الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 17 / مايو 07:01

المفاوضات مع اسرائيل بدلا من ارهاب حماس/ بقلم: الدبلوماسي الإسرائيلي نزار عامر

كل العرب
نُشر: 28/11/11 12:00,  حُتلن: 16:30

نزار عامر في مقاله:

كنت اتوقع من أولئك وبعد ان سلكوا طريق الارهاب وفشلوا أن يتبعوا نهجا جديدا لا ينطوي على القتل والترهيب

صرنا نسمع المسؤول الايراني يهاجم اسرائيل ويدّعي شغفهُ للفلسطينيين واهتمامه بالتراب الفلسطيني ولو كان يجهل أين تقع بيت لحم مُقارنة بالخليل

في حال حدث المستحيل وتجرأ هذا الشخص أو ذاك على تحدي الرأي السائد قامت الارض وقعدت ووجهت الاتهامات بشتى اشكالها محاولةً جاهده تلطيخ هذا الجاني

العديد من القادة العرب استخدموا القضية الفلسطينية لتخويف شعوبهم فأُعلنت قوانين الطوارئ وسُلبت الحريات وواظبت قنوات الأنظمة الغاشمة بوصف الدولة اليهودية بالعدو الصهيوني

حسب التطورات على الساحة الفلسطينية يبدو أنه ستكون هنالك ثلاثة دول لشعبين الاولى لاسرائيل واحدة لفتح واخرى لحماس ويمكن أن نحتاج لدويلات أخرى في حال حدثت انقسامات جديدة

الفرق بين حماس واسرائيل يكمُن بالنيات ففي حين يستهدف نشطاء حماس المساكن المدنية آملين آن يحالفهم الحظ ويضفروا بالابرياء اسرائيل تستهدف القياديين والنشطاء الحمساويين وإن اصيب الابرياء فذلك غالبا بسبب استخدام حماس البيوت المدارس الجوامع والمستشفيات

الرأي الواحد في مواجهة الغول الوهمي
منذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي، تميز الرأي العام العربي بتبني وجهة نظر واحدة، واضحة وغير قابله للجدل وقلما نسمع كلمة انتقاد أو رأي مغاير وفي حال حدث المستحيل وتجرأ هذا الشخص أو ذاك على تحدي الرأي السائد قامت الارض وقعدت ووجهت الاتهامات بشتى اشكالها محاولةً جاهده تلطيخ هذا الجاني، تشويه شخصه وقمع فكرته.

تخويف الشعوب
لقد استخدم العديد من القادة العرب القضية الفلسطينية لتخويف شعوبهم فأُعلنت قوانين الطوارئ وسُلبت الحريات وواظبت قنوات الأنظمة الغاشمة بوصف الدولة اليهودية بالعدو الصهيوني، وكلما زاد الاضطهاد زاد عيار التخويف وحقن الكراهية لشرايين الشعوب، ودارت الايام وانضم الى الانظمة العابثه بالرأي العام العربي من هم ليسوا بعرب، فصرنا نسمع المسؤول الايراني يهاجم اسرائيل ويدّعي شغفهُ للفلسطينيين واهتمامه بالتراب الفلسطيني ولو كان يجهل أين تقع بيت لحم مُقارنة بالخليل، لا يأبه بمن يكون محمود درويش ولا تحرك به كلمات فدوى طوقان أقل ألمشاعر وأبسطها واصبحت القضية الفلسطينية لعبة بايدي أولئك لخدمة مصالحهم.

إسقاط النظام
وجاء الربيع العربي التونسي ومحا كثير من المفاهيم القديمة وتلاه الصيف المصري ولربما الشتاء الشامي مع تعالي الاصوات المطالبة بأسقاط النظام بعد أن أدرك الشعب السوري أن الوحش الوهمي الاسرائيلي هو خليقة الصحافة التشرينية وتلفزيون المهزله السوري. والحقيقه أن اسرائيل اشتركت بحروبات فُرضت عليها من قبل من اقنع نفسه أنها خدعة سرعان ما تزول، ولكنها لم تكن بالخدعة وحققت النصر تلو الآخر ولم تزول ولن تزول.

الحرب والسلم، المفاوضات والارهاب
يتهم البعض اسرائيل بالمماطلة بالمفاوضات وبعدم توفر الرغبة الحقيقة لتحقيق السلام لدى قاداتها ومواطنيها، لا اريد أن اتصدى لهذه الاتهامات أو أشكو التقصير، التعجيز أو التردد الفلسطيني. ولكن دعوني استعرض نقطتين الاولى تاريخية وتعود الى اتفاقيات السلام المُبرمه بين اسرائيل من جهه ومصر والاردن من جهه أخرى، ألا يدل ذلك على جدية اسرائيل أخذين بعين الأعتبار أن الدولة اليهوديه تخلت عن سيناء كاملة من اجل السلام (والتي توازي ثلاثة مرات مساحة اسرائيل وتنعم بالثروات الطبيعية). اضف الى ذلك أن اسرائيل أبدت استعدادها عدة مرات للتوصل لاتفاق عادل مع سوريا ولكن الرئيس السوري رفض التفاوض ولربما كان منشغل بتفعيل الشبيحه وزرْع المخابرات بجانب كل كشك سجائر وفي كل مطعم سمك. النقطة الثانية تعود لصفقة تبادل الاسرى الاخيرة بين اسرائيل وحماس، ففين حين تمنى الجندي الاسرائيلي شليط بمقابله للتلفزيون المصري، وبعد خمس سنوات ونصف في الاسر نسي خلالها كيف يكون صوت شخص اخر وفي اول لقاء له مع اشعة الشمس بعد طول الغياب، تمنى شليط لو أن الصراع ينتهي والحرب تزول ويعود كل اسير لأهله. من جهه اخرى نسمع الأسرى الفلسطينين سابقاً يتوعدون اسرائيل باستمرار الصراع، القتال والارهاب. لقد كنت اتوقع من أولئك وبعد أن سلكوا طريق الارهاب وفشلوا، أن يتبعوا نهجا جديدا لا ينطوي على القتل والترهيب.

ماذا حققت طريق المفاوضات؟
يطعن قادة حماس ان درب المقاومة الدامية هي الوسيلة الوحيدة لخدمة مصالح الشعب الفلسطيني، متباهين بصفقة شليط واطلاق سراح 1000 اسير و 27 اسيرة فلسطينين ويتساءلون "ماذا حققت طريق المفاوضات؟"ً لعل الرد على هذا التساؤل بسيط للغايه اذا ما اعتمدنا نظره تاريخيه رقميه نستهلها بعام 2007، فمنذ تموز تلك السنه تم الافراج عن اكثر من 1200 اسير فلسطيني بمبادرة اسرائيلية تهدف دعم المفاوضات وكبادرة خير من اجل تعزيز الثقه بين الطرفين. واليكم التفاصيل غير الممله: في تموز 2007 افرج رئيس الوزراء اولمرت عن 255 اسيرا فلسطينيا، في تشرين الاول من نفس السنه تم الافراج عن 87 اسيرا بمناسبة حلول شهر رمضان الفضيل وفي تشرين الثاني وقبيل محادثات انابوليس عاد 441 اسيرا الى بيوتهم. في اب 2008 اُطلق سراح 198 اسيرا بمحاوله لحث السلطه الفلسطينية على المضي قدما بالمفاوضات، في كانون الاول من نفس السنه تم اطلاق سراح 277 اسيرا بمناسبة حلول عيد الاضحى. وليقرر كل منكم أي الطريقين اكثر فعالية.

معاناة الفلسطينيين الحقيقية
غزه مُحاصرة وسكانها يُعانون، لا شك بذلك، لكن من نُحمل مسؤولية ذلك العناء؟ يجوز اتهام اسرائيل كالعادة، ولكن لو قمنا بمقارنة بسيطة بين قطاع غزة والضفة الغربية، بين مدينتي رام الله وغزة لرأينا فرقا شاسعا فلا حصار على رام الله ولا ازمة والسبب واضح للغاية ويعود للفرق البسيط بين حكومة فتح والحكومة الحماسية صاحبة شعارات الارهاب وسياسات العنف، التي وللأسف تطبقها حتى في تعاملها مع مواطنيها. السياسة الحماسية هي ذاتها سبب معاناة مواطنيها والعائق الرئيسي في طريق المصالحة الفلسطينية وتحقيق السلام في المرحلة التالية. وفي سياق المصالحة الفلسطينية، يجدر التنويه بأن الحديث جار على دولتين لشعبين، ولكن حالياً وحسب التطورات على الساحة الفلسطينية يبدو أنه ستكون هنالك ثلاثة دول لشعبين، الاولى لاسرائيل، واحدة لفتح واخرى لحماس، ويمكن أن نحتاج لدويلات أخرى في حال حدثت انقسامات جديدة. ايعقل ذلك؟

الصراع الفلسطيني الاسرائيلي
كثر المتعاملون مع الصراع الفلسطيني الاسرائيلي عبر منطق الارقام وعدد الوفيات فسرعان ما ينصبون ميزاناً وهمياً ويضعون القتلى الفلسطينيين وعليهم حبة الخردل في كفة وكثيرا ما يتناسوا وضع القتلى الاسرائيلين فى الكفة الاخرى، وعادة ما ترجح الكفة الفلسطينية. انه لشيء مؤسف حتما ان يموت الابرياء بغض النظر كيف ولماذا، ولكن الفرق بين حماس واسرائيل يكمُن بالنيات، ففي حين يستهدف نشطاء حماس المساكن المدنية آملين آن يحالفهم الحظ ويضفروا بالابرياء، اسرائيل تستهدف القياديين والنشطاء الحمساويين وإن اصيب الابرياء فذلك غالبا بسبب استخدام حماس البيوت، المدارس، الجوامع والمستشفيات كمنصات لاطلاق الصواريخ مستخدمين ابناء شعبهم كدروع بشرية واحيانا بسبب اخطاء ميدانية اسرائيلية . خلاصة القول: الصراع يقتل الابرياء وانما الاعمال بالنيات.

انسان صاحب ضمير
ليس هنالك انسان صاحب ضمير صاح ممكن أن يتغاضى عن الألم الفلسطيني ولكن يجب ألا نتناسى قتل الاطفال الاسرائيلين بأبشع الطرق. حل الألم الفلسطيني لن يتم بواسطة قتل الابرياء الإسرائيليين وتبني الارهاب كسياسة وانما هجر طريق العنف والبدء بالمفاوضات وهيهات لو أن حماس تدرك ذلك عاجلاً ولو لم تفعل ذلك راغبةً فمن المؤكد أن الزمن سيرغمها على ذلك شأنها شأن غيرها من المنظمات الإرهابية التي أُجبرت على خلع الارهاب من أجل تحقيق مطالب شعوبها.

حقيقة دولة اسرائيل المؤلمه
اسرائيل دولة ديموقراطية، رائدة بالعلوم، متألقة بالطب والثقافة، تنعم بصحافة حُرة وشفافة واقتصاد زاهر. دولة تمنح اقلياتها من العرب الحقوق والفرص لتحقيق طموحاتهم، ليكونوا اصحاب دور فعال بالمجتمع الاسرائيلي وحتى دبلوماسيين يتحدثون باسمها مع اسماع ما لديهم من انتقادات ذاتية وآراء مغايرة. مع ذلك ومثل أي دولة اخرى، اسرائيل لا تخلو من المشاكل وهنالك تحديات جمهة في انخراط مواطنيها العرب في كافة المجالات الحياتية كمواطنين متساوين لأبناء الاغلبية اليهودية. ولكن وبسبب طابعها الديموقراطي، بإمكان أي شخص وبغض النظر عن خلفيته وانتمائه أن يسُمع صوته ويتقدم بشكواه وهنالك انظمه للبت بتلك الشكاوي كالمحاكم الأستئنافية التي يشهد لها العالم بشفافيتها ومستواها المهني الراقي وانظمة النقد والرقابة الذاتية.

اعتماد الحقائق لتحقيق السلام
منذ نعومة اظفاري، حين كان يشب خلاف بيني وبين صديق، وبعد ان كان قد يأس كلانا منه وبلغنا حالة من الاحباط، كنا نقول انذاك "يا عمي هاي مش قصة فلسطين" بمعنى أن لهذا الخلاف ممكن أن يتوفر الحل بخلاف القضية الفلسطينية، ومرت عشرات السنين وما زلنا نستعمل تلك الجمله وعلى ما يبدو سيبقى الوضع على ما هو عليه حتى تتغير المفاهيم العربية للصراع لتكن اكثر واقعية، ترتكز على دعائم منطقية وموضوعية وتراعي الحقائق التاريخيه بدلا عن أعتماد الكراهيه العمياء وتشويه الحقيقة.

الحكي الفاضي
يصح القول بأن الشعب العربي ما زال يعشق "الحكي الفاضي" بمختلف اشكاله من هتافات حماسيه، اعتلاء الخيول الوهمية، توعد العدو، ونفخ العضلات ولو انعدمت. ألم يحن الوقت لحساب ذاتي عربي؟ حان وقت ادراك حقيقة الواقع والعمل على تغييره بشكل واعٍ وعملي. الم يحن الوقت للسلام الواعي، لنزع الكراهية التي لطالما غذت النفوس، واغتنام الفرص لتحقيق السلام عن طريق المفاوضات والأخذ والعطاء. ليس هناك طريقه بديلة للمفاوضات وإن طالت، ولو وجدت لتم التوصل اليها خلال سنوات الصراع العديده.
بالله عليكم قبل البدء بالاتهامات ومحاوالات التلطيخ، فكروا ملياً بالامر وعسى ان تكرهوا شيئاً وهو خير لكم. (كاتب المقال يعبر عن رأيه فقط)

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:
alarab@alarab.co.il

مقالات متعلقة