الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 08:02

11 ألف أسير فلسطيني عام 2007

ياسر العقبي مراسل
نُشر: 12/01/08 19:31

أصدرت منظمة أصدقاء الإنسان الدولية، ومقرها فيينا بسويسرا، اليوم السبت، تقريرًا مفصلاً عن واقع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي في العام الفائت 2007، قالت فيه إن زج الآلاف في غياهب السجون هو صورة واحدة من صور المظلمة التاريخية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني وما نتج عنها من معاناة دائمة.
وأشارت المنظمة في تقريرها - الذي قام بإعداده مجموعة من الخبراء في قضايا الأسرى بإشراف الباحث الأستاذ فؤاد الخفش ووصلت «العرب» نسخة عنه - أن الحركة الفلسطينية الأسيرة سطرت أمثلة إنسانية قل نظيرها في الصبر ومكابدة شغف العيش والمعاناة، وأنه في ظل ظروف مأساوية اضطر الأسرى لخوض مواجهات مستمرة مع سجانيهم التي وصفتهم "أصحاب الخوذ والعصي ورشاشات الغاز"، وأكدت على تعرضهم لأعمال قمع وعدوان من قبل قوات جيش الإسرائيلي والشاباك، وأن الاستنفارات والمواجهات وصل الأمر فيها إلى حد إطلاق النار في معتقل النقب الصحراوي على الأسرى العزل، نهاية العام المنصرم 2007، حيث قُتل الأسير محمد ساطي الأشقر. وقالت إن تاريخ الأسرى الفلسطينيين حافل بعمليات الاحتجاجات المتمثلة بالإضراب عن الطعام، والتي فُرض من خلالها على سجاني الاحتلال احترام الهيئات التي ينتخبها الأسرى لتمثيلهم.
وأشادت أصدقاء الإنسان بجهود الأسرى الفلسطينيين الذين استطاعوا تنظيم صفوفهم فكريًا وثقافيًا ورياضيًا بشكل فريد، بل وأنجزوا قوافل عديدة من حفاظ القرآن الكريم والأدباء والشعراء والخطاطين والعديد من الفنانين، وقد أتقن الكثير من الأسرى لغات أخرى، ولم تعجزهم جدران السجون، فأصبحت السجون محاضنًا للعلم والارتقاء.
وأشارت المنظمة أن عدد الأسرى في معتقلات الاحتلال بلغ في العام الفائت 2007 إحدى عشر ألف (11000) أسير، منهم 120 أسيرة و345 طفل، وكذلك 51 عضوًا من المجلس التشريعي الفلسطيني، وقد تم اعتقال 7 وزراء وهم على رأس عملهم في الحكومة السابقة، لا زال خمسة منهم يرزحون في السجون الإسرائيلية. وأكدت أصدقاء الإنسان أن عمليات اعتقال العشرات من الوزراء وأعضاء المجلس التشريعي سابقة في تاريخ الشعوب وقوى الاحتلال لم تحصل على مدار التاريخ الإنساني كله.
وعن تكوين السجون أوضحت أن معظمها تتكون من غرف تتراوح مساحتها بين 2.5 مترًا مربعًا (الاكسات) ويسكنها اثنان من الأسرى، وأخرى بمساحة تصل إلى خمسة أمتار مربعة ويسكنها ثلاثة أسرى، أو غرف يحتجز فيها من 6 إلى 18 من الأسرى. أما الغرف الجديدة فمساحة الواحدة منها 13 مترًا مربعًا ويسكنها من 8 إلى 10 أسرى، مع تهوية ضئيلة وتحصينات أمنية مشددة.
وعن نظام الحياة اليومية تحدثت المنظمة أنه يُسمح للأسرى بساعة رياضة في الصباح الباكر بعد عملية العد، ثم ساعة ونصف الساعة فورة صباحية وأخرى مسائية؛ وذلك بالخروج للتمشي في ساحة لا تزيد مساحتها عن 80 إلى 120 مترًا مربعًا في بعض السجون. علمًا أن كل قسم من الأقسام يحتوي على عدد 80 إلى 150 أسيرًا، ولا تتسع ساحات تلك الأقسام إلا لعشرين من الأسرى، مع أن الكثير من السجون صحراوية ولا مشكلة في إمكانية توفير ساحات أوسع. وعن الطعام الذي يقدم للأسرى أكدت أنه سيء نوعًا وكمًا، فلا مفر من اعتماد الأسرى في جميع المعتقلات على ما يشترونه من البقالة.
وذكرت أن الأطفال الأسرى يحتجزون دون رعاية أو تعليم. وأشارت إلى سياسة الاعتقالات المتكررة والأحكام العالية فما يفرج عن الأسير حتى يُعاد إلى السجن لأسباب زائفة بملف سري لا يطلع عليه المعتقلون ولا محاموهم، لهذه الأسباب يمكث الأسير أحيانا في الأسر لمدة سنتين أو ثلاث، بل قد يمكث فترات أطول. وتحدثت المنظمة أن معركة حقيقية يواجهها الأسرى الفلسطينيون في أقبية التحقيق، حيث «يمارس محققوهم أساليب لا مفر من نعتها بالإجرامية، تتمثل باعتقال أولاد الأسير أو المطلوب أو زوجاتهم، وتعريض الأسرى لأصناف التعذيب المختلفة لفترات قياسية». فمثلاً رزح الأسير يحيى السنوار في زنازين التعذيب لما يقرب من 11 شهرًا نُقل خلالها 7 مرات إلى المستشفى. فالمهم عند السلطات هو الحصول على المعلومة.
وفي سياق عرضها لتعمد سلطات الاحتلال للتنكيل بالأسرى، أعادت المنظمة إلى الأذهان تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، وزير الدفاع الحالي إيهود بارك عام 1999، الذي قال فيه: «دعهم يتعفنوا في السجن». وكذلك قول إسحاق هنغبي وزير الأمن الداخلي في حينه؛ تعليقًا على إضراب الأسرى في عام 2004: «دعهم يموتون».


صورة من الارشيف

وعن سياسة الإذلال والتحطيم المنهجية خصت بالذكر قضية التفتيش العاري حيث يتم تكبيل الأسير بالقوة وتعريته بذريعة التفتيش والبحث عن ممنوعات، ما يثير الأسرى بشكل كبير، وأن أسلوب التفتيش العاري لم يُمارس عند الخروج من السجن او دخوله فقط، بل لمجرد ذهاب الأسير إلى العيادة، أو إلى غرفة الزيارة لمقابلة زائريه، أو للتنقل من قسم إلى آخر، وأكدت أن الأمر لم يتوقف إلا بعد فضيحة سجن أبو غريب في العراق، وقد ساعد على ذلك إضراب الأسرى عن الطعام لمدة 19 يومًا عام 2004، وهذا لا يعني أن تلك السياسة انتهت بالكامل بل مازالت تمارس في بعض الأحيان ولكن في نطاق ضيق.
ووصفت المنظمة الاقتحامات الليلية التي تتولى القيام بها وحدة «المتسادا» بذريعة التفتيش، حيث تستخدم خلال ذلك الرصاص المطاطي ورصاص الفلفل، والعصي الكهربائية والهراوي والرش بالغاز، ويستعمل الرصاص الحي أحيانًا، ويتم اقتحام الأقسام في منتصف الليل، وتكبل أيادي الأسرى إلى الخلف ويرمون على وجوههم لساعات طويلة، ويتم الاعتداء عليهم بالضرب؛ خصوصًا إذا ما قرر الأسرى المواجهة، كما حدث في نهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2007 حيث قُتل الأسير محمد الأشقر في معتقل النقب الصحراوي. ويعتقد الكثير من الأسرى أن ذلك يمثل أسلوبًا من أجل ترهيبهم وتخريب أغراضهم، ويهدف كذلك إلى القمع الجماعي حيث دأبت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على ممارسته، فإذا حصلت مشادة كلامية بين أسير فلسطيني وضابط إسرائيلي في السجن، قد يعاقب القسم الذي يقيم فيه ذلك الأسير بالكامل، وذلك بمنع زيارة الأهل مثلاً أو فرض الغرامات المالية.
وتمتد العقوبات الفردية كذلك إلى سياسة النقل المستمر، فمن الأسرى من يتم نقله كل ثلاثة أشهر ومنهم من يتم نقله كل شهر، فالأسير جهاد يغمور ينقل في العام الواحد ما بين 10 - 15 مرة، وكذلك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني الأسير عزيز دويك، الذي نقل من سجن مجدو إلى محكمة عوفر في شهر تموز (يوليو) 2007 عشر مرات متتالية، ولا يخفى ما في ذلك من امتهان لشخصية رفيعة بمنزلته.
وقالت أن سلطات السجون تتبع سياسة حرمان الأسرى من التعليم الجامعي، وكذلك حرمان الأسرى من زيارة ذويهم وسياسة الإهمال الطبي، وأن الإحصائيات تدل أن أكثر من 1000 أسير يعانون من الأمراض المزمنة، منهم 150 في حالات خطير وتحتاج إلى متابعات مستمرة، مثل أمراض القلب وضغط الدم والسكري والسرطان والكلى.
وعن الاعتقال الإداري أكدت أن عدد الأسرى الإداريين يبلغ منذ بدء انتفاضة الأقصى في بعض الأحيان ما يقارب 1500 معتقل، أمضى بعضهم 5 سنوات كاملة قبل الإفراج عنهم، وأن عدد الرازحين تحت وطأة هذا الإجراء يقدر بحوالي 1000 أسير موزعين على سجون النقب ومجدو ورامون وعوفر.
وعن أمر فظيع يندر الحديث عنه وهو البوسطات (الذهاب إلى المحكمة أو التنقل بين السجون)، فصلت المنظمة وصف ساعات المشقة والعذاب التي تنتظر الأسير الفلسطيني حينما تتولى فرقة خاصة من فرق أمن سلطات السجون، تسمى "نحشون" عملية نقله من وإلى المحكمة، وقالت إن أفراد هذه الفرقة يمتازون بإتقان أسوأ أساليب الإذلال، كالتفتيش أثناء عملية النقل؛ حيث يفتش الأسير عاريًا حتى من جواربه عدة مرات أثناء اليوم الواحد، ويصاحب هذه العملية المذلة سيل من الشتائم يتطور أحيانا ليصل إلى الضرب المبرح. ولا يتم التفريق بين المرضى والأصحاء، وكبار السن والأطفال من الأسرى خلال هذه الممارسات العنيفة. وأن الأسير يجلس في حافلة ذات مقاعد حديدية بالغة البرودة، تلتصق هذه المقاعد ببعضها البعض لدرجة إيلام الركبة والمفاصل والظهر، ولا يستطيع الأسير الجلوس في أي وضعية مريحة؛ وذلك بسبب القيود (الكلبشات) التي توضع في اليدين والقدمين. فكلبشات اليدين تكون من نوعية خاصة، بحيث تكون اليدين في وضعية مرهقة، وملتصقتان تمامًا دون أدنى مجالٍ للتحرك.
وتتواصل هذه الرحلة لينزل الأسير إلى ما يسمى بـ«المعبار» (المعبر)، وهي غرف انتظار مؤقتة، يقضي فيها الأسير يومين أو ثلاثة قبل محاكمته وبعدها. وتمتاز هذه المعابر بأنها لا تصلح للإقامة البشرية، وهي تشبه علب السردين، فالغرفة التي لا تكاد تتسع لأربعة أشخاص يوضع فيها خمسة عشر أو عشرين شخصًا. وإذا كنت من سجون الجنوب ومحكمتك في سالم في أقصى الشمال أو في عوفر في الوسط تضطر لقضاء ما بين ثمانية إلى عشرة أيام في «المعبار».
ويشتهر بين الأسرى اسم "معبار الرملة" الذي يتعوذ منه الجميع، وإذا ما ذهب الأسير إلى المحكمة هناك سيضطر بشكلٍ أو بآخر للمكوث فيه، حيث غرفه قاتمة مظلمة شديدة البرودة شتاءً عالية الحرارة صيفًا. الطعام سيء إلى درجة أن الدواب لا تكاد تسيغه، ويجبر الأسرى على تناوله بأسوأ حالة من القذارة وتراكم للأوساخ في ظروف مهينة.
ثم يصل الأسير إلى المحكمة بعد هذه المعاناة المتصلة، ليمكث ساعات طويلة مقيد اليدين والقدمين في مخادع انتظار إسمنتية (تسمى بالعبرية «همنتناه»)، وتعني غرفة انتظار. هذه المساحات تسمى زوراً بالغرف، إذا أنها اقرب ما تكون إلى القبور؛ حيث لا تتجاوز مساحتها مترين في متر ونصف المتر. يوضع داخل المخدع الواحد من عشرين إلى خمسة وعشرين أسيرا، يضطرون للوقوف على مدى ساعات دوام المحكمة، أي من الصباح الباكر حتى الساعة الثالثة بعد الظهر. يقوم على حراسة هذه المخادع أفراد وحدة النحشون المذكورين سابقًا؛ الذين يمنعون الأسرى من الذهاب إلى الحمام أو حتى الصلاة.
يتم اقتياد الأسرى إلى المحكمة وهناك يُمنعون من الحديث إلى ذويهم أو حتى مجرد الإشارة إليهم، وفي بعض الأحيان يُجبر الأسرى على خفض رؤوسهم وعدم النظر إلى ذويهم؛ بحجة الأمن. ويعتدي أفراد النحشون على الأسرى وذويهم في حالة تبادلهم الكلمات أو مجرد الإشارات.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.83
USD
4.10
EUR
4.78
GBP
241271.00
BTC
0.53
CNY