الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 03:02

مئة سنة في عشر نقاط: الحدود البريّة بين لبنان و"إسرائيل"/ بروفسور نسيم الخوري

نسيم الخوري
نُشر: 21/11/20 12:48,  حُتلن: 13:13

لافت أعداد الخبراء والإعلاميين الذين يغرقون وسائل الإعلام ويستغرقون بمعلوماتهم المتناقضة أحياناً، والمسيّسة أكثر الأحيان، حول نجاح أو فشل ملف مفاوضات ترسيم الحدود البحريّة بين لبنان و"إسرائيل" التي بدأت في مقرّ الأمم المتّحدة في خيمة في الناقورة جنوبي لبنان وبرعاية واشنطن ( 14/10/2020). تتوخّى هذه المفاوضات، التنقيب عن ثروات النفط والغاز واستخراجها بكونها حاجة ماسّة للبنان وربّما ل"إسرائيل". وبعيداً عمّا حصل ويحصل بملفات التدهور السياسي والإقتصادي والمالي الكبير الذي دفع اللبنانيين ومعهم دول العالم في المتاهات والضياع والضغوطات والمبادرات، عمدت بتواضع جمّ، تشذيب هذا النص لجعله حرّاً يختصر مئة سنة في 10 نقاط أربعة منها رئيسيّة وست نقاط حافلة بالحروب والعقد ، تناولت عبرها في مقالةٍ أولى، مسألة الحدود البريّة، باعتبارها المرتكز أو المفتاح الأساسي لفهم ترسيم الحدود البحرية التي سأتناولها الأسبوع المقبل. كانت الغاية عدم تحوّل المسألة إلى معضلة.
أوّلاً: في المحطات الأربع الرئيسة المتعارف عليها دوليّاً:
1- التعريف بالحدود: حصل ذلك وفقاً للقرار 318 الذي أصدره الجنرال هنري جوزيف غورو في 31/8/ 1920 بصفته المندوب الفرنسي السامي في لبنان أي قبل شهر من إعلان دولة لبنان الكبير الذي لم يتمكّن لبنان من الإحتفال بمئويته بسبب الكورونا، واقتصر الأمر على احتفال بسيط في قصر الصنوبر مقر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي وصل إلى بيروت بعد يومين على الإنفجار الهائل في مرفأ بيروت (4 آب 2020) الذي دمّر الأحياء المسيحية والمستشفيات وأودى بحياة 200 شخص و6000 جريح 300 ألف مشرّد عدا عن المهجّرين والمهاجرين والغموض في كشف الحقائق حتى الآن.
2- تحديد الحدود: تمّ دمغ العلامات الظاهرة على الأرض بموجب الإتفاق بين بريطانيا المنتدبة على فلسطين وفرنسا المنتدبة على سوريا ولبنان في 23 /12/ 1920.
3- ترسيم الحدود وتعني رسم الحدود أو نقلها على الخرائط وذلك عبر ورشة بدأت في1/6/1921 بين العقيد الفرنسي بوليه و نيوكومب الإنكليزي وتمّ توقيعهما للخرائط المرسّمة في 3/2/1922 لتبرم الإتفاقية في 7/8/1923 ويبدأ العمل بها رسميّاً في 010/3/1923.
4- تثبيت الحدود: حصل في 4/2/1924 بعدما تمّ إيداع محاضر الترسيم ونسخاً عن الخرائط في عهدة عصبة الأمم آنذاك التي أقرّته رسميّاً لتصبح الحدود معترف بها دوليّاً.
ثانياً: في المحطات الست:
1- قيام دولة"إسرائيل": أصدرت الأمم المتّحدة القرار181 في 29/9/1947 قضى بقيام دولتي فلسطين العربيّة و"إسرائيل". نشبت بعدها حروب ال1948 العربيّة الإسرائيليّة، وتمّ التوقيع على اتفاقية الهدنة بين لبنان و"إسرائيل" في 23/3/1949 ونصّت المادة 5 حرفيّاً:
"يجب أن يتبع خط الهدنة الدائمة الحدود الدوليّة بين لبنان و"إسرائيل..."

2- في 14 أيار 1949 تمت الموافقة على انضمام "إسرائيل" إلى منظّمة الأمم المتحدة، ولكن تمّ ربط عضويتها بتعهدها الإحترام الصريح لإتفاقيات الحدود والعودة أو التعويض على اللاجئين الفلسطينين الذين هجّروا من بلادهم.
3- قامت لجنة الهدنة اللبنانية الإسرائيلية بين 5 و 15 كانون الأول 1949 ، وبإشراف الأمم المتحدة، بمسح جديد للحدود ووضعت 12 مادة تم بموجبها تثبيت النقاط الحدودية ال38 مجدداً كما كانت، ووضعت 104نقاط وسطيّة مع خرائط توضّح الإحداثيات لتلك النقاط.
4- نصّ محضر إجتماع لجنة الهدنة اللبنانية "الإسرائيلية" في 18/1/1961، وبإشراف الأمم المتحدة على تجديد وضع الشارات ال 38 المذكورة وتثبيتها، بإلإضافة إلى النقاط الثانوية. يتّضح إذن أن مسألة الحدود بين لبنان و"إسرائيل" مرسّمة ومثبّتة وتمّت الموافقة عليها من قبل الطرفين بإشراف الأمم المتحدة، ولا هوامش لأي تفاوض يعيد النظر بالترسيم.
5- قامت "إسرائيل" إثر هزيمة العرب في حرب ال 1967 المعروف بعام "النكسة"، باحتلال قرية النخيلة اللبنانية وبعض مزارع شبعا اللبنانية. وفي 14 آذار 1978، اجتاحت جنوبي لبنان وفقاً للعمليّة العسكرية المعروفة ب"عملية الليطاني" أو "ربّ الحكمة" بالتسمية اليهودية، واحتلّت على مناطق لبنانية واسعة . عقب ذلك، صدر عن مجلس الأمن القرار 425 الذي نصّ على ضرورة الإنسحاب الإسرائيلي من لبنان الى الحدود المعترف بها دولياً في اتفاقية الهدنة. وجاء القرار 426 الذي أوضح كيفيّة تطبيق القرار السابق بالإصرار على وجوب الانسحاب حتى الحدود الدولية. بالمقابل، إجتاحت إسرائيل لبنان ثانيّةً في 6/6/ 1982، ووصلت فيه إلى العاصمة اللبنانية بيروت والقصر الرئاسي في بعبدا.
6- انسحبت "إسرائيل" من لبنان لكنّها بقيت في جنوبه حتى 24 أيار 2000 عندما أعلن إيهود باراك رئيس وزرائها آنذاك إلأنسحاب التام من لبنان، وتبعت الجيش الإسرائيلي جميع القوى اللبنانية التي كانت مساندةً له. استعادت الحكومة اللبنانية 17.751.600 م2 من الأراضي التي كانت إحتلّتها "إسرائيل" من قبل، نتيجة الإنسحاب الإسرائيلي حتّى الخط الأزرق مع بقاء بعض التحفظات اللبنانية على مناطق لا تزال تحتلها إسرائيل في 13 نقطة. تبلغ مساحة تلك الأراضي التي لا تزال محتلة من "إسرائيل" 485487 م2، يضاف إليها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقريتي النخيلة الغجر بموازاة الحدود اللبنانية السورية المحتلة التي لم تنسحب منها "إسرائيل"، وقد استحدثت في هذه المناطق محطات تزلج وسياحة ومنشآت مختلفة لها مردود مالي سنوي يصل تقديرها إلى 6 مليار دولار سنويا تبعا لتقارير ودراسات غير رسمية.

* ب. نسيم الخوري - كاتب لبناني وأستاذ مشرف في المعهد العالي للدكتوراه 

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   


مقالات متعلقة