الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 19:02

نقدم لكم كيفية معاملة الأبناء والتربية بالصبر

أماني حصادية- مراسلة
نُشر: 11/03/13 12:37,  حُتلن: 07:53

الصبر يحقق المعجزات التي لم يكن يتخيل العقل أن تحدث في يوم من الأيام فقد تتحدث وتتحدث ويبدو إبنك كما لو كان حجرا أصم لا إستجابة ولا تفاعل وتدعو وتدعو ولا تستشعر أن هناك فارق في سلوك ابنك العملي

"فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون" هكذا قال نبي الله يعقوب عليه السلام وهو يواجه العصيان والتمرد وسوء السلوك في أشد حالاته وفي أقصى درجاته. نبي الله يعقوب لم يدخر جهدا في تربية أبنائه ومنحهم مفاتيح الإيمان وكيف يقصر مع أبنائه وهو النبي الذي اصطفاه الله وعلى الرغم من ذلك كله حدث ما حدث ووصلت بهم الغيرة إلى محاولة قتل أخيهم الصغير حتى يخلو لهم وجه أبيهم فهل تبرأ منهم الأب النبي وهل أغلق في وجوههم أبواب التوبة والرحمة أم استعان بالصبر الجميل؟
الصبر الجميل منحهم فرصة التوبة ولو بعد سنوات طويلة حين طلبوا المغفرة فقال لهم "سوف أستغفر لكم ربي" يوسف : 98.
الصبر يحقق المعجزات التي لم يكن يتخيل العقل أن تحدث في يوم من الأيام. فقد تتحدث وتتحدث ويبدو إبنك كما لو كان حجرا أصم لا إستجابة ولا تفاعل وتدعو وتدعو ولا تستشعر أن هناك فارق في سلوك ابنك العملي .



التغيير ممكن

وفي لحظة ما يقدرها الله عز وجل يحدث التحول وتتوافق مجموعة من الأمور:

ـ التركيبة الشخصية والنفسية للابن وحالته المزاجية التي هي مزيج من عوامل الوراثة والبيئة ومجموعة الرفاق والمدرسة وما قد تعرض له من تجارب صغيرة وكبيرة.

ـ تراكم مردود التربية على مر سنوات من نصح وتوجيه وقصص ومشاهدات وممارسات عملية

ـ النضج النفسي الذي قد لا يتحقق إلا بعد مرور سنوات على النضج الجسدي.. هذا النضج النفسي الذي يشير علماء النفس أنه قد يتحقق غالبا مع مرحلة المراهقة المتأخرة أي بعد تجاوز العشرين ربيعا والذي يصل لأوجه مع بلوغ الأربعين (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) الأحقاف :15.

الطوفان الرهيب
ترى كم كان عمر أبناء يعقوب عليه السلام حين أدركوا حقيقة خطأهم وطلبوا التوبة عن صدق؟!
الصبر الجميل أن تصبر لله وبالله ..أن توقن في قرارة نفسك أن القلوب بيد الله وحده وأنك لست أفضل من يعقوب ونوح عليهما السلام ولكن هل بذلت من الجهد مثلما بذلوا.. نوح كان يدعو قومه ليلا ونهار بكافة الأساليب العلنية الخطابية والسرية العاطفية فماذا كان يفعل مع ابنه الذي لم ينساه أبدا حتى في لحظة الطوفان الرهيب أو حتى بعد البداية الجديدة للمؤمنين على الأرض الجديدة فهل يتصور العقل أنه نسيه أيام الدعوة؟ فهل بذلت أيها الأب الصادق وأنت أيتها الأم المخلصة مثل ما بذل نوح قبل أن تتمتموا : يبدو أن ولدنا الجامح مثل ابن نوح لا يستمع لنصح أو موعظة.


تغييرات حقيقية
يحكي أحد الدعاة المشهورين عن شيخه أنه كان له ولد سيء الخلق صعب المراس لا يلتزم بالصلاة ولا يستمع للتوجيهات حتى أن تلاميذ الشيخ كانوا يشفقون عليه وكان الشيخ يرى نظرات الشفقة مرتسمة على وجوه تلاميذه ومحبيه وهم يشاهدون شيخهم الجليل يذهب ليبحث عن ولده عند كل صلاة فيجده يلعب الكرة أو يسامر أصحابه فيناديه ويأخذه للمسجد دون كلمة عتاب، كان هذا هو ديدنه عند كل صلاة والشيخ هادئ لا يمل من البحث عن الولد وأخذه للمسجد ومنح من حوله إبتسامة رقيقة أن اصبروا ولا تيأسوا وهو ما كان بالفعل بعد مرور سنوات طويلة بعد ما كاد ييئس تلاميذ الشيخ ويجول في خاطرهم قصة ابن نوح ويسقطونها على ابن الشيخ المحبوب فإذا في لحظة قدرية حاسمة ينقلب الوضع أو لعله انقلب بتدريج بطيء لم يلحظه أحد وإذا بهذا الشاب يصبح من أهل التقى والصلاح لا يفوته الصف الأول في الصلاة أبدا.

قيمة في المجتمع
وهذا ولد آخر أعرفه أنا شخصيا كان متأخرا في الدراسة يصفه أساتذته بالضعف وأنه أقل من متوسطي الذكاء وهو لا يكف عن الحركة وإثارة المشكلات أصبح اليوم شابا رائعا يحفظ القرآن الكريم بالقراءات العشر وهو يمتلك صوتا نديا خاشعا وأصبح هذا الشاب الحاصل على تعليم متوسط المعلم الأول للقرآن في بلدته ومؤسس لأكثر من جمعية للعناية بحفظ القرآن والقيام بالأنشطة الخيرية وأصبح الشاب الذي لم يكن يتوقع أحد من أساتذته أن يكون شخصية ذات قيمة في المجتمع واحدا من أبرز الشخصيات المحترمة والموقرة بشكل أدهش الجميع أما السر الذي قد لا يعرفه الكثيرون أن جد هذا الشاب وهو واحد من أقدم حفظة كتاب الله في البلدة لم يأبه لآراء المعلمين في حفيده ولم يجعل تقييمهم يقلل من نظرته لحفيده فأخذ على عاتقه تعليمه وتحفيظه كتاب الله وكان صبورا معه وبعد فترة وجيزة اكتشف موهبة الذاكرة الحافظة والصوت الجميل فشجعه ذلك أكثر ولم لا وكل إنسان له جانب وقدرات ممتازة ربما لا يراها الآخرون عندما يقيمونه وهذا الشاب أكبر دليل على ذلك فهو لم يحقق النجاح المنشود في المدارس النظامية ولكن أذهل الجميع بحفظه وورعه ونشاطه الاجتماعي ..ألا يجعلنا ذلك نحن معشر الآباء والأمهات نراجع مواقفنا قبل أن نعلن أنه لا فائدة وأن هؤلاء الأولاد متمردون بالفطرة ولا يستجيبون لكل كلماتنا ونصائحنا وأننا قد قمنا بأداء الواجب الذي علينا أظننا بحاجة لمراجعة مواقفنا مرة أخرى ونستعين بفلسفة الصبر الجميل لننتظر النصر المبين بإذن الله.
 

مقالات متعلقة