للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
اعتذار مسؤول كبير بدولة ما عن مسؤولية دولته عن اجرام قامت به بالماضي هو أمر كبير وجدير بالاهتمام. وان كانت هذه الدولة، قد بنيت جراء استيطان استعماري، اي جراء طرد وتشريد وقتل الاكثرية الساحقة من اهل البلد الاصليين، وان كان هذا المسؤول هو رأس الهرم السياسي، رئيس الدولة، فهذه خطوة جديرة اكثر بالاهتمام والتمحيص.
تقديم رئيس دولة إسرائيل، يتسحاك هيرتسوغ، الاعتذار لذوي ضحايا مجزرة كفر قاسم التي قامت بها مليشيات صهيونية في 29 أكتوبر 1956 خطوة جريئة وجب تسليط الاضواء عليها والوقوف على ابعادها قليلاً… كونها الكلمات الاوضح التي تفوه بها مسؤول صهيوني رفيع المستوى منذ قيام هذه الدولة، عن جرائم الاحتلال ضد اهل البلد الاصليين.
هذا التصريح الجريء، رغم اهميته، لكنه لا يسوى تقييمه سوى كبداية خطوة بالاتجاه الصحيح.
تصريح هيرتسوغ لا يعني اعتراف دولة الاحتلال بالمجازر التي قامت بها هذه الدولة وميليشياتها قبل وبعد مجزرة كفر قاسم … كما انه لا يعني ايضاً اعتراف بالتطهير العرقي واقتلاع اهل البلد الاصليين، الشعب الفلسطيني، من أرضه. كما وان هذا التصريح لا يعني أخذ المسؤولية التاريخية المباشرة لكل ما حدث للشعب الفلسطيني منذ أكثر من مئة عام… لهذا وجب التأني في تقييم التصريح ووضعه في سياقه فقط وعدم الانزلاق الى المبالغة في حجمه وتأثيره كوننا نعرف مكانة الرئيس الاسرائيلي في اللعبة السياسية الصهيونية ومدى تأثيره على القرار السياسي ومنحاه… ونحن نرصد ايضاً ان خلال التصويت في الكنيست على مشروع القرار الذي قدمته عضوة الكنيست عايدة توما عن القائمة المشتركة والذي يتعلق بالمجزرة والمسؤولية عنها، قام 93 عضو كنيست من أصل 120 بالتصويت ضد القرار… ومع هذا علينا، نحن الفلسطينيون، أن نتروى بالثناء والمديح لشخص رئيس دولة الاحتلال ليس من باب التقليل من اهمية التصريح وليس من باب عدم تأثيره المباشر على الخط السياسي ولكن من باب الحرص على أن تكون هذه البداية ليست نهاية المشوار بل فتح شرخ في جدار التنكر الصهيوني للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والعمل بالمستقبل ان يكبر هذا الثقب ويتسع.
وحتى لا يضيع هذا التصريح في طاحونة العمل السياسي اليومي وإجراءات الحكومة اليومية العنصرية ضد أبناء شعبنا الفلسطيني علينا ان نقوم بخطوات جريئة مدروسة لتأجيج النقاش واستدامته، وليس فقط في اسرائيل، حول هذا التصريح وحول ما يجب ان يتبعه من أمور عملية اخرى.
أولاً على القيادات الفلسطينية من اعضاء كنيست فلسطينيين، مشتركة وموحدة، ولجنة متابعة واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أن تجتمع سويا للبحث في استراتيجية التعامل المستقبلية مع هذا التصريح واستغلاله دولياً لزيادة الضغط على دولة الاحتلال التي تنزلق يوميا باتجاه دولة أبارتهايد وعنصرية مؤسساتية… يصدر عن هذا الاجتماع ترحيب رسمي ايجابي بتصريح هيرتسوغ واعتباره بداية اعتراف دولة الاحتلال بجرائمها تجاه الشعب الفلسطيني.
ثانياً تقبل الاعتذار رسمياً مع التذكير بأن تقبل الاعتذار الصهيوني من قبل الفلسطيني لا يعني التنازل عن الحقوق كما وانه لا يعني اعادة الماضي كما كان … بل يعني أن اسس جديدة قد وضعت لامكانية بناء مستقبل جديد علينا ان نفحص امكانية دعمها والبناء عليها.
ثالثاً المطالبة بالاعتراف بكل الجرائم التي ارتكبتها العصابات الصهيونية والدولة الصهيونية من بعدها بحق الشعب الفلسطيني والتي أصبحت موثقة علميا وبدراسات عالمية عديدة. والطلب بأن تتبنى دولة الاحتلال المسؤولية التاريخية لما حصل للشعب الفلسطيني كبداية حقيقية لتسوية مستقبلية مقبوله … فقط هكذا يكون تصريح هيرتسوغ التاريخي خطوة لبداية جديدة وليس حبر على ورق.
رابعاً التذكير بان الانفراج في أوروبا بين الشرق والغرب والذي ادى بالنهاية الى تجاوز كل اللاحق ووضع أسس جديدة للاتحاد الأوروبي بدأ في ركوع المستشار الألماني السابق ڤيلي براند في ديسمبر 1970 أمام النصب التذكاري لضحايا النازية في وارسو /بولندا. هذه الخطوة الجريئة لم تبقى يتيمة… الدولة الالمانية وحتى يومنا هذه قامت وتقوم بخطوات واجراءات وسن قوانين عديدة تتحمل بها المسؤولية عما قامت به النازية من جرائم ضد البشرية وضد أهل البلاد التي احتلتها. كما وأن الشعوب التي عانت من النازية واجرامها قامت بخطوات جريئة لتقبل الاعتذار والبناء عليه للعبور من الماضي القاتم الى مستقبل مزدهر.
خامساً على القيادات الفلسطينية بعد الترحيب بالاعتذار وقبوله ان تطالب بملاحقة المجرمين ومخططي الجريمة والمسؤولين السياسيين والعسكريين والإداريين، الذين خططوا لها وانكروها، بالقضاء، وتعويض ذوي الضحايا ووضع إنكار الجريمة و إنكار النكبة بمكانة الاجرام التاريخي وملاحقة المنكرين وفق لقانون خاص لهذا الشأن.
سادساً المطالبة بالاعتراف الأقلية الفلسطينية في إسرائيل كأقلية وطنية تُضمن لها حقوقها وفقا لقرار الأمم المتحدة حول حقوق الأقليات الوطنية من العام 1966 وتحديدا الفقرة 27 منه التي تم اعادة صياغته قانونيا في العام 1992 ووفقاً قانون حماية حقوق الأقليات الأوروبي الذي تم إقراره في 1.2.1995. وعليه المطالبة بأن تمثل الاقلية الفلسطينية في البرلمان والمؤسسات الاسرائيلية الرسمية وأن تكون حصتها من الميزانيات العامة وبرامج التطوير وفق نسبتها من مجموع المواطنين بالدولة. والمطالبة بان تحصل الاقلية الفلسطينية على حقها في حكم ذاتي إداري ثقافي واسع.
سابعاً العمل مع لجنة مهجري الداخل الفلسطينية بالمطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين بالداخل والذي تجاوز عددهم عن 350 ألف وما زالت معظم قراهم واراضيهم مشاع. وتعويض هؤلاء من قبل دولة الاحتلال على استغلال أراضيهم واعاقة تطورهم الاجتماعي والاقتصادي الطبيعية جراء تشريدهم من أرضهم.
ثامناً العمل وفق استراتيجية اعلامية ودبلوماسية وقانونية محكمة لتدويل قضية الأقلية الفلسطينية في اسرائيل والخروج من الموسمية في التعاطي مع هذا الأمر … هذا التعاطي الموسمي من قبل النخبة السياسية الفلسطينية في الداخل وتجاهل هذا الأمر كلياً من النخبة السياسية الفلسطينية الاخرى ابقى الاقلية الفلسطينية في الداخل فريسة سهلة لأطماع الصهيونية الاستعمارية بالتضييق عليهم في قراهم ومدنهم وتحديد إمكانيات تطورهم الاقتصادية والاجتماعية.
هذه الخطوات الثمانية كفيلة بتأجيج النقاش داخل اسرائيل وفي المؤسسات الدولية حول جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني. اسرائيل تبدلت وتغيرت في السنوات السبعين الماضية وهي تتجه بخطوات سريعة من العنصرية الشعبية الى العنصرية المؤسساتية وأصبحت بنصف قدم في ملعب الأبارتايد … هذه الحقيقة يجب ان تكون محفز للفلسطينيين بأن يغيروا استراتيجيتهم التي لم تتغير ولم تتطور منذ سبعين عام ؛ استراتيجية المساواة والعداله… ما هو مطلوب الآن وبعد اعتراف رأس الهرم السياسي الصهيوني بمجزرة كفر قاسم هي استراتيجية هجومية مبنية على مبدأ تحقيق الحرية اهل البلد الاصليين وليس المساواة مع المُحتَل.