الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 02 / مايو 22:01

ثقافة الزِّبالة/ بقلم: زهير دعيم

كل العرب
نُشر: 11/03/17 13:02,  حُتلن: 17:37

زهير دعيم في بيانه:

القضيّة قضيّة أخلاقيات وتربية منذ الصّغر، وقناعة تامّة بأهميّةالنظافة والجماليات

قد يختلف البَّشَر بين الشمال والجنوب مع أنّهم في نظري كلّهم بشر متساوون امامنا وامام الله بالكرامة والانسانيّة والقيمة، ولكنّ الاختلاف هو في التربية والاخلاقيات

لا اريد أن أعمّم، ولكننا في كثير من بلداتنا العربيّة نفتقد الى هذا الحِسّ الجميل، وهذه الثقافة الجميلة والحضاريّة، فالنظافة كما قال الاقدمون من الايمان

صادفني قبل أيام أحد أصدقائي الأطبّاء الرّائعين ، وطلب منّي أن أكتبَ عن ثقافة الزِّبالة كما سمّاها قائلًا : أكتب استاذي، أكتب فأنا أتذكّر المرحومة أمّي وجارتنا فلانة كيف كانتا – كما كلّ نساء القرية- قبل عشرات السنين يكنسن امام بيوتهن حتّى الشوارع منذ ساعات الفجر الاولى.

وللحقيقة أقول أنّها ليست المرّة الأولى التي يطلب منّي هذا الطبيب الجميل أن أشغِّل قلمي في نقد المجتمع، فالقضيّة قضيّة أخلاقيات وتربية منذ الصّغر، وقناعة تامّة بأهميّةالنظافة والجماليات .
كنتُ اكثر من مرّةٍ في ايطاليا ورأيت الفرق الكبير في الهدوء والنظافة والجمال والثقافة و سحر الطبيعة ما بين الشّمال والجنوب ( رغم ان نابولي جميلة وجزيرة الكابري المحاذية لها قطعة من سماء )، فالشّمال هادىء، ساحر ، خلّاب ، يفيض نظافة ونقاءً ، ولكنّ الأمر يختلف كثيرًا في نابولي فتجد الشوارع " تغصّ" بالكثير من القاذوارات والقمامة هنا وهناك.
قد يختلف البَّشَر بين الشمال والجنوب، مع أنّهم في نظري كلّهم بشر متساوون امامنا وامام الله بالكرامة والانسانيّة والقيمة، ولكنّ الاختلاف هو في التربية والاخلاقيات.

كثيرًا ما حملت في القاهرة او عمّان او احدى المدن الاوروبيّة علبة الكوكا كولا بيدي مسافة ما ، حتى أجد حاوية أضعها بها ، وقد لا تجد وخاصّة في عواصمنا العربيّة فتروح تقلّد سكان المدينة الذين يتبارون بقذفها اينما حلا لهم.
انها ثقافة فعلا تحتاج أن نزرعها في نفوس صغارنا ، حتّى يشبّواعلى هذا النهج الجميل ، فحفيدي زهير أبن السنوات الاربع ونيّف عندما يأكل في سيّارتي سُكّريّة ما ملفوفة ، يظلّ حاملا اللفافة الى أن ننزل من السيّارة ليرميها في سلّ القمامة ، أو ان يناولني إيّاها للأحتفاظ بها.
القضيّة فعلا تربية وفضيلة، ولكنها تحتاج الى تحفيز ما، فإن أنت سرْتَ مثلًا في مدينة المانية ما ولمستَ النظافة والجماليات والزّهور والمنتور في كلّ زاوية " تبخلُ" على أن ترميَ ما يُعكّر صفو هذا الجمال حتى وإن أنت تربيت على ثقافة " ارمِ تحتك".
لا اريد أن أعمّم، ولكننا في كثير من بلداتنا العربيّة نفتقد الى هذا الحِسّ الجميل، وهذه الثقافة الجميلة والحضاريّة، فالنظافة كما قال الاقدمون من الايمان.

صعب ان نُذوّت هذه الثقافة "بيوم وليلة" في نفوس وعقول مَن تربّى على أنّ الشارع ليس لنا، والحديقة العامّة عامّة وليست لنا ، فهيّا اذن نغرسها في نفوس الصغار وعندها "سنخسر" – وهذه أجمل خسارة- سنخسر مشهد علب المشروبات الخفيفة والزجاجات وأعقاب السجائر تتطاير من نوافذ السيارات وهي تسير ، وقد تصيبنا وقد تخطئنا ، وفي كلتا الحالتين المنظر مؤذٍ ، مزعج وقبيح.
دكتورنا الغالي : حقيقة نظافة بلداتنا جزء من نظافة نفوسنا.

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة