الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 04 / مايو 01:01

الأسير معتصم سمارة يتربع في قلوب الجميع/بقلم:فؤاد الخفش

كل العرب
نُشر: 02/06/12 09:42,  حُتلن: 08:42

معتصم سمارة شاب فلسطيني من بلدة طولكرم مضى على اعتقاله ما يزيد عن أحد عشر عاماً متواصلة في السجون الاسرائيلية وقبل ذلك اعتقل مرات ومرات وأمضى سنوات طويلة متبقي من عمر هذا الاعتقال قرابة الخمسة أعوام وليس هذا هو المهم .

 معتصم سمارة هذا الشاب الفلسطيني المميز والذي جمعتنا به جامعة النجاح والتي كانت ملقى الأحبة ...من مضى منهم ومن ما زال ينتظر ... من وزع على السجون والمنافي والمقابر وعلى حال ليس كل هذا هو المهم ايضاً .

 معتصم الذي عدت للالتقاء به قبل أشهر وبالتحديد في سجن مجدو لم يتغير أي شيء فيه فشكله على ما هو لم يزد وزنه لم أرَ في رأسه شيبة واحدة لم يتساقط شعره هذا من ناحية الشكل أما ما تبقى من أمور فإن معتصم انتقل بنفسه نقلة لا أستطيع أن أصفها إلا بالنوعية .

 معتصم من اليوم الأول لاعتقاله وضع لنفسه جملة من الأهداف واستطاع أن يحققها بشكل كامل ، لقد أتقن معتصم اللغة العبرية بشكل جعله أحد أبرز من تعلم اللغة العبرية لدرجة أن مدراء مصلحة السجون لمجرد الحديث معه أول سؤال يبادرون به .. أين تعلمت اللغة العبرية !!! نعم لهذا الحد وأكثر .

 معتصم سمارة التحق بالجامعة العبرية تخصص علوم سياسية وأبدع في الدراسة والتحليل لدرجة أن جميع علاماته كان تقديرها ممتاز كان أساتذة الجامعة العبرية يحضرون فقط لمناقشته والاستماع له لسعة اطلاعه وعمق تحليله ورجاحة عقله .على المستوى الثقافي والفكري والمعلومات العامة معتصم سمارة إنسان مميز وفي كل موضوع له رأي وأمام كل قضية له طرح ومقابل أي إشكال له وجهة نظر ينزل عندها وتحترم ويستمع له .

 كل ما ذكرت أيضا ليس هو المهم وما أريد الوصول إليه فمعتصم الذي التقيته بعد كل هذه السنوات شاب يتمتع بشعبية واسعة داخل السجون وإنسان له كمّ هائل من العلاقات التي لا حصر لها مع جميع الفصائل والاتجاهات محبوب من قبل الجميع يتربّع في قلب كل من يلقاه دون تكلف أو استئذان .

 لديه خفة ظل كبيرة وأسلوب مميز في متابعة أمور الشباب وله مكانة متقدمة في داخل الهيئات ومؤسسات السجن ولديه قدرة على حل المشاكل والأجمل من كل هذا طريقة التعامل مع المشاكل واحتواء الأمور ووضع حلول ومقترحات وخطط.

 معتصم سمارة الذي عشنا معه أجمل اللحظات سيكون له مستقبل مزهر ومكانة متقدمة ...طبعاً هذا مرهون كما قلت له ممازحاً في ذات مرة "علاقتك المستقبلية مع محمد صبحة هي التي ستحدد مستقبلك" فمحمد ومعتصم ثنائي مميز وأستطيع أن أصفهما أنها جسدان في روح عملا مع بعضهما في الانتفاضة الأولى فكما حدثني معتصم كان محمد يأتي في الأعلام وما شابه لمعتصم من بلدته عنبتا إلى بلدة سفارين مسقط رأس معتصم راكباً ( حماراً ) وتطور العمل بينهما واعتقلا سوياً في سجن الجنيد واعتقلا أثناء ذهابهما لتنفيذ عملية مشتركة وصدر بحقهما ذات الحكم وعملا مع بعضهما البعض داخل السجن كل شيء لهما مشترك لذلك كنت أقول له إن علاقتك بمحمد هي التي ستحدد مستقبلك ...

 معتصم سمارة الذي يعشق ( السرحان ) كنا نطلق عليه لقب ( غيبوبة ) وكان الشيخ يوسف السركجي يطلق عليه لقب ( سباعي ) كناية على أنه وُلِد وعمره سبعة شهور ، الحياة معه في زنزانة حياة ممتعة ، خاض الإضراب الأخير عن الطعام لمدة 28 يوماً وكان في لجنة الإعداد لهذا الإضراب ، متواجد الآن في سجن جلبوع مع شقيق روحه أبي مؤمن محمد صبحة ينتظر ساعة الفرج والخروج من السجون وتعويض والديه اللذين ينتظرانه بفارغ الصبر فلمعتصم أم وأب رائعين يغمران الإنسان بلطفهما وحسن استقبالهما للضيف خصوصاً إن كان من أصدقاء معتصم .

 معتصم سمارة الذي لم ينهِ دراسته في جامعة النجاح حيث كان أحد طلاب كلية الرياضة يتحدث عن المستقبل وبناء بيت الزوجية بطريقة جميلة ، فالسجن لم يستطع أن يقتل الروح داخل هذا الإنسان الذي يفكر بالمستقبل وهو داخل زنزانة ، فجدران السجن لم تقتل الأمل لدى الفلسطيني المؤمن بالحياة وبالجمال.

 معتصم الذي سيخرج من سجنه إن قدر الله له أن يتم حكمه كاملاً وعمره قرابة الأربعين عاماً يكون قد أمضى نصف عمره بالتمام والكمال ما بين السجن والمطاردة والبعد عن الأهل ومع كل هذا حبه لفلسطين أكبر من مجموع الثواني والساعات التي أمضاها هذا الحبيب أسيراً وطريداً.

 معتصم هذه كلمات أكتبها لك أنت وعنك أنت والله يشهد يا حبيب أني لم أتحدث عنك إلا بما هو فيك وأن هناك ما هو أكثر بكثير مما ذكر لم يذكر ، حقك علينا أن نُعْلي ذكرَك وأن نتحدث عنك بما هو فيك وعذراً على التقصير السابق فطبعنا على الدوام القصور مع من نحب .. وإلى أن ألقاك خارج السجون أطبع على جبينك الأغر قبلة وقبلة .

فؤاد الخفش كاتب وباحث مختص في شؤون الأسرى الفلسطينيين

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة