الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 17 / مايو 07:01

آمال تقف على عتبة عام جديد/ بقلم: مارون سامي عزّام

كل العرب
نُشر: 07/01/14 13:12,  حُتلن: 07:18

مارون سامي عزّام في مقاله:

ذاكرة الإنسان لا تحب إجراء جردٍ لمخزون أحداث العام المنصرم لأنه يرشقه بما هب ودب من مشاهد حزينة ومفرحة

بالنّسبة للمتّملّص المحترف نتنياهو إنّها مجرّد مسرحيّة سياسية هزلية لا أكثر يخدع بها العالم لئلاّ تُفرض على إسرائيل عزلة سياسية أشد

أتى عام آخر فهل سيكون مثل سلَفه؟!! لكنّ آمل أن تمطرنا طلّته المباركة بالخير العميم على جميع النّاس من أجل أن يلتقطوا عن أرض الوئام أجمل ورود اللحظات السعيدة

إن عملية الكتابة عن العام الجديد، أصبحت تقليدًا مملاً، تبقى إبداعًا لغويًا محبّبًا على الجميع كنوع من الرّوتين، والعام الجديد هو جزء من سلسلة سّنين تهوّرت أيّامها بسرعة، نحو هوّة المفاجآت على الرزنامة. ذاكرة الإنسان لا تحب إجراء جردٍ لمخزون أحداث العام المنصرم، لأنه يرشقه بما هب ودب من مشاهد حزينة ومفرحة... يعتقد الإنسان لسذاجته أنَّ عصابة ظروف العام الفائت، ما زالت تستبد به، تفرض عليه أن يكتب عنه، لكنَّه ينسى أنّها قد رحلت عنه، لأن عامًا جديدًا استلم دفّة إدارة مصيره.

العام الذي مضى، كان مجرّد محطَّة انتظار لوعدٍ آخر مثل سَلَفه، فتزاحمت الأعوام في محطّات انتظار قدوم حافلة الفَرَج، حتّى غدت طوابيرًا طويلة تنتظر من زعماء العالم، أن يرفعوا لحافلة الفرَج حاجز لا مبالاتهم، حتى تمُر بسلام بين شعوب العالَم، بدون أية ألغام أمنيّة، تنسف قاطرات الأحلام... تتطاير منها حقائب الفرح، فتتمزّق ملابس الأمان الموحّدة، وهي ما تزال معلّقة على تعليقة التأملات، فالشيء الوحيد الذي يتغيّر بالأعوام، هو تسلسل عدّادها الميلادي والقمري، أما أحداثها تبقى تتصارع في الخلفيّة.
يتابع البعض منّا عشيّة العام الجديد توقّعات الفلكيين العلميّة والمدروسة، بترقب شديد، كأنّهم ينتظرون ظهور نتائج السّحب على بطاقات اليانصيب، على أمل أن تكون أحداث العام الجديد أفضل من العام الماضي، لكنّ هؤلاء الفلكيّون الذين يعشقون الظّهور الإعلامي مع نهاية العام، يفاجئون البعض برصد تحرّكات الكواكب التي تتوقّع حدوث الأحسن أو الأسوأ، وِفقَ موقعها المداري، من أجل جذب أكبر عدد من المشاهدين لقناة ما، وهكذا تحتدم المنافسة الفلكيّة غير المسبوقة إذا جاز التعبير بين القنوات الفضائيّة!!

مع بداية العام الجديد ستبقى ترافقنا الأحداث التي مرَّت خلال العام الماضي، وهي قضيّة الملف الإيراني التي جعلها المراوغ نتنياهو من أولويّات زعماء العالم منذ عشرة أعوام، أمّا التي تسمّى بالعملية السّلميّة، فبالنّسبة للمتّملّص المحترف نتنياهو، إنّها مجرّد مسرحيّة سياسية هزلية لا أكثر، يخدع بها العالم، لئلاّ تُفرض على إسرائيل عزلة سياسية أشد، مع أنها محظورة أكاديميًا من قِبَل المؤسّسات الأكاديميّة الأوروبيّة، بسبب موقع جامعاتها على أرض محتلّة، وفي حال تمادى نتنياهو في كشف أوراقه للاعب الأمريكي جون كيري، وأخفاها عن اليمين، سيخسر حكومته.


من أبرز القضايا المحليّة التي شغَلت الرأي العام عدّة أعوام والعام المنصرم، هي قضية المتّهمين الشفاعمريين الأربعة، الذين دافعوا بشجاعة لا تُثمن عن شرف الاعتداء ليس فقط على مدينتهم، بل عن كرامة شفاعمرو أمام المجتمع العربي. فاحت من النّيابة العامة، رائحة الانتقام من هؤلاء الأبطال الشفاعمريين، بصبغة قانونيّة عنصريّة من خلال تقديم لوائح اتهام جائرة ضدّهم، بتهمة قتل الإرهابي نتان زادة... مناصرة اللجان الشّعبية وأهل البلد المشرّفة سواء لعوائل الشّهداء أو لعوائل المتّهمين، أعتبرها وقفة تاريخيّة، لن تنساها الذّاكرة الجماعية، لذلك يجّب على البلديّة أن تمنح هؤلاء المدافعين عن عِرض شفاعمرو، أوسمة شرَف، وليس فقط دعمًا جماهيريًا.

مع قُرب نهاية العام الماضي ضرب شرطي القدر، مرّةً أخرى رقمًا قياسيًا في اعتقال حياة البعض، وجرّها إلى عنابر الموت عنوةً، إمّا لظروف صحيّة أو بسبب تفشّي هذا المرض اللعين الخبيث بين النّاس، الذي بات لعنةً حلّت على المجتمع، قبل أن يكون مَرَضًا خطيرًا! لذلك نزحت بعض العائلات إلى معاقل الأحزان الصّامتة والمخيفة، وانفرَطَ نسيج رداء فرحتها بالأعياد المجيدة.

أتى عام آخر، فهل سيكون مثل سلَفه؟!! لكنّ آمل أن تمطرنا طلّته المباركة، بالخير العميم على جميع النّاس، من أجل أن يلتقطوا عن أرض الوئام، أجمل ورود اللحظات السعيدة، حتّى تتحوّل إلى مناسبات تجلس حول موائدها الابتسامات والضّحكات، وعن شجر الإرادة يقطف النّاس، أروع ثمار عزيمتهم على الاستمرار في العطاء، حتّى تكتمل حياكة بدلات الأمل ليلبسوها مع حلول العام الجديد...

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة