الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 06 / مايو 13:02

هل حقا ترتيب الأبناء يحدد مستوى ذكائهم؟

أماني حصادية -
نُشر: 23/04/12 08:35,  حُتلن: 10:05

الإنطباع السائد بأن الطفل الأول هو الأكثر تفوقا إنطباع خاطىء

لعقود طويلة إختلف العلماء حول أهمية ترتيب الأبناء وعلاقته بمستوى ذكائهم: يجزم البعض أن الطفل البكري أو الأوسط أو الأخير له علاقة بمستوى ذكائه، وتؤكد مجموعة أخرى أن هذا الكلام مجرد هراء لا معنى له، وقد بدأ الشجار منذ عهد ألفريد إدلر وهو عالم نفس معاصر للعالم الشهير فرويد، الذي إفترض أن الطفل الأول يتمتع بمستوى ذكاء حاد بينما يتسم الثاني والثالث بمستويات أقل من الذكاء.

 الإشارة إلى الكلمات تساعد الأطفال على تعلم القراءة مستقبلا
صورة توضيحية

قد يظن البعض أن الإختلاف فى مستوى الذكاء يكون محدودا، إلا أن دراسة نشرت فى مجلة "العلوم" أثبتت أن الإبن البكري يتفوق بفارق 3 درجات في إختبارات الذكاء ويعتبر العلماء هذا الفارق هاما، وقديما أرجع العلماء السبب إلى أمور شتى، منها أن جسم الأم يهاجم بشكل ما الطفل الثاني وهو لا يزال جنينا في الرحم، فمن المؤكد أن مستويات الأجسام المضادة للحمل ترتفع في جسم المرأة مع إكتمال كل حمل إلا أن العلماء لم يجدوا دليلا قاطعا على ذلك حتى الأن وربطه بإختلاف مستويات الذكاء بسبب ترتيب الولادة. إلا أن الدراسة الجديدة التي أجريت في النرويج وإعتمدت على دراسة عينة حجمها ربع مليون شاب نرويجي أبطلت نظرية الأجسام المضادة للأجنة من أساسها، لأن العينة تضمنت الأبناء الأوائل بالميلاد والأوائل بحكم الظروف، فمنهم شباب كان ترتيبهم الثاني في الميلاد إلا أنهم فقدو أخواتهم الأكبر في الصغر نتيجة حوادث، وكانت معدلات الذكاء في الحالتين مرتفعة ومتساوية.

ارتفاع مستوى الذكاء
وأيا كان السبب وراء إنخفاض مستويات ذكاء الأبناء التالين في الميلاد فإنه بالتأكيد لا يرتبط ببيولوجية ما قبل الولادة لأنه عندما يربي على أنه الطفل الأول تثبت الإختبارات إرتفاع مستوى ذكائه. الأباء المسؤولون عن تربية الأبناء أيا كان ترتيبهم ويصعب أن نتخيل وجود ظاهرة تمييز الأباء للطفل الأول في المجتمعات المتقدمة، ومع تأكيد الأباء على أنهم يوزعون رعايتهم وإهتمامهم بشكل متساو بين أبنائهم، فإن منطق التفكير يقول أن الطفل الأول يستفيد من الإستحواذ على رعاية وإهتمام الأبوين في سنوات تربيته الأولى التي تشكل قدراته العقلية والشخصية قبل أن يأتي إليه طفل أخر ينافسه في الرعاية والإهتمام. وربما لا تكون المشكلة في التربية أو الحمل والولادة، ويكون الأمر ببساطة أنه لا توجد أصلا مشكلة، ففي دراسة مهمة أجراها د. جوي رودجرز عام 2000 بجامعة أوكلاهوما ثبت فيها عدم وجود علاقة بين ترتيب الميلاد والذكاء. كما أن دراسة حديثة عن الأسر الأمريكية أثبتت أن أصغر الأبناء هو الأكثر تفوقا في المدرسة ويحقق أعلى الدرجات. وقد ينتهي عالم النفس الشهير جوديث ريتش هاريس إلى أن الإنطباع السائد بأن الطفل الأول هو الأكثر تفوقا إنطباع خاطىء.

مقارنة مستويات الذكاء
وقد صرح بوكليفلاند أحد علماء النفس المشاركين في البحث الذي طبق في النرويج أنه يمكن مقارنة الطفل الأول في إحدى الأسر مع الطفل الثاني لأسرة أخرى في حالة واحدة فقط هي تطابق ظروف تلك الأسر، وأكد أن البحث أثبت متغيرات كثيرة منها تعليم الأبوين وحجم الأسرة. إلا أن رودجرز يؤكد أن هناك المئات من العوامل المتغيرة التي تؤثر في النتائج ولصعوبة التحكم فيها كلها فهو يشكك في النتائج التي توصلت إليها مجموعة النرويج. وعلماء النرويج هم الأكثر حساسية لهذا النقد ولذلك إستعدوا بالرد في صورة دراسة جديدة سيتم نشرها قريبا مشابهة للبحث المنشور في مجلة "علوم" بإستثناء عامل أساسى واحد: بدلا من مقارنة الطفل الأول من أسرة أخرى، قاموا بمقارنة الطفل الأول لأسرة ما بأخويه الأصغر، وتؤكد نتائجها العلاقة العكسية نفسها وهى كلما زاد عدد المواليد للأسرة إنخفض معدلات ذكاء الأطفال، كما تفوق الأبن البكري على أخوه الثاني بفارق ثلاث درجات، أما الثالث فقد كانت نتائجة أسوأ بكثير، ويؤكد بيتر كريستنش مدير المعهد النرويجي القومي للصحة السكانية الذي أشرف على الدراستين أن الهدف منها واحد إلا أن الدراسة الثانية أفضل وأكثر شمولا لأن المعلومات فيها تقارن مستويات الذكاء وعلاقتها بترتيب الأبناء داخل الأسرة الواحدة. مما كشف عن علاقة ترتيب الميلاد ومستوى الذكاء يشكل أكثر قوة ووضوحا. لا يجب أن نعتقد أن الجدل العلمي قد حسم في تلك القضية لسبب بسيط: أنه لا يزال النقاش قائما حول الأسباب ومن المحتمل أن يكون أسلوب تربية الأطفال هو الفاعل، فبعض الأسر تعطي الطفل الأول مكانه متميزة سواء بقصد أو بدون قصد، بصفته مساعدا للأب وللأم أو نائبا عنهما، وربما يكون هذا الإحساس المبكر بالمسؤولية والسلطة محفزا له على تحسين الإنجاز، فإذا كان أكثر ذكاء يصبح الأمر أكثر إشباعا لذاته.

موقع العرب يتيح لكم الفرصة بنشر صور أولادكم.. ما عليكم سوى ارسال صور بجودة عالية وحجم كبير مع تفاصيل الطفل ورقم هاتف الأهل للتأكد من صحة الأمور وارسال المواد على الميل التالي: alarab@alarab.net


 

مقالات متعلقة