وصلت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون صباح الاثنين إلى باريس لإجراء مباحثات مع القادة الأوروبيين والروس حول الأوضاع في ليبيا، في الوقت الذي تواصل فيه القوات الموالية للعقيد القذافي تقدمها شرقا. ومن المقرر أن تشارك كلينتون في اجتماع لوزراء خارجية دول مجموعة الثماني مساء الاثنين ويوم الثلاثاء في العاصمة الفرنسية. كما ستلتقي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الاثنين في قصر الاليزيه، قبل ان يلتقي ساركوزي وزراء خارجية دول الثماني، بحسب الاليزيه. وقد دعا الان جوبيه وزير الخارجية الفرنسية الأحد إلى تعزيز الجهود الدولية للاستجابة لطلب جامعة الدول العربية بفرض حظر جوي فوق ليبيا لمنع القذافي من قصف معارضيه بالطائرات.
قرر الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف اليوم الاثنين منع الزعيم الليبي معمر القذافي وعائلته من دخول الأراضي الروسية والقيام بعمليات مالية في البلاد وذلك في مرسوم نشر على موقع الكرملين على الانترنت. ويحدد هذا المرسوم لائحة من "16 شخصا ممنوعين من دخول الاراضي الروسية أو عبورها" بينهم العقيد القذافي. وتشمل اللائحة ابنة القذافي وأبناءه السبعة وابن عمه وكذلك وزير الدفاع الليبي وموظفين آخرين رسميين رفيعي المستوى "لهم علاقات وثيقة بالنظام". ويشمل قرار حظر القيام بعمليات مالية في البلاد ستة أشخاص بينهم العقيد القذافي وابنته عائشة وأربعة من ابنائه. ويأتي هذا المرسوم في اطار العقوبات التي فرضتها الامم المتحدة على نظام القذافي، بحسب المصدر نفسه.
ونفذت القوات الليبية الموالية للعقيد معمر القذافي اليوم الاثنين قصفا جويا استهدف مدينة أجدابيا مما أدى إلى مقتل شخص وإصابة 11 آخرين بجروح. وقال مصدر صحفي في المنطقة محمد معوض إن "القصف الجوي استهدف مدينة اجدابيا على الحدود الموازية لمدينة البريقة وتحديدا عند البوابة الغربية لأجدابيا التي يتمركز عندها الثوار" مشيرا إلى أن المدينة تعتبر خط الدفاع الأول عن مدينة بنغازي معقل الثوار. وأضاف أن القصف الجوي أدى إلى سقوط قتيل واحد وإصابة 11 شخصا بجروح توجهوا إلى مستشفى المدينة لتلقي العلاج. وأشار معوض إلى أن الثوار يحاولون التمركز خارج وداخل مدينة أجدابيا التي عاد بعض منهم إليها قادمين من مدينة البريقة بعد هجوم نفذته قوات القذافي عليها. وقال إن عددا من الثوار العائدين من البريقة تمركزوا في نقاط بالصحراء لصد أي هجوم محتمل من قوات القذافي. وأضاف أن أعدادا من سكان مدينة أجدابيا يحاولون التوجه إلى مدينة بنغازي الواقعة على مسافة 160 كيلومترا إلى الشمال من أجدابيا خوفا من أي قصف جوي للمدينة لاسيما مع تحليق طائرات مروحية في سمائها لرصد مواقع الثوار.
استعادة السيطرة على البريقة
وفي غضون ذلك، أفادت تقارير جديدة من ليبيا بأن الثوار الليبيين استعادوا السيطرة على مدينة البريقة النفطية شرق البلاد. وأكد قائد الثوار وزير الداخلية الليبية المستقيل عبد الفتاح يونس في تصريحات صحافية استرجاع السيطرة على البريقة، التي انسحب منها الثوار نهار الأحد تحت اشتداد ضربات القوات الموالية للقذافي. وتعهد يونس، بالدفاع عن محافظة اجدابيا التي قال إنها مِنطقة تتمتع بأهمية حيوية. وفي المقابل قال نائب وزير الخارجية الليبية خالد الكعيم إن التلفزيون الليبي سيبث صورا لقوات القذافي وهي تدخل البريقة، كما اتهم المنشقين بأنهم يدفعون بالشباب إلى الانتحار.
القذافي يحث على الإستثمار في نفط ليبيا
حث الزعيم الليبي معمر القذافي روسيا والصين والهند على الاستثمار في قطاع النفط الليبي. وأعلن التلفزيون الرسمي الليبي أن القذافي وجه هذا النداء خلال محادثات مع سفراء الدول الثلاث. وقال إنه تم خلال المحادثات مع السفراء توجيه نداء إلى شركات هذه الدول للاستثمار في صناعة النفط الليبية. وأدى القتال ونقص العمال والعقوبات الدولية ورفض البنوك الدولية تمويل الصفقات في أعقاب انتفاضة شعبية إلى تعطيل صادرات النفط الليبية بشكل كبير. وتراجع سعر النفط الخام أكثر من دولار للبرميل بعد أن استعادت قوات القذافي السيطرة على بعض الأراضي خلال مطلع الأسبوع. ويقدر بعض محللي الصناعة أن الأمر سيستغرق عاما كي تعود العمليات في ليبيا العضو في "أوبك" إلى طبيعتها. وكانت ليبيا تنتج قبل الاضطرابات 1.6 مليون برميل يوميا. وعارضت روسيا والصين حتى الآن اقتراحا بفرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا. وروسيا والصين عضوان دائمان بمجلس الأمن الدولي وتملكان حق النقض (الفيتو).
وأعلنت المعارضة الليبية أن وحدة من قوات النخبة التابعة لها قد صدَّت هجوم القوات الموالية للقذافي على بريقة واستعادت المنطقة الصناعية في البلدة النفطية الاستراتيجية التي كانت قد أُرغمت على الانسحاب منها في وقت سابق الأحد. وقالت إن الوحدة التي تمكنت من استعادة بريقة كانت قد أُرسلت من مدينة بنغازي، معقل المعارضة، وذلك بهدف استعادة البلدة التي كانت قد تعرضت لقصف كثيف صباح الأحد من قبل القوات الموالية للقذافي. أمَّا مصراتة، آخر أهم قاعدة تسيطر عليها المعارضة في غرب ليبيا، فقد أفادت الأنباء بأنها تتعرض لنيران الدبابات المرابطة على تخوم المدينة.
وكان التلفزيون الرسمي الليبي قد أعلن في وقت سابق الأحد أن القوات الليبية قامت بـ "تطهير" بريقة، التي تبعد نحو ثمانين كيلو مترا غرب مدينة أجدابيا.
دفن المعارضة المسلحة
ونقل التلفزيون عن مسؤولين في الحكومة الليبية قولهم إنهم واثقون من الانتصار ومن "دفن المعارضة المسلحة". وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع، ميلاد حسين الفقهي، في مؤتمر صحافي إن قوات القذافي ستتقدم شرقا لاستعادة السيطرة على مزيد من المناطق الخاضعة لمن سماهم بالمتمردين. وتتقدم قوات القذافي إلى معقل الثورة شرقي البلاد بعدما استعادت مدنا جديدة مستخدمة سلاح المدفعية والطيران بكثافة.
فقد تمكَّنت القوات الموالية للقذافي من استعادة مدينة رأس لانوف الاستراتيجية المنتجة للنفط بشمال ليبيا من قوات المعارضة، وذلك بعد قتال استمر عدة أيام. وقال العقيد بشير عبد القادر، القيادي في صفوف المعارضة، لوكالة رويترز للأنباء: "خرجنا من رأس لانوف، إذ أجبرونا على التراجع نتيجة القصف". وأضاف: "تراجعنا 20 كيلومترا من موقعنا الليلة الماضية لأننا نخشى كذلك من انفجار مصفاة النفط".
تصوير: Getty Images
وعلى الصعيد الدبلوماسي، رفضت الحكومة الليبية الأحد قرار الجامعة العربية الذي دعا مجلس الأمن الدولي إلى فرض حظر جوي على ليبيا، معتبرة "أن القرار وُضع على ادعاءات كاذبة". وقالت وزارة الخارجية الليبية في بيان بثته وكالة الأنباء الليبية الرسمية إن "قرار الجامعة العربية أُسِّس على ادعاءات كاذبة وتشويه صريح للحقائق، وما جرى على الأرض، وهي أمور عملنا على إيضاحها وإتاحتها أمام الجميع، بل وطالبنا مرارا بإيفاد لجان للتحقيق بها". وقال بيان الخارجية إنه "كان الأولى بمجلس الجامعة أن يقرر إرسال لجنة لتقصي الحقائق أولا".
جرائم وانتهاكات
من جانبه، قال سيف الإسلام، نجل القذافي، إن بلاده لم تعد ترغب بعضوية الجامعة العربية التي علَّقت مشاركة ليبيا في اجتماعاتها احتجاجا على استخدام العنف ضد المتظاهرين. وقررت الدول الأعضاء، في اختتام اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب في غياب ليبيا، البدء في الاتصال بالمجلس الانتقالي المعارض لنظام حكم القذافي. واعتمد الوزراء قرارا اعتبر أن "جرائم وانتهاكات السلطات الليبية تفقدها الشرعية"، كما نوهوا إلى قرار سابق رفضوا فيه "كافة أشكال التدخل الأجنبي في ليبيا". لكنهم اعتبروا أيضا أن "عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنهاء هذه الأزمة سيؤدي إلى التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية الليبية."
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن دبلوماسيين عرب قولهم إن الجزائر وسورية تحفظتا على قرار فرض الحظر الجوي على ليبيا. وذكر الدبلوماسيون أن سفير سورية لدى الجامعة العربية، يوسف الأحمد، اعتبر أن فرض منطقة حظر جوي على ليبيا "ربما يمهد الطريق لتدخل عسكري خارجي في تلك البلاد".