الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 08:02

ثقافة الجهل في مجتمعنا/ بقلم: حسين الديك

كل العرب
نُشر: 22/01/14 08:44,  حُتلن: 07:27

حسين الديك في مقاله:

فلسطين كانت جزء من امبرطورية اقطاعية متخلفة وهي الامبرطورية العثمانية وفرضت هذه الامبرطورية الجهل والتخلف على السكان

فرض التجهيل هو سلاح يستخدمه الاحتلال في كل زمان ومكان لان مصلحة الاحتلال ايا كان تركيا او انجليزيا او اسرائيليا ان يبقى الشعب المحتل في حالة من التخلف والرجعية والجهل

اصعب احتلال عرفته الانسانية هو احتلال العقل فلا يمكن ان نتحرر سياسيا او اقتصاديا او ثقافيا او اجتماعيا دون ان نحرر عقولنا وتفكيرنا وابداعنا من الجهل والتخلف السائد في مجتمعنا

قد يستغرب البعض من عنوان هذا المقال، فكيف تكون المتناقضات متناسقة ومتوافقة، فالجاهل نقيض المثقف، والجهل نقيض الثقافة، ولكن اذا كانت اللحظة التاريخية التي نعيشها والحقيقة تقتضي ان نجمع بين المتناقضات فليكن ذلك، فقد جمع الراحل محمود درويش في روايته ذاكرة النسيان، بين الذاكرة والنسيان لان اللحظة التاريخية والحقيقة اقتضت ذلك، ونحن اليوم في هذا المقال نجمع بين المتناقضات لان اللحظة التاريخية تقضي ذلك، ولان الثقافة تلعب دورا اساسيا في كل المجتمعات الانسانية، فيأتي دور الثقافة رياديا ومتقدما على القضايا الاخرى، كان لزاما علينا ان ندخل في تحليل هذا الدور الذي تمثله الثقافة في مجتمعنا الفلسطيني.


وفي مجتمعنا الفلسطيني لنعود في الذاكرة قليلا الى الوراء، فقد كانت فلسطين جزء من امبرطورية اقطاعية متخلفة وهي الامبرطورية العثمانية، وفرضت هذه الامبرطورية الجهل والتخلف على السكان، وكانت مساهمة فلسطين في الحركة الثورية والفكرية العربية والنهضة ضد الجهل والتخلف العثماني محدودة جدا، اذا تم مقارنتها بمثيلاتها في مصر ولبنان وسوريا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وفرض ثقافة الجهل على السكان المحليين في فلسطين استمر لقرون فليس من السهل التخلص منه بين عشية وضحاها، وفرض التجهيل هو سلاح يستخدمه الاحتلال في كل زمان ومكان لان مصلحة الاحتلال ايا كان تركيا او انجليزيا او اسرائيليا ان يبقى الشعب المحتل في حالة من التخلف والرجعية والجهل حتى يسهل التحكم به وفرض الامر الواقع عليه.

كثيرا ما سمعنا عن صراع الثقافات وصراع الحضارات وحوار الثقافات والحضارات، ولكن لم يكتب احد عن الصراع الثقافي والحضاري داخل المجتمع الواحد ما بين توجه تقليدي موروث وتوجه حضاري مبتكر، فيسود الجهل ما بين النخب التقليدية القديمة، وتسود الثقافة والتجديد والابتكار ما بين الاوساط الشابة والجيل الجديد، وهنا تكمن المشكلة في التمسك بموروث تقليدي كلاسيكي في الحقيقة هو الجهل، والتطلع الى توجه حضاري مبتكر هو الثقافة والتي تعتبر النقيض للموروث السائد.

لا زالت الثقافة التقليدية هي السائدة في مجتمعنا، واصبح لدينا توجه جديد يدعو للثورة على هذه الثقافة الموروثة وعلى تلك القيم التقليدية الكلاسيكية البالية، وتوجه آخر تقليدي يتمسك بتلك الثقافة والقيم الموروثة، والتي لو نظرنا الى تلك الثقافة في كثير من الاحيان فانها تمثل جريمة بحق الانسان الفلسطيني والمجتمع على حد سواء لانها ثقافة الجهل بام عينه.

إن اصعب احتلال عرفته الانسانية هو احتلال العقل، فلا يمكن ان نتحرر سياسيا او اقتصاديا او ثقافيا او اجتماعيا دون ان نحرر عقولنا وتفكيرنا وابداعنا من الجهل والتخلف السائد في مجتمعنا، ومن هنا دعا المفكر الراحل ادوارد سعيد الى تحرير العقل، ومن هنا فلا بد من التحرر من ثقافة الجهل اولا، ومن ثم يأتي تحرير الارض والوطن والانسان والشعب والاقتصاد.

• الرئيس الشاب - حسين الديك - رام الله

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة