الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 02:02

حصاد قديم/ بقلم: غدير وهبة

غدير وهبة
نُشر: 31/07/18 16:55,  حُتلن: 14:40

-كنتُ على صواب ،فالأمرُ لم يكن بهذه السّهولة ...

-هاقد أينعت براثنُ الشّوكِ في ذاتي ،وحانَ الرّحيل ،لكن إلى أين؟! ...

هو الرّحيلُ العائِدُ في سبيل البقاء ،دقّةُ الجرسِ الأخيرة ،وقرعُ الطّبولِ المهللِ بولادةِ الطّيور ...

-حملتُ حقيبةَ يدي ،وسارعتُ ألملمُ ماتبقّى من دقائقي وألوانِ ثقابي ...

-هطلتُ الشّارعَ كمطرةٍ في نيسان ،لا لون لها إلّا التّراب ،ولا رائحةً إلّا العناق ...

-انسكبَ اللّيل يشدو غناءً ورقصاً ،كعيدٍ وترتيلٍ مجيد ...

-أمّا أنا فما لي قوّة لأُحدِثَ صوتاً يذكّرُ بظلّي ...

-فما أبقيتُ شمساً ولا قمر ،لا أرضاً ولا شجر ...

-أنامُ على حوافِ المدينةِ ،بلا قعرٍ ولا سماء ،وأُرثي ملامحي كلَّ فترةٍ من بابِ الوفاءِ لها ...

-أعانَني ماتبقّى من قمحٍ في وسطِ أمعائي الخاوية ،وما اُغتزِلَ وشاحاً من هوامشِ أفكاري لتدفئتي ...

-على ذلكَ الجّسرِ المعلّق يقبعُ شبحٌ باسمي أنا ،أهربُ منهُ طالما لي غطاء ،فأستطيعُ الفرار ...

- لكن إلى أين؟! ... وإلى متى؟! ...

-غادرتني أصابعي ذاتَ ليلةٍ ،متوسّدةً ثقوبَ القمر ،ملّتني وأملّت جوفها الفارغ ...

-فلا حِبرَ في القلم ،ولا ملمسَ للورق ... لا نايَ تسدُّ ثقوبهُ ،ولا إيقاعاً تستوي به ...

-أمّا اللّيلةُ الّتي بعدها ،استودعتني ملامحي وأخذت معها الشّغف ...

-بتُّ أبحثُ عن بذارِ زرعٍ جديد .. حصادٍ قديم ..سنبلاتِ شعيرٍ كن شمسِ الأصيل!!! ...

-لا المهربُ هاربٌ منّي ،ولا أنا بهارب ...

-اتّكأتُ على جُعبتي أحاولُ الوصولَ إلى ذاتي الّتي وصَلت طابقاً أعلى .. وأعلى ..وأعلى ...

-أسرعتُ بزفافِ انتشالي في زحمةِ الأحلامِ وضيقِ اتّساعها علوّاً لحنجرتي البائسة ...

- يا إلهي!!؟ أذكرُ الآنَ عذوبةَ صوتي .. صريرَ قلمي الخشبيِّ ورائحته ...

-أذكرُ لونَ شَعري ،اتّساعَ عينيَّ ،وبريقَ ابتسامتي ...

-أستطيعُ الشّعور بمعنى الغضب ،البؤس ،والسّعادة .. بمعنى الانعزالِ والعزلة ...

-أذكرُ أنَّ آخرَ ماوضعتُهُ في الحقيبةِ مرآتيَ الصّغيرة ...

- تناولتُها من الجّيبِ الصّغير ،ألتمسُ أنايَ وأنثايَ الضّائعة ..

- وَجدتُني .. وَجدتُني .. صحتُ أنادي :وَجدتُني ...

- أسعفتني العُكّازُ الرّوحي في وطأةِ قدمي الأولى .. فأنا أقفُ الآنَ لأرى بوضوحٍ أكبر ...

- دستُ ورقةَ شجرٍ مدركةً قدوم الخريف ،باصفرارِ أيلولِهِ ..بشحوبه ..وبصخبِ لوني الجّديد ...

- فلا عودةً بعد ذلك ..ولا ذكرى ..ولا صوتَ مطر ...

- وها أنا هنا الآن .. أبثُّ إشعاعَ ووهجَ الشّمسِ لها ...

- وأولِدُ القمر ...

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net  


مقالات متعلقة