الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 16 / مايو 21:01

سفراء التنشئة الاجتماعية في مدارسنا العربية/ بقلم: سهاد ابو احمد

كل العرب
نُشر: 19/06/16 11:15,  حُتلن: 11:17

التنشئة الاجتماعية عملية مركبة يكثر الشركاء فيها من اجل النهوض بمجتمع صالح , يخلو من الشوائب قدر المستطاع . لذا فان لها عدد من الوكلاء والموجهين المجتمعيين الذين يحملون رسالة هامة على اكتافهم وما عليهم الا توصيل الرسالة بمهنية وبراعة الى الهدف المنشود .

يحظى ابناؤنا في هذا المجتمع , بعائلات من طبقات اجتماعية اقتصادية مختلفة بخلفياتها المتعددة , الا انهم يلتقون معا في ميدان واحد بشكل يومي , مع وكلاء وموجهين تربويين كل منهم ايضا بلا شك قد جاء من بيئة مختلفة ولربما من مجتمع مختلف نوعا ما , الا انهم جميعا يقبعون تحت سقف المدرسة بمعدل ما يقارب 6 ساعات يوميا .
خلال اليوم التعليمي يلتقي الطالب بعدد من الوجوه التي تحمل اسم معلم . مربي . موجه . مرشد وكلهم اسماء مرافقة لوكلاء التربية في مؤسسة التنشئة الاجتماعية التي تسمى المدرسة .

بعض منهم قد وصل الى هذا المكان مشحونا بآراء مسبقة ومشبعا بها من حيث اتى على نحو من هم الطلاب من اهاليهم ؟ . وقسم آخر قد تشبع في العلم والرسالة لتمرير المواد العلمية والادبية للطالب ويعمل على تمرير رسالة مجردة من المؤثرات الخارجية التي لها ان تؤثر على مسار المصدر والمتلقي ما بين المعلم والطالب , سواء اتبع طريقة التلقين او البحث . وقد اثبتت الدراسات في علم الاتصال المجتمعي ان لهذا الموديل الثنائي المحاور ابعاد في الحوار التعليمي والتربوي اذ تم استعماله بشكل صحيح .

لكن مما لا شك فيه ان في كل مدرسة عدد من المعلمين والمعلمات الذين يحظون بلقب " مربي / مربية " , لمجموعة من الطلاب الذي اجتمعوا في صف واحد بالرغم من الاختلافات الفردية بينهم وما الى ذالك من اختلافات مرافقة . وعلى هذا " المربي / ة" ان يكون قدوة في غرس المعايير التربوية المتعددة التي عليه كوكيل للتنشئة الاجتماعية ان ينميها بين الطلاب .
ولكن هل قمنا باجراء فحص معين لنعرف من هو المربي ؟ وكيف يتم اعطائه هذه المكانة واللقب واليها تضاف الحصص الخاصة في التربية ؟ هل هناك معايير وفقا لها يتم هذا الاختيار ؟ ام انها فرصة مفتوحة للجميع للتمتع ببعض من الحصص الاضافية , وقسم من الدخل المضاف شهريا ؟ .

لو حاولنا تفكيك صلاحيات المربي , نلاحظ ان المربي هو من يحمل مسؤولية الصف او المجموعة الصفية امام الاخرين , وكما قال البعض من الاهالي في كثير من الاحيان في مجتمعنا ان المربية تساوي الام في البيت أي , بما معناه انه بامكان الطالب ان يشكو لها بجل مشاكله المدرسية وان يفيض لها بكل ما يضايقه فيها على جميع الاصعدة التعليمية ما بين الاصدقاء وحتى من علاقات له مع المعلمين والمعلمات . من هنا يتضح ان المربي عليه ان يتمتع بعدد لا يستهان به من الصفات التي لها ان تميزه عن أي معلم آخر بالدرجة الاولى .

يبقى المجال مفتوحا للنقاش في مدارسنا العربية اليوم نلاحظ وجود مربين ومربيات حتى انه في السنة الاولى لهم في التعليم او الثانية وليس اكثر !!! هل هذه المربية قد اكتسبت المهارات لتكون قادرة على ان تكون قدوة للطالب , وان تعمل على تنمية شخصيته ؟ هل هذه المربية قد اهلت لتكون مربية للصف ؟ هل هناك تأهيل معين يقوم به قسم من وزارة التربية والتعليم مع شهادة تأهيل تمنح المعلم او المعلمة اللقب ليكون مربي ؟( كما هو الحال في مواضيع اخرى التي يمنح بها للمعلم شهادة تاهيل ) ام ان المدراء هم من يحركون احجار التربية في مدارسنا وفقا لبعض من المصالح ووفقا للرؤية الخاصة لكل مدير او من يجلس على كرسي الادارة من قريب او بعيد ؟

التربية " تكليف " اكثر مما هي تشريف بلقب معين يحظى به العامل في سلك التربية والتعليم داخل المدرسة . لذا على المربي وهو وكيل للتنشئة الاجتماعية . وقائد في المسيرة التربوية ان يتمتع بصفات اكثر من غيره من الزملاء . مثل ان يكون متسامحا ومتقبلا للآخر . وطبعا فان فاقد الشيىء لا يعطيه , ان يكون شخصا لا يؤمن بالآراء المسبقة وانما يتقصى الحقيقة ويتحرى عن طلابه بشخصه ولا يكون هو من يصدر الاشاعات عنهم للآخرين . عليه بلا شك ان يكون رصين اللسان . ولا متسرع للالفاظ التي تمس بغيره بشكل مباشر . عليه ان يتحلى بالصبر وان يكون ممن يمارسون التامل لساعات طوال لياخذ نفسا عميقا قبل التعامل مع عدد من المواضيع يشارك بها عدد من الطلاب والا يكون المصدر الاول لاطلاق القاب متعددة تفهم سلبا اتجاه الطالب او مجموعة من الطلاب .

فمن هو المربي ؟؟ ومن هو الذي يستحق ذالك ؟ وهل كل مربي في مدارسنا هو قدوة ومثال حقيقي لطلابنا اليوم ؟ .
تشير الابحاث والدراسات المختلفة في مدارس علم الاجتماع والاتصال على ان وكلاء التربية المجتمعية وسفرائها يجب ان يتميزوا عن غيرهم ليتمكنوا من المساهمة في بناء موديل مجتمعي حديث ومختلف يصبو الى الافضل والاحسن ليكون خالي من المنغصات المتعددة وبعض الصفات السلبية المتجذرة في نفوس العديد من ابناء هذا المجتمع كالضغينة والحقد واللؤم والرفض للاخر من منطلق متعدد الاسباب .

على الاهل اولا واخيرا تلقى مسؤولية التنشئة والتربية في الدرجة الاولى , لكن الشركاء لهم في هذا المجتمع على الطرف الاخر في الدرجة الاولى والموازية هم رجال التربية والتعليم والمربين والمربيات الذين يفترض ان يعملوا جنبا الى جنب بانسجام وتناغم , لا من خلال حروبات وتصفية حسابات بشكل مباشر او غير مباشر موجه او معلن وما الى ذالك مما يقوم به بعض من مربي اليوم في مدارسنا العربية بمجتمعنا الذي يعاني الكثير .

لكن ما هي مهام مربي الصف اليوم ؟ ومتى عليه ان يتشارك مع الاهل ويتقاسم في طرح عدد من الامور التي تحتاج الى العلاج ؟ وكيف لنا نحن الاهل ان نمنح الثقة لتلك المربية او ذالك المربي الذي ينتهج سسياسة الحائط و الخط الفاصل في العلاقات مع الاهل ويرفض ان يكون في حالة تحاور معهم ؟ كيف لنا ان نمنح ثقة لمن خلخل الثقة من البداية ؟ وكيف لنا ان نتحاور مع من رفض الحوار ؟ ويبقى السؤال مفتوحا هل هناك من يراقب عمل المربي بشكل مباشر ؟؟ وهل كل مربي هو يستحق ذالك ؟ لكن الايام التي نعيشها على مر كل عام دراسي لها ان تكشف المعادن المتعددة للمربين بمختلف الاتجاهات . فمنهم من هو من المعدن الجيد ومنهم من هو من السيئ . ومن هم لا يستحق ان يكون في الاطار من البداية .

ولا يبقى الا ان نأمل لاولادنا ان يحظوا بمربين ومربيات تتوفر لديهم خامات من العطاء والاصغاء والتقبل لان فاقد الشيىء لا يعطيه .

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net  

مقالات متعلقة