للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
نجحت المؤسسة الإسرائيلية إلى حد كبير في الحفاظ على الاحتلال مع التخلص من أعبائه دون أن تدفع أي ثمن لاحتلالاتها من خلال تغيير الواقع بما يجعل الاحتلال وما ينتج عنه غير مكلف وحتى لا يكون هناك ما يهدد وجوده ولا يدعوه للتفكير حتى بالتوقف عن المضي في تنفيذ مخططاته ومشاريعه التهويدية، لأن الشواهد التاريخية تؤكد أن الاحتلال لا ينتهي إلا عندما يُصبح مكلفًا لصاحبه.
احتلال بلا تكلفة وتهدئة مجانية، هي ما تحمله هواجس الخوف الأمني والسياسي التي طغت على المؤسسة الإسرائيلية من التصعيد في شهر رمضان المبارك، خاصة في الأيام التي تتزامن مع الأعياد اليهودية، والتي ترجمت هذه الهواجس إلى تحركات وزيارات وجولات مكوكية قامت بها أوساط أمنية وسياسية إسرائيلية في المنطقة والإقليم، تحمل مهام سياسية ورسائل لدول تعتبرها "مؤثرة على الفلسطينيين" لبذل جهود من أجل خفض التوتر في القدس والضفة الغربية، خلال شهر رمضان، غير أن حقيقية هذه المهام والرسائل لا تصب أهدافها إلا في مصلحة الجانب الإسرائيلي حتى يحصل على تهدئة مجانية ودون أي مقابل من أجل المضي في تنفيذ مخططاته ومشاريعه التي لا تستطيع حكومة الائتلاف هذه التي يترأسها نفتالي بينت، زعيم الحزب اليميني الديني المتشدد إلا أن تدعمها وبكل قوتها وتوفر لها الأجواء والظروف المناسبة.
إذن، ماذا يعني أن كل هذه التحذيرات وهواجس الخوف الإسرائيلي من التصعيد في شهر رمضان وانفجار الأوضاع في كافة المناطق وخاصة في مدينة القدس المحتلة، تخالفها السلوكيات والممارسات الإسرائيلية واقعًا في الميدان، خاصّة في مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك، وتخالف التوقعات والتحذيرات التي أصدرتها المنظومة الأمنية الإسرائيلية قُبيل حلول شهر رمضان بشأن الحفاظ على الهدوء وتجنب التصعيد؟؟ وماذا يعني أن يقوم وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد بجولة استفزازية في ساحة باب العامود بمدينة القدس التي تشهد التوتر الشديد منذ بداية شهر رمضان وتشهد اعتداءات يومية من قِبل قوات الاحتلال على الشبان المتواجدين في محيط تلك المنطقة، فيما يواصل غيره من مسؤولين إسرائيليين جولاتهم الاستفزازية في البلدة القديمة في القدس والتحريض خلالها ضد الفلسطينيين، والسماح للمستوطنين ولعضو الكنيست المتطرف، ايتمار بن غفير باقتحام المسجد الأقصى المبارك والقيام بجولة استفزازية؟!
وماذا يعني أن يقتحم عدد من حاخامات اليهود برفقة عشرات من طلاب المعاهد الدينية الإسرائيلية المسجد الأقصى بهدف التحضير لاقتحامات كبيرة تزامنًا مع "عيد الفصح اليهودي" الذي يحل في منتصف شهر نيسان الحالي؟؟ وماذا يعني أن يصرح ما يسمى حاخامات "السنهدرين الجديد" أن وقت أداء "قربان الفصح" في المسجد الأقصى قد حان ولم يعد يحول دونه أي شيء، والتحضيرات جارية على قدم وساق لـ "قربان الفصح" و"بناء الهيكل" المزعوم و"قدوم المسيح المخلص"، وضرورة "البناء البشري للهيكل"، وأهمية الوجود اليهودي الكبير في المسجد الأقصى؟؟
وماذا يعني عملية تهويد مدينة القدس المحتلة مستمرة وتجري على قدم وساق بعيدًا عن الأضواء لإقامة الأحياء اليهودية وتهويد الأحياء الفلسطينية التي يعيش سكانها وأهلها على واقع خطر هدم بيوتهم أو طردهم منها؟! وماذا يعني الكشف عن خطة لإزاحة الخان الأحمر في القدس لمسافة 150 م شمال غرب موقعه الحالي، كشفت مصادر أمنية إسرائيلية نقلها الإعلام الإسرائيلي؟... والقائمة تطول.
بناء على ما سبق، فإنه من المهم جدًا أن نبحث عن إجابة لسؤال: هل سيحصل الاحتلال الإسرائيلي على هذه التهدئة المجانية من خلال إصراره على تنفيذ مخططات ومشاريع تهويدية في القدس والمسجد الأقصى دون مقابل ودون أية رد فعل متوقعة؟ لا وأيضا يقايض الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين ويشترط عليهم تخفيف القيود عنهم وتقديم بعض التسهيلات لهم في حال ساد الهدوء في الأراضي المحتلة حتى يكون احتلاله بلا تكلفة ويحصل على تهدئة مجانية!!
"التهدئة المجانية" التي يسعى الاحتلال الإسرائيلي واهمًا لتوفيرها، هي ترجمة حقيقية على أرض الواقع للمزيد من جرأة الاحتلال على المضي في تنفيذ مخططاته ومشاريعه التهويدية في القدس والمسجد الأقصى دون أي اعتبار للمساس بمشاعر المسلمين وخاصة في الشهر الفضيل، والمزيد من الانتهاكات والاعتداءات على شعبنا الفلسطيني وعلى حساب قضية مسيرته في نصرة قضاياه العادلة وعلى حساب حاضره ومستقبله.
ختاما، فإن الاحتلال الإسرائيلي يعتقد أن هذه "التهدئة المجانية" لن تتوفر ولن تتم له إلا بمساعدة عناوين التواطؤ الفلسطيني والعربي وبمساعدة من الأصوات التي تتجند بكل قوتها لترمي من قوس واحد دعوات "التهدئة العقلانية" لتساعد الاحتلال على الحفاظ أن يكون احتلاله وما ينتج عنه غير مكلف، بدل أن تعمل هذه العناوين والأصوات على لجم الاحتلال الإسرائيلي والضغط عليه بكل ما أوتيت من قوة لصناعة أجواء تهدئة حقيقية بسبب أحداث متوقعة هو من يتحمل مسؤوليتها أولا وآخرا. ولا يوجد أبرز من "العباسيّن" في هذه المرحلة في مساعدة الاحتلال على التخلص من أعباء وتبعات احتلاله دون أن يدفع أي ثمن وليكون بلا تكلفة من خلال ما يقومون به من "التهدئة المجانية"، فمحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية أصدر أمرا لعناصره الأمنية ببذل كل ما في وسعهم لمنع التصعيد في المسجد الأقصى وحوله وفي مناطق الضفة وقال: "إذا لزم الأمر امنعوا التصعيد بأجسادكم"، ومنصور عباس، رئيس القائمة الموحدة أحد أقطاب "عرب الائتلاف الحكومي الإسرائيلي" الذي أطلّ علينا مؤخرًا بخطاب "التهدئة المجانية" دعا المجتمع العربي وقيادته، ضحية الاحتلال وتباعاته، لنبذ العنف والتحريض دون أن ينبس ببنت شفة بكلمة يُحمل فيها الجانب الإسرائيلي أية مسؤولية؟!
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com