الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 16:01

طُغيان ثقافة السّخافة/بقلم: مارون سامي عزّام

كل العرب
نُشر: 21/02/15 15:47,  حُتلن: 07:39

مارون سامي عزّام في مقاله: 

في عيد الحب يتخيّل البعض المرأة أنها حاكمة بأمرها تأمر خادمها عفوًا زوجها بأن يشتري لها "كادو" بسيط وكأنها طوال السنة محرومة من الهدايا في المناسبات العديدة

لدى بعض الفتيات والسيّدات عيد الحب يعزّز فيهن شهوة الأنا بسبب جنية الأنوثة التي بداخلهن فتجوع معِدة متطلّباتهن فيطالبن أزواجهم بأن يتماشوا مع الرّومانسية الحديثة والمطوّرة

ما تبقّى من عيد الحب هو أفواه ما زالت تتحدّث عن تلك الليلة السّاحرة التي أمضاها بعضنا بعيدًا عن واقعنا الحقيقي الذي يفتقد للحب الحقيقي وهو محبّة الآخر

احتفل الجميع بعيد الحب الذي بات مع مرور السّنين مَبعثًا للتبذير غير المحدود، لاحقوا سطوع نجم الهدايا المحلّق في فضاء سخافاتهم، كي يدلّهم على بعض المحلاّت التجارية المتخصّصة بلوازم وهدايا عيد الحب، حتّى سلب تصميمها الأخّاذ عقول الكثيرين، فأخرجوا المال أو حتّى بطاقات الاعتماد من جيوبهم، ليدفعوا ثمنها، كي يقدّموها لزوجاتهم أو لحبيبتهم، "كعَربون" إخلاص لهنّ.

في عيد الحب يتخيّل البعض المرأة، أنها حاكمة بأمرها، تأمر خادمها... عفوًا زوجها بأن يشتري لها "كادو" بسيط، وكأنها طوال السنة محرومة من الهدايا في المناسبات العديدة! لكن لدى بعض الفتيات والسيّدات، عيد الحب يعزّز فيهن شهوة الأنا، بسبب جنية الأنوثة التي بداخلهن، فتجوع معِدة متطلّباتهن، فيطالبن أزواجهم بأن يتماشوا مع الرّومانسية الحديثة والمطوّرة!!

إن تكرار هذه الاحتفاليّة المستوردة سنويًّا، من أجل ترسيخ مفهوم ثقافة السّخافة، إذ تُفرَض على الرّجل وصاية نسائيّة، تُلزمه بتنفيذ المأموريّة الرّومانسيّة المصطنَعة، فنرى بعض الأزواج يغادرون منازلهم مُكرهين، ينتظرهم على أبواب القاعات وكلاء الفرح المادّي! فتَسمع وقْع أقدام مرحهم المثقَل بالابتذال، تُحطّم أرض الضّجر التي انشقّت في هذه الليلة وابتلعت تفكير وتعب الزّوج بأعجوبة، لئلاّ تقول عنه زوجته أنه تقليدي ومتخلّف! رغم أنه غير مقتنع بملاحقة ظلال احتفاليّة غريبة عليه.

ما تبقّى من عيد الحب هو أفواه ما زالت تتحدّث عن تلك الليلة السّاحرة التي أمضاها بعضنا بعيدًا عن واقعنا الحقيقي الذي يفتقد للحب الحقيقي وهو محبّة الآخر... هكذا أدى الرّجل المسكين دور العاشق الذي تقمّصه قسرًا بمنتهى البراعة، إكرامًا لزوجة تُريد التّأكُد أنها ما زالت حبّه الوحيد والأزلي، ما زال رباط العلاقة الزّوجية قويًّا، وصلاحية الحب الذي يجمعهما، ما زال ساري المفعول.

الاحتفال المُبالَغ بهذه المناسبة، هو تجاهل أعمى للحب الخام الموجود في أعماق الوجدان، لأن طغيان التبذير الذي استفحل في نفوس البعض، جعل حب استطلاعهم يحتل كل شِبرٍ من المحلاّت التجاريّة... لذا أنصح بعض شبّان اليوم أن يفتحوا حوانيت قلوبهم المكدّسة بالمشاعر، لتقديس إله الوفاء وألاّ يُلاحقوا سنويًّا تجّار الحب الذين فتحوا متاجرهم المكدّسة بالهدايا، تقديسًا للرّبح السّريع، لكنّنا... لا نريد الاعتراف بوجود ثقافة السّخافة، رغم أنها طغت على عقول النّاس، تتحكّم بكل مجالات الحياة.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة