنهم استخدموا ولو لمرة واحدة مخدرات خطيرة مثل الكوكايين والهيروين، في حين قال 15% إنهم مارسوا أو يمارسون التدخين ولو لمرة واحدة، و16,3% يتناولون الكحول أو تناولوا ولو لمرة واحدة.
كما استعرض حداد الميزانيات التي تصرفها سلطة مكافحة المخدرات في البلدات العربية، علما ان لها ثمانية مندوبين يعملون في 10 بلدات، وتصرف السلطة نحو 600 ألف شيكل عليها، عدا الصرف على النشاط العام.

حملة اعلامية بالعربية
وقال المسؤول في سلطة مكافحة المخدرات، شماي غولان، إنه قبل ثلاثة اعوام انطلقت السلطة بحملة توعية، ولكنها كانت باللغة العبرية فقط، وقبل عام ونصف العام، وحينما كانت الحملة الثانية، وبفضل تدخل النائب بركة، فقد كانت الحملة باللغة العربية أيضا، والحملة الوشيكة أيضا ستكون باللغة العربية.

دور الوزارات
واستمع الاجتماع إلى مداخلات من وزارة الصحة داني بودوفسكي الذي تحدث عن العلاجات التي تقدمها الوزارة بشكل عام، ووزارة الرفاه ناجي مطانس، الذي قال إن كل سلطة محلية تطلب توظيف لمكافحة المخدرات تحصل عليه، ووزارة التعليم فؤاد ابو الهيجا اي عرض تأهيل معلمين وزيادة التوعية والإرشاد للطلاب لمقاومة اغراءات المخدرات.
وقال بركة في رده، إن الكثير من العلاجات في إطار معالجة المدمنين، ما تزال ناقصة، أو أن انتشارها لا يلبي الحاجة في الشارع، وانتقد بشدة سياسة وزارة الرفاه، وقال إن الوزارة مقصرة، بالذات تجاه السلطات المحلية الفقيرة، وقال إنه حتى بلديات غنية مثل تل أبيب تضج من نقص الوظائف في هذا المجال.
وتابع بركة قائلا، إن وزارة التعليم لا يمكنها أن تدعو لزيادة التوعية، بل من واجبها أن تأتي ببرامج وخطط وأشكال تطبيق، وعرض بركة على ممثل وزارة التعليم وسلطة مكافحة المخدرات، ومدير عام لجنة متابعة قضايا التعليم، الاجتماع قريبا لوضع حزمة ارشادات للطلاب، تكون في المدارس، وتساعد المعلمين في توعيتهم للطلاب، فوافقت الأطراف الثلاثة فورا على الاقتراح.

70% من السجناء يتعاطون المخدرات
وقدم فرحات فرحات مداخلة عن سلطة تأهيل السجناء، وأكد أن عدد الوظائف في البلدات العربية في مجال تأهيل السجناء ومتابعة قضاياهم بعد اطلاق سراحهم غير كاف، وقال إن ما بين 65% إلى 70% من السجناء يتعاطون المخدرات.
وهنا تساءل النائب حنا سويد، عن كيفية وصول المخدرات إلى السجناء، لأنه يفترض ان تكون السجون مغلقة وتحت رقابة دائمة، فكيف يعقل ان تكون هذه النسبة لتعاطي المخدرات.
وقال النائب بركة، لربما نخرج من هذا الاجتماع بعنوان: السجون سوق آمن للمخدرات.

تقارير مختلفة
هذا وقدم عدد من الحاضرين مداخلات وكلمات كل في مجاله، من جمعيات وأطر وممثلي بلدية شفاعمرو، حيث عرضوا شروحات عن اشكال عملهم والنواقص التي يعانوا منها.

نزيه مصاروة: لا نعمل شيئا
والقى رئيس مجلس كفر قرع، نزيه مصاروة كلمة، طغى عليها الانتقاد الذاتي الجريء لعمل السلطات المحلية العربية، وقال، اعتقد أن الوضع سيء جدا، ففي غالبية البلدات العربية لا يوجد عمل اطلاقا في هذا المجال، ونحن نواجه تحللا مجتمعيا، وقال إننا في السلطات المحلية العربية لا نعمل شيئا، ولا تعرف غالبيتنا حقوقنا في الميزانيات والتوظيف في هذا المجال، واضاف، أن ما سمعناه اليوم من تقارير المؤسسات، يخلق انطباعا بأن العمل سطحي وليس جوهريا.

عمر نصار: لست متفاجئا
وقال رئيس مجلس عرابة المحلي عمر نصار، إنه لم يتفاجأ من المعطيات المقلقة، فهي تضاف إلى سلسلة معطيات خطيرة في مجالات أخرى، وقال، إنني اتخوف من أن السجن يكون أيضا المكان الأول الذي يلتقي فيه الشخص مع المخدرات ويبدأ استعمالها.
واضاف نصار، إن وزارة الداخلية ترفض حتى التوظيف، وتريد كل شيء بقرارها، وقال، إن المشكلة ليست فقط في تقاسم ميزانية التوظيف، بل أيضا بالعقبات التي تضعها الداخلية.

ابراهيم أسدي: عمل ميداني
وقال القائم باعمال رئيس مجلس دير الاسد ابراهيم أسدي، إن المطلوب أيضا عمل ميداني، وأن يعي رئيس السلطة المحلية حجم المخاطر في بلده، ويحفز الشرطة على القيام بواجبها، اضافة إلى وضع البرامج اللازمة وتخصيص الميزانيات الضرورية، لمقاومة هذه الظاهرة وتوعية المجتمع.

كمال شاهين: لا يوجد ردع
وقال نائب رئيس بلدية شفاعمرو، كمال شاهين، إن الانطباع السائد هو عدم وجود أحكام رادعة ضد التجار والمستعملين، وهذا أمر يساهم أيضا في تقليص الظاهرة.

سويد: شكل لتنامي العنف
وفي كلمته، قال النائب حنا سويد، إن آفة المخدرات هي عامل من عوامل تنامي العنف في المجتمع، ولهذا فإن المكافحة والمعالجة تسير على مسارين، انقاذ الفرد بشكل شخص وثانيا معالجة وتحصين المجتمع ليواجه بدوره هذه الآفة.
وقال سويد، إن قضية تقاسم ميزانيات التوظيف، ونحن سنأخذ على عاتقنا ملاحقة هذه القضية، لأنها بالفعل تشكل عائقا أمام اشغال عدد كبير من الوظائف والاقسام الضرورية في السلطات المحلية العربية.

تلخيص وقرارات
وفي كلمته التلخيصية شكر بركة، جميع الحاضرين والمشاركين والبلدية المضيفة، وقال إنه منذ اليوم الاول لتولي منصبه رئيسا للجنة، قال إن هناك عاملين، إذا تمت معالجتهما نكون قد انجزنا 90% من المهمة، الأول منع التهريب، والثانية تحصين وتوعية الجيل الناشئ.
وقال بركة، إننا أمام فشل مؤسساتي خطير إلى اقصى الحدود، ونتيجة تفشي المخدرات بصورة مقلقة.
واتخذ بركة سلسلة قرارات، فاضافة إلى لبورة رزمة ارشادات وتوعية السابق ذكرها، قرر اصدار ورقة ارشادات ومعلومات لكافة رؤساء السلطات المحلية العربية لارشادهم حول حقوق سلطاتهم في مجال الميزانيات والتوظيف، وثانيا، وضع وزير التعليم غدعون ساعر، امام ضرورة وضع برنامج واضح في المدارس العربية للتوعية من المخدرات، وثالثا، التوجه إلى وزير الداخلية لاعفاء السلطات المحلية الفقيرة العربية واليهودية من قضية تقاسم ميزانيات التوظيف.

نجاح غير مسبوق
هذا وبعد الاجتماع، قال مسؤول القسم العربي في سلطة مكافحة المخدرات وليد وحداد، الذي يعمل في هذا المجال منذ سنوات طويلة، إن هذا الاجتماع كان الأنجح، ونجاحه غير مسبوق، من حيث كثافة الحضور وعدد الوزارات والهيئات والمؤسسات الرسمية والشعبية، للبحث في آفة المخدرات في الشارع العربي.
واضاف حداد، إن هذا الاجتماع لا بد وأن يشكل رافعة لمواجهة قضية المخدرات ومعالجة المدمنين بين العرب.