الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 02 / مايو 02:02

المحامي جبارة يفتح ملف قانون ما يسمى بحارس أملاك الغائبين في القدس

ديالا جويحان -
نُشر: 14/04/11 17:08,  حُتلن: 18:22

المحامي مهند جبارة:

تعريف الغائبين شمل السكان الفلسطينيين العرب الذين غابوا بتاريخ 1 أيلول 1948 من الأراضي الواقعة تحت سيادة إسرائيل

اتضح سريعًا ولأول مرة منذ العام 1967 أن حكومة إسرائيل تعتزم استخدام قانون أملاك الغائبين بصورة منهجية في شرق القدس

قانون املاك الغائبين الإسرائيلي يعتبر احد اهم القوانين الاسرائيلية الذي اعتمدت عليها اسرائيل في سيطرتها على المئات من العقارات وتحويلها لملكية الدولة العبرية

كشف المحامي وخبير الأراضي والعقارات مهند جبارة في لقاء صحفي خاص لنادي الصحافة المقدسي عقد في مقهى الكتاب الثقافي بالقدس ، عن مخططات إسرائيلية لتجريد الفلسطينيين من عقاراتهم وأملاكهم في القدس من خلال استعمال وتفعيل ما يسمى بقانون أملاك الغائبين وفرضه على أملاك أهل الضفة الغربية في القدس وذالك على الرغم من توصيات المستشارين القضائيين السابقين للحكومة الاسرائيلية الذين اوصوا بعدم تفعيل قانون املاك الغائبين على مثل هذه العقارات في القدس وعلى الرغم من قرار المحكمة المركزية في القدس الصادر في ملف عائلتي الدقاق والدجاني والذي بموجبه أقرت هيئة المحكمة بعدم إمكانية استعمال قانون أملاك الغائبين اصلا على مثل هذه العقارات.


مهند جبارة

واوضح المحامي مهند جبارة ان الكنيست الاسرائيلية سنت في سنة 1950 ما يسمى بقانون أملاك الغائبين، وصادرت بموجبه أراضي وبيوت كل من تم تعريفهم بال-"غائبين". حيث نُقلت هذه الأملاك لسلطة الوصي العام ( المُعين/ الحارس/ القيّم) المسؤول عن أملاك الغائبين. وفي مرحلة لاحقة تم نقلها الى ما يسمى بـ "سلطة التطوير"- الجسم الحكومي الذي أدار أراضي الغائبين والأراضي المصادرة. وفي عام 1960 مع إقامة مديرية أراضي إسرائيل وُضعت هذه الأملاك تحت إدارتها .
واضاف جبارة ان قانون املاك الغائبين الإسرائيلي يعتبر احد اهم القوانين الاسرائيلية الذي اعتمدت عليها اسرائيل في سيطرتها على المئات من العقارات والاف الدونمات وتحويلها لملكية الدولة العبرية .

من هم "الغائبون"؟
واوضح جبارة ان تعريف الغائبين شمل السكان الفلسطينيين العرب الذين غابوا بتاريخ 1 أيلول 1948 من الأراضي الواقعة تحت سيادة إسرائيل: الذين نزحوا إلى الدول العربية، وأيضا الذين هجرّوا إلى قرى ومدن الجليل والمثلث، والتي لم يكن الجيش الإسرائيلي لغاية التاريخ المحدد في القانون- ا أيلول 1948، قد احتلها بعد. ومع انتهاء الحرب كان الجليل قد أصبح داخل إسرائيل، وتم ضم قرى كثيرة من المثلث إلى إسرائيل. الا ان هذه الحقيقة لم تلغ تعريف أولئك السكان باعتبارهم غائبين، وقد أصبح لهؤلاء الآن مكانة خاصة فأطلق عليهم مصطلح "الغائبون الحاضرون".
واستخدم قانون أملاك الغائبين لعام 1950 كوسيلة قانونية بغية تحويل أملاك اللاجئين الفلسطينيّين إلى ملكية دولة إسرائيل. وينص القانون على أن أراضي وأملاك السكان الفلسطينيّين ورعايا البلاد العربية الذين مكثوا فيها منذ يوم 20 تشرين الثاني 1947 وحتى الإعلان عن انتهاء حالة الطوارئ [الأمر الذي لم يتغير إلى الآن] أو مكثوا "داخل أي جزء من ما يسمى بأرض إسرائيل خارج حدود إسرائيل" ولهم املاك داخل "دولة اسرائيل" فان املاكهم تُنقل إلى سلطة القيّم على أملاك الغائبين، أي إلى سلطة الدولة.

قانون أملاك الغائبين وسريان أحكامه في القدس الشرقية
وتابع جبارة انه نتيجة لسريان مفعول قوانين الدولة، ومن ضمنها قانون أملاك الغائبين، على المناطق التي تمّ ضمها في أعقاب ضمّ شرق القدس الى الجزء الغربي من القدس في العام 1967 ونتيجة له، نتج واقعًا إشكاليًا إذ أضحت عمليًا الغالبية العظمى من أملاك سكان المدينة الفلسطينيّون أملاك غائبين، إذ أن هؤلاء كانوا في الفترة المشار إليها في القانون رعايا الأردن، والتي كانت تُعتبر في حينه دولة عدو، مكثوا "داخل أي جزء من ما يسمى بأرض إسرائيل خارج حدود إسرائيل". وبغية التعاطي مع هذا الواقع الإشكالي، تنص المادة الثالثة من قانون أنظمة القضاء والإدارة الاسرائيلي لعام 1970 (فيما يلي: قانون العام 1970) على أن القانون لا يسري على سكان شرق القدس الذين "مكثوا داخل منطقة السريان وكانوا مقيمين به يوم بدأ نفاذ أمر فرض القضاء". بكلمات أخرى، السكان الذي مكثوا جسديًا في شرق القدس يوم الضمّ فقط لا يعتبرون غائبين بالنسبة لعقاراتهم في شرقي القدس. الا ان المادة الثالثة من القانون لعام 1970، لم توفّر حلاًّ للسكان الفلسطينيّين الذين أقاموا خارج مناطق نفوذ بلدية القدس في حينه ولكن كانت بملكيتهم أراض أو أملاك أخرى داخل مناطق نفوذ بلدية القدس. وبالتالي تحوّل عمليا كل فلسطيني كان يقطن خارج مناطق نفوذ بلدية القدس الى غائب وبهذا فقد سمح قانون املاك الغائبين مصادرة املاكهم الموجودة في القدس.

وعلى الرغم من حقيقة أن القانون ذاته لم يُلغَ داخل حدود شرق القدس، إلاّ أن المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية (مئير شمغار) في حينه أقرّ بعد وقت قصير من عملية الضمّ أنه ليس من المستحسن فرض وتنفيذ هذا القانون على الفلسطينيّين المقيمين في الضفّة الغربية ولهم أملاك في القدس. وأكّد موقفه هذا في مناسبات عديدة أخرى لاحقًا:

"... لم نلاحظ أن العدل يتحقّق من خلال وضع اليد على أملاك تحوّلت إلى أملاك غائبين في الوقت الذي تحوّل صاحب هذه الأملاك المقيم في ما يسمى ب ( يهودا والسامرة) إلى أحد رعايا سيطرة سلطات حكومية إسرائيلية. بعبارات أخرى، بما أن المُلك لم يكن مُلكًا غائبًا قبل يوم دخول قوات الجيش الإسرائيلي إلى شرق القدس، ولم يكن ممكنًا أن يتحوّل إلى ملك غائب لو استمر النظر إلى شرق القدس جزءًا من " يهودا والسامرة " ، لم نجد مسوغًا لحقيقة أن ضمّ شرق القدس لوحده يؤدّي إلى الاستيلاء على أملاك شخص ما ليس غائبًا عمليًا وإنما يمكث يوم وصول أملاكه إلى أيادينا تحت سلطة قوات الجيش الإسرائيلي".

وعليه، لم تستغل (تنفذ) إسرائيل غالبًا على مدار سنين طويلة هذا القانون ولم تفرضه بخصوص املاك اهل الضفة الغربية في شرق القدس، إذ أن الموجات الكبرى لمصادرة الأراضي من طرف الدولة في شرق القدس بغرض بناء الأحياء الإسرائيلية، والتي تبلغ نسبتها نحو ثلاثين بالمائة من مساحة الأراضي التي تمّ ضمها، تمّت بحجّة المصادرة لأغراض المصالح العامة وليس عبر استخدام قانون أملاك الغائبين.

وتبدّلت هذه السياسة في العام 1977 بمبادرة أرئيل شارون، وزير الزراعة في حينه، الذي فرض هذا القانون من جديد بوصفه "نظام مؤقت إلى حين معاينته من جديد". عملاً بهذا النظام، يتعيّن على سكان الضفّة الغربية الذين لهم أملاك في شرق القدس تقديم طلب إلى القيّم على أملاك الغائبين للاستمرار بتملّك أملاكهم واستعمالها. وفي حقبة الثمانينيات، تمّ استغلال قانون أملاك الغائبين بصورة واسعة ومكثّفة في شرق القدس، وبخاصة في البلدة القديمة وفي الطرف الجنوبي لقرية سلوان.

جدار الفصل واستغلال قانون أملاك الغائبين في القدس 2004/2005
واشار المحامي جبارة الى ان عددا من أصحاب الأراضي الفلسطينية من سكان بيت جالا وبيت لحم رفعوا التماسًا إلى المحكمة العليا الاسرائيلية في أعقاب البدء بإنشاء جدار الفصل في العام 2002 بغية تأمين طريقة وصولهم إلى حقول أشجار الزيتون التي يملكونها والواقعة في الجانب المقدسي من جدار الفصل. زرع هؤلاء السكان أراضيهم على مدار سنين طويلة من دون أي عائق، على الرغم من إقامتهم خارج مناطق نفوذ بلدية القدس، إلاّ أن إقامة الجدار على حدود مناطق النفوذ قد خلق واقعًا جديدًا انطوى على فصل " جسدي" بين السكان وبين أراضيهم وأملاكهم.

على الرغم من التزام صريح من طرف الجيش الإسرائيلي بالسماح لأصحاب الأراضي الوصول إلى أراضيهم بعد استكمال إنشاء الجدار، لم يتم إصدار تصاريح كهذه لأصحاب هذه الأراضي. وأعلمت السلطات الاسرائيلية أصحاب الأراضي هذه في تشرين الثاني 2004 بأنه لم يتم استصدار تصاريح لأصحاب الاراضي بحيث ان الملكية بهذه الاراضي انتقلت الى حارس املاك الغائبين.

وكشف جبارة " اتضح سريعًا ولأول مرة منذ العام 1967 أن حكومة إسرائيل تعتزم استخدام قانون أملاك الغائبين بصورة منهجية في شرق القدس. اتّضحت هذه السياسة في أعقاب اتخاذ لجنة وزارية لشؤون القدس في إحدى جلساتها قرارًا صادقت عليه الحكومة الاسرائيلية من دون الإعلان عن ذلك للجمهور. بموجب هذا القرار "مُنحت كامل السلطات للقيّم على أملاك الغائبين عملاً بالمادة 19 من قانون أملاك الغائبين لعام 1950، ومن ضمن ذلك القيام بتأجير أو بيع أو تحويل الأراضي الواقعة في شرق القدس إلى سلطة التطوير". تجدر الإشارة إلى أنه حضر هذه الجلسة وزيران فقط هما نتان شيرانسكي وزبولون أورليف. أدّى النقد الجماهيري والدولي البالغ في أعقاب نشر هذا القرار إلى قيام المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية في حينه، ميني مزوز، بإرسال رسالة حادّة اللهجة في يوم 31/1/2005 إلى وزير المالية في حينه، بنيامين نتياهو، والذي طالبه من خلالها بوقف فوري لاستخدام قانون أملاك الغائبين على أملاك سكان الضفّة الغربية في شرق القدس. وأمر مزوز العودة إلى السياسة السابقة لقرار اللجنة الوزارية والتي تقضي باستخدام هذا القانون في حالات خاصة فقط وبتصريح مسبق من المستشار القضائي للحكومة فقط:

"يتعيّن التوضيح أن هذا القرار لا يمكن له أن يمر. إذ ليس من صلاحية اللجنة الوزارية لشؤون القدس منح تفسير قضائي لحدود سلطة القيّم على أملاك الغائبين، وليس من مهامها الانشغال بوضع سياسة بشأن السلطات الممنوحة بموجب قانون أملاك الغائبين [...] أطالبك أن تأمر بوقف فوري لاستخدام قانون أملاك الغائبين بخصوص أملاك في شرق القدس تابعة لسكان ما يسمى ب يهودا والسامرة".

زحف المصادرة
ونوه جبارة الى ان حكومات إسرائيل المتعاقبة امتنعت غالبًا وعلى وجه العموم عن استخدام مفرط لقانون أملاك الغائبين بالنسبة لاملاك اهل الضفة الغربية في شرق القدس وذلك بفضل توصيات صريحة من طرف المستشارين القضائيّين للحكومة. ومن بين مجمل الحالات الشاذّة لهذه السياسة، قرار من طرف وزارة البناء والإسكان اتّخذ في مطلع العام 2008 لبناء أكثر من ألف وحدة سكنية ضمن مشروع لتوسيع مستوطنة هار حوما (جبل أبو غنيم) في الطرف الجنوبي لمدينة القدس. ومن بين مجمل الأراضي المزمع البناء عليها هناك أراضي أعلن عنها في التسعينيات "أملاك غائبين" تعود لسكان من بيت ساحور ولم يتم تعويض أصحابها كما ولم يتم البتّ بهذا الإعلان أمام القضاء.

ولكن، إلى جانب هذه المصادرات الكبيرة التي تمّت خلال السنين الطويلة منذ 1967 وحتى اليوم، نشهد "زحفًا لمصادرة" الأملاك بصورة موضعية. يتم هذا الأمر بصورة خاصة عبر فحص مُبادر إليه بشأن النظر إلى أشخاص فلسطينيّين معيّنين كغائبين أم لا، وذلك في أعقاب توجّه هؤلاء الأشخاص لتسجيل أراضيهم في دائرة تسجيل الأراضي. وفي مثل هذه الحالات، يتحول حارس املاك الغائبين إلى شريك بالأملاك بما يتلاءم ونسبة صاحب الأرض بملكيتها. من العسير تقييم حجم الأملاك التي تمّ مصادرتها بهذه الطريقة منذ العام 1967، ولكن يدور الحديث حول ظاهرة واسعة الانتشار، والتي تشكّل أحد الأسباب المركزية لعدم استعداد عدد كبير من السكان الفلسطينيّين في شرق القدس إلى تسجيل أراضيهم بصورة منظمة في دائرة تسجيل الأراضي. إنّ لهذا النهج إسقاطات خطيرة على فرصة حصول الفلسطينيّين على تراخيص للبناء على أراضيهم بصورة قانونية.

موقف المحكمة بشأن استعمال قانون املاك الغائبين بخصوص املاك اهل الضفة الغربية في القدس
واستعرض المحامي جبارة دور وأثر المصادرات المستمرة للأراضي في شرق القدس في خلال استغلال قانون أملاك الغائبين بصورة مكثفة وشاملة أو بصورة مصادرات موضعية والنزاعات القضائية الداخلية بين اصحاب الاراضي انفسهم، قد أدّت إلى وصول هذه القضية إلى دور القضاء حيث تتداول هذه القضية في اروقة المحاكم الاسرائيلية في حالات مختلفة. وغالبًا ما تطرّقت المحكمة العليا إلى مسألة رئيسة وهي فحص ما إذا كان المُلك موضوع الخلاف يقع فعلاً في خانة أملاك الغائبين أم لا، وعلى الرغم من ذلك فقد عبّرت المحكمة في حالات عديدة عن موقفها حيال جوهر القضية لمجرد استعمال هذا القانون في شرق القدس.

وعليه، في معرض تطرّق المحكمة العليا الاسرائيلية في بداية سنوات التسعينات من القرن المنصرم ، لجوهر القضية من زاوية مبدئية بشأن امكانية استعمال قانون أملاك الغائبين في شرق القدس، فقد صادق القضاة أهرون براك ومريم بن بورات وأبراهام حليمة على قرار القاضي إدموند ليفي وأقرّوا بهذا أنه يمكن اعتبار سكان الضفّة الغربية الذين لهم أملاكًا في شرق القدس كغائبين، ولذا يتعيّن مصادرة أملاكهم عملاً بقانون أملاك الغائبين.

واخذ موقف المحكمة الاسرائيلية بخصوص امكانية استعمال قانون املاك الغائبين بخصوص املاك اهل الضفة الغربية في القدس الشرقية في اعقاب توصيات المستشار القضائي للحكومة مني مزوز من يوم 31/1/2005 ، اخذ شكلا اخرا حيث قام قاضي المحكمة المركزية في القدس, القاضي بوعز اوكون, وبعد حوالي اربعين سنة من احتلال اسرائيل لشرقي القدس وبعد ان قام الجهاز القضائي والحكومة الاسرائيلية بتنفيذ قانون املاك الغائبين على املاك اهل الضفة الغربية في القدس الشرقية, قبل القاضي اوكون ادعاءات المحامي جبارة في مرافعته في قضية عائلة الدقاق والدجاني حيث اقر القاضي اوكون بعدم سريان القانون اصلا على املاك اهل الضفة الغربية في القدس الشرقية وانه لا يمكن استعماله اصلا في مثل هذه الحالات حيث لا يمكن القول اصلا انه هناك امكانية لاستعماله وليس من المحبذ استعماله (كموقف للمستشار القضائي للحكومة, مني مزوز):

"بالحقيقة، لم يتم ضمّ الأراضي الواقعة في مناطق يهودا والسامرة (إلى إسرائيل). ولكن إسرائيل لم تعترف بأي سلطة أخرى على هذه المناطق، وحتّى أنها رفضت تعريفها على أنها مناطق محتلّة. إنَّ استخدام قانون أملاك الغائبين في ظلّ هذه الظروف من شأنه خلق حالة ضبابية تكون المناطق وفقها خارج إسرائيل بغرض حصول إسرائيل على "مستحقات" وذلك من دون أن يكون سكان هذه المناطق معرّفين على أنهم سكان كيان سياسي آخر معادي. إنه نوع من الاختبار القضائي الذي لا يقف خلفه أي واقع (حقيقي) معين، باستثناء أوامر ضمّ لمناطق معينة. إنَّ هذه الصورة أشبه بأن تُعرّف على أنها خطاب قضائي ولكن من دون قضاء. بنظر السكان، فإنَّ شيئًا لم يتغيّر البتة على أرض الواقع. إن سكان المناطق ذاتها كانوا يخضعون إلى سيطرة ناجعة وكانوا يخضعون إلى سلطة القانون ذاته أو السلطة ذاتها التي تعمل في ظلّ القانون ذاته".

انقسام الموقف القضائي
واضاف جبارة انه في وقت لاحق انقسم الموقف القضائي بهذا الخصوص الى موقفين: الاول, وهو موقف القاضي بوعز اوكون اعلاه والتي انضمت له القاضية تسور من مركزية القدس والذي بموجبه لا يمكن اصلا استعمال قانون الغائبين على املاك اهل الضفة الغربية في القدس الشرقية. والثاني, وهو موقف القضاة كرميلي وعنبار, قضاة مركزية القدس والذين يعتبرون ان قانون املاك الغائبين يمكن تطبيقه على املاك اهل الضفة الغربية في القدس الشرقية بحيث يبقى القرار لاستعماله او عدم استعماله في يد المستشار القضائي للحكومة. هذا الانقسام في وجهات الراي اخذ بالقضية الى المحكمة العليا الاسرائيلية التي تطرقت بوصفها محكمة للاستئناف المدني مؤخرًا إلى أربعة طلبات استئناف على قرارات الحكم المختلفة اعلاه التي صدرت بهذا الخصوص، والتي تقدّم بها كل من القيّم على أملاك الغائبين (احدها ضد قرار حكم القاضي أوكون) وعدد من المواطنين الفلسطينيّين، وجميع طلبات الاستئناف هذه قد وضعت كملف واحد وتم توحيدها والنظر بها بهيئة موسعة للمحكمة العليا الاسرائيلية وبتركيبة تضم 7 قضاة والتي ترأستها رئيسة المحكمة العليا, القاضية بينيش وذلك لاهمية وحساسية القضية. وجهت المحكمة نقدًا شديدًا في معرض قرارها من يوم 1 شباط 2010 لموقف ممثل المستشار القضائي للحكومة حول هذه الملفات المذكورة لأن موقفه هذا لا ينسجم مع موقف المستشار القضائي للحكومة الذي تمّ التعبير عنه في رسالته من يوم 31 كانون الثاني 2005 كما يتعارض مع توصيات المستشار القضائي للحكومة مئير شمغار من العام 1968. وطالبت المحكمة الحصول على موقف مستحدث للمستشار القضائي للحكومة الجديد خلال 90 يومًا وبعدها تصدر المحكمة قرارها.

وعكس موقف المحكمة هذا، بصورة كبيرة، والذي صدر بتركيبة سبعة قضاة، تعقيد وحساسية قضية استعمال قانون أملاك الغائبين على املاك اهل الضفة الغربية في شرق القدس. ومن بين مجمل الأمور، ينبع تعقيد هذه القضية من التوتّر السائد بين استعمال هذا القانون في شرق القدس، والذي لم يلغ أبدًا، وبين موقف المستشارين القضائيّين للحكومة شمغار وحريش ومزوز الذين عبّروا عن معارضتهم لاستعماله بشأن سكان الضفّة الغربية.

يجب التنويه ان موقف المستشار القضائي للحكومة السابق, مزوز كان واضحا بحيث انه برأيه من الواضح وبموجب نص القانون فمن الممكن استعمال قانون املاك الغائبين بخصوص املاك اهل الضفة الا انه وبنظره عمليا ومنطقيا فانه من غير المحبذ استعمال القانون في مثل هذه الحالات.

وفي رده امام هيئة المحكمة العليا قال مزوز انه عمليا (ولغرض الغاء قرار القاضي اوكون) مستعد على ان يتم التصريح بشكل جارف انه لن يتم استعمال القانون في مثل هذه الحالات من قبل حارس املاك الغائبين من اليوم فصاعدا (مع الحفاظ على الحالات التي تم استعمال بها القانون في الماضي).

اما بخصوص موقف المستشار القضائي للحكومة الجديد فاينشتين فقد ادلى الاخير بموقفه يوم 12 أيار 2010 عبر ممثله إلى المحكمة بشأن موقف النيابة العامة بهذا النص:
"يعبّر المستشار القضائي للحكومة بهذا عن تبنّيه توصيه المحكمة الموقّرة في جلستها بشأن هذه الملفات يوم 2 شباط 2010. وعليه، ستناقش اللجنة الخاصة عملاً بالمادة 29 من قانون أملاك الغائبين لعام 1950 بشأن إعادة الأملاك موضوع النقاش في هذه الملفات بعد أن يقوم أصحاب الحقوق عليها بتقديم طلب بهذا الشأن، وذلك على أساس موقف الدولة والقيّم على أملاك الغائبين مفاده أن هذه الأملاك تعتبر فعلاً أملاك غائبين".

من الواضح أن من خلال جوابه هذا تهرّب المستشار القضائي للحكومة من عرض موقف مبدئي حيال قضية استعمال القانون في شرق القدس، واكتفى بتطرّقه الموضعي للملفات الاربعة فقط. إضافة إلى ذلك، يمكن تفسير هذا الجواب على أنه يمنح الشرعية لاستعمال قانون أملاك الغائبين لأغراض مصادرة أملاك فلسطينية في شرق القدس.

واعتبر جبارة انه عمليا ومن خلال رده امام هيئة المحكمة العليا الاسرائيلي يمثل موقف المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية الجديد, فاينشتين تراجعا كبيرا بخصوص موقف المستشار القضائي للحكومة بهذا الخصوص حيث ان فاينشتين يطلب من خلال موقفه اعلاه المصادقة على موقفه (المخالف لموقف القاضي بوعز اوكون) ان قانون املاك الغائبين ساري المفعول بخصوص املاك اهل الضفة الغربية في القدس الشرقية واكثر من ذلك فانه يريد مصادقة اطراف القضية من الفلسطينيين على ذلك والتقدم بطلب بموجب المادة 29 لقانون الغائبين بالمطالبة بتحرير تلك العقارات من الغياب دون ان يعطي أي تفسير و/او أي التزام بخصوص موقفه بعد التقدم بمثل هذا الطلب.
يذكر ان موقف المستشار فاينشتين اعلاه جاء بخلاف تام لموقف هيئة المحكمة العليا الاسرائيلية التي رأت بعدم البت في الوقت الحالي بخصوص السؤال هل يمكن استعمال قانون املاك الغائبين اصلا في مثل هذه الحالات ام لا, بل رأت بحل القضايا في المبحث من خلال الحصول على تصريح من قبل المستشار القضائي للحكومة بعدم استعماله للقانون في القضايا الخاصة الواردة في القضايا الاربع في المبحث.

وخلص جبارة الى انه إذا تبنّت المحكمة هذا المنظور للمستشار القضائي للحكومة فاينشتين، الذي يتعارض مع موقف مستشارين قضائيّين سابقين للحكومة منذ ضمّ شرق القدس وحتى اليوم، فإن من شأن ذلك أن يمنح دولة إسرائيل فرصة لمصادرة آلاف الدونمات وأملاك عديدة من أصحابها الفلسطينيّين، الأمر الذي من شأنه إثارة احتجاج فلسطيني ودولي واسع.

قضية املاك اهل الضفة الغربية في القدس الشرقية – الى اين ؟
وتكهن جبارة بالقول .. يمكن الجزم اليوم ان قرار المحكمة العليا الاسرائيلية بتركيبة 7 قضاة, المرتقب يمكن ان يكون قرارا فاصلا وذا ابعاد كبيرة بالنسبة لوضعية املاك اهل الضفة الغربية في القدس الشرقية:
في حال ابقاء قرار القاضي اوكون على ما هو معناه انه لا يمكن استعمال القانون اصلا على املاك اهل الضفة الغربية في القدس الشرقية الشيء الذي معناه ان استعمال دولة اسرائيل على مدار اكثر من 40 سنة لهذا القانون على مثل هذه العقارات كان بشكل غير قانوني الشيء الذي يعني ان على دولة اسرائيل اعادة هذه العقارات لاصحابها و/او تعويضهم عن قيمة تلك العقارات وبكل حال من الاحوال عدم استعمال هذا القانون من اليوم فصاعدا على مثل هذه العقارات.

في حال المصادقة على امكانية استعمال قانون املاك الغائبين على عقارات اهل الضفة الغربية في القدس الشرقية هذا الشيء يبقي الصلاحية بيد حارس املاك الغائبين في استعمال هذا القانون على مثل هذه الاملاك الشيء الذي يكون منوطا بسياسات الحكومة والوضعية السياسية الراهنة وبكل حال من الاحوال يحافظ على كل العقارات التي تم الاستيلاء عليها بموجب هذا القانون حتى هذا اليوم.

الحالة الثالثة المتوقعة في هذا الخصوص, والتي دعت اليها عمليا هيئة المحكمة العليا الاسرائيلية في قرارها من يوم 1.2.10 (والذي تجاهلها المستشار القضائي فاينشتين) وهي عدم البت في سريان او عدم سريان القانون في مثل هذه الحالات والتصريح الجارف من قبل المستشار القضائي للحكومة بعدم استعماله للقانون في هذه الحالات الشيء الذي معناه المحافظة على كل العقارات التي تم الاستيلاء عليها حتى اليوم بموجب هذا القانون وعدم استعمال القانون للاستيلاء على مثل هذه العقارات من اليوم فصاعدا.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.76
USD
4.02
EUR
4.71
GBP
214540.94
BTC
0.52
CNY