الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 22 / نوفمبر 13:02

حواجز وعوائق في دمج وانضمام والتحاق المجتمع البدوي للسلك الأكاديمي العالي في دولة إسرائيل

بقلم: نُهى الوقيلي

نُهى الوقيلي
نُشر: 08/05/22 09:22,  حُتلن: 12:54

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

حواجز وعوائق في دمج وانضمام والتحاق المجتمع البدوي للسلك الأكاديمي العالي في دولة إسرائيل – بين واقع وتحديات

في الآونة الأخيرة، هناك ارتفاع ملحوظ ونسبي في التحاق الطلبة العرب الى السلك الأكاديمي في دولة إسرائيل مقارنةً مع السنوات السابقة، بالرغم من وجود الفوارق الملحوظة في دمجهم والتحاقهم في المجالات الاكاديمية العُليا وخاصة لدى أبناء المجتمع البدوي والذي يشكل اقليةً ملحوظة في المنطقة الجنوبية للدولة، وذلك مقارنةً مع شركائهم الطلبة اليهود.


لا شك أنّ دمج والتحاق الطلاب الاكاديميين البدو الى سلك الأكاديمية متعلق بكمٍ هائلِ من الصعوبات والتحديات والعوائق، والتي تتمثل في شروط القبول، والمعدلات المطلوبة، وقلة الخبرة في الاختيار الاكاديمي، مع قلة معرفة المهارات والمعرفة الاكاديمية، بما في ذلك معرفة اللغات وخبرتهم بها، والتي تشكل عائقاً رئيسياً في تعليمهم والتحاقهم بالسلك الأكاديمي وفي الجامعات والمعاهد الأخرى، هذا بالإضافة الى عوائق أخرى تتمثل في قلة السفريات وتوفيرها للقرى البدوية، وقلة وجود وتوفير شبكات الانترنت وغيرها من الخدمات الرئيسية التي لا غنى عنها في القرى والمجتمع البدوي، خاصة في ظل انتشار جائحة الكورونا.


من جهةٍ أخرى هنالك عدة عوائق أخرى وخاصة والتي تواجه الطالبات البدويات، والتي تتمثل في ظل العادات والتقاليد العربية البدوية.
كما أنَّ هنالك فوارق ملحوظة بين أبناء المجتمع البدوي وبين أبناء المجتمع العربي من حيث التحاقهم الى سلك العربية، والى المجالات الاكاديمية العليا.


لقد اثبتت الاحصائيات العامة في المؤسسات الاكاديمية العليا للعام (2021-2022) أنَّ نسبة الطلاب العرب والذين يشكلون أقلية واضحة في الدولة عامة، وفي سلك التربية الاكاديمية خاصة، والذين يدرسون للقب الأول قد وصلت الى نسبة 19% من مجموع الطلاب العام والتي هي عبارة عن نسبة 76% من مجمع عدد الشباب العرب، وذلك مقارنةً مع نسبة الطلاب البدو والتي وصلت ما بين 1,7% من مجمع الطلاب العام، والتي هي عبارة عن نسبة 4% من مجمع وعدد الشباب البدوي الإجمالي.
إنَّ هذه الإحصائية تبيّن أنَّ نسبة 42% من الشباب البدو يسعون جاهدين من أجل تحقيق ذاتهم ومشاركتهم في السلك الأكاديمي.
هنالك توصيات من كاتبة المقال بأن تحدد المعطيات الأخرى والتي من شأنها أن تؤثر على عملية دمج الطلبة، أو تحديد الإشكاليات والصعوبات التي تواجه عملية دمجهم والتحاقهم، على سبيل المثال:


معرفة وتحديد نسبة الطلاب البدو والذين يدرسون في المعاهد والجامعات الاكاديمية، والذين ينسحبون من التعليم الأكاديمي بسبب كل الصعوبات والعوائق التعليمية التي تواجههم، وذلك مقارنة مع نسبة الطلاب البدو الذين يحصلون على لقب أول، ومقارنة مع نسبة الطلبة اليهود الذين يحصلون على اللقب الأول، والذين يسكنون في القطب الجنوبي من الدولة.
ولقد بيّنت دائرة الاحصائيات المركزية للعام 2019-2020 أنَّ نسبة 2,8% من الطلاب البدو، والذين تتراوح أعمارهم بين 19-20 عاماً، قد حصلوا على اللقب الأكاديمي الأول، مقارنة مع نسبة الطلاب العرب الذين وصلوا الى 11.1% من المعدل الأكاديمي العام، والذين بطبيعة الحال يسكنون في القطب الشمالي من الدولة.


كما بيّنت هذه المعطيات أنَّ هنالك فوارق ملحوظة بين الطلبة الأكاديميين البدو، وبين الطلبة اليهود، والذين يسكنون في القطب الجنوبي من الدولة، وعلى الرغم من أنَّ نسبة عليا من أبناء وطلبة المجتمع العربي قد التحقوا الى المعاهد الاكاديمية العليا، إلا أنَّ المجتمع البدوي ما زال في حالةٍ من التراجع والنقص.
إنَّ هذا الوضع الذي يتمثل في ظل هذه الفوارق الأكاديمية من شأنه أن يخلق تأثيرات سلبية كثيرة، وعوائق أخرى قد تمنع أبناء المجتمع البدوي من الالتحاق الى كل مؤسسات الدولة التربوية والاقتصادية، هذا بالإضافة الى شعورهم نحو ذاتهم بالنقص والافلاس دون غيرهم من أبناء وفئات الدولة.

عوائق وتحديات
لا شك أنَّ المجتمع البدوي في الآونة الأخيرة يعيش حالةً من المواجهات والتحديات والمجابهات الصعبة، والتي تنعكس بطبيعة الحال على الرجال والنساء، وذلك من خلال التحاقهم للمؤسسات والمعاهد الاكاديمية العليا، خاصةً أنَّ هذه التحديات هي تجربة أولية من نوعها، مقارنة مع سائر أبناء المجتمع العربي والذين لهم الخبرة الأكاديمية الوافرة.
إنَّ هذه الفوارق والتحديات تتمثل كذلك في الفوارق المادية والاجتماعية والتربوية التي يعيشها أبناء المجتمع البدوي اليوم، وذلك في ظل محاولتهم وتكثيف جهودهم وقدراتهم للتطور والرقي في كل مجالات حياتهم الخاصة والعامة، والسعي وراء التغيير.
أما بالنسبة للعوائق التي تواجه أبناء المجتمع البدوي في ظل التحاقهم الى السلك الأكاديمي فيمكن حصرها في النقاط الآتية:

1- النقص وقلة المعرفة والإرشاد المهني لاختيار المهنة الأكاديمية، خاصة أنَّ نسبة 50% من الطلبة البدو الأكاديميين هم بمثابة جيل أكاديمي بدائي لم يسبق أن استعان بأكاديميين آخرين ذوي خبرةٍ أكاديمية، وهم بمثابة الجيل الأول الذي يسعى للالتحاق نحو الاكاديمية والمعاهد الاكاديمية العليا.
من هذا المنطلق فإنَّ الطلبة البدو قد يعيشون في حالةٍ من قلة المعرفة والخبرة للقضايا الرئيسية المتعلقة بالمجالات الاكاديمية وغيرها من القضايا مثل: قسط التعليم، الحصول على فرص العمل، الالتحاق الى مجالات عمل اكاديمية او اقتصادية أخرى، قلة الخبرة والمعرفة في اتخاذ القرارات الذاتية والمستقبلية.
من جهةٍ أخرى نرى أنَّ هنالك نسبة لا يستهان بها من الطلبة البدو قد يختارون مواضيع اكاديمية مثل مهنة التدريس للمواضيع الأساسية كاللغات والتاريخ وعلم الاجتماع، وذلك لقلة خبرتهم وقلة الارشاد والتوعية، مع أنَّ نسبة لا يستهان بها من الطلبة البدو يميلون الى الالتحاق بكلية الطب وعلم الحاسوب، إلا أنَّ قلة الخبرة والإرشاد قد تمنعهم وتقف عائقاً نحو خيارهم وقرارهم. (סויה, 2021).

2- هنالك صعوبات شخصية واجتماعية، والتي تتمثل في قلة توفير الخدمات الاجتماعية والتربوية للمجتمع البدوي، فالمجتمع البدوي ينقصه الكثير من الخدمات العامة مثل المواصلات، بناء مؤسسات ودوائر خدمات تربوية وطبية، شبكات كهرباء وانترنت، اتصالات، هذا ما يُرى في نظر أبناء المجتمع البدوي كنوعٍ من الاستهتار وعدم الاهتمام من قبل الحكومة بالمجتمع البدوي.
إنَّ هذه الصعوبات من شأنها أن تعيق حياة الطالب البدوي خاصةً، والمواطن عامة. من حيث الالتحاق الى المعاهد والجامعات (كوهن وآخرون، 2021).
من جهةٍ أخرى هنالك صعوبات أخرى تتمثل في الحصول على معدلات متدنية وملحوظة في تعليم المواضيع الدراسية الثانوية، ومن ثم التدني الواضح والملحوظ في الحصول على شهادة الإنهاء الثانوية وشهادة البجروت، فضلاً عن صعوبة الامتحان الداخلي – البسيخومتري التجريبي – والذي يشكل حجر عثرةٍ أمام دخولهم وانضمامهم الى المعاهد والجامعات.
إن هذا التدني الملحوظ من شأنه كذلك أنْ يمنع الطالب البدوي من اختيار مهنةٍ اكاديميةٍ عليا مثل الطب والحاسوب، لذا تقتصر اختياراتهم وميولهم لتعليم مهنة التدريس من أجل ممارسة حياتهم الاكاديمية والعائلية.

3- احدى الصعوبات الرئيسية التي تواجه الطالب العربي البدوي هي معرفة واتقان اللغة الإنجليزية، إذ أنَّ اللغة الإنجليزية هي شرطٌ أساسي للدخول الى الجامعات وتعليم المساقات المختلفة من حيث المستوى والدرجة التي يحصل عليها الطالب في الثانوية وفي امتحان القبول – بسيخومتري.
هذا ما ينطبق ايضاً على صعوبة معرفة اللغة العبرية، لذا كانت الصعوبة في معرفة هاتين اللغتين تشكل عائقاً في طريق الطالب البدوي للالتحاق الى الاكاديمية العليا.
لقد بيّنت امتحانات التقييم (بيزا – Pisa) أنَّ هنالك تدنّي واضح وملحوظ في معدلٍ وعلامات اللغة الإنجليزية لدى الطلبة في المجتمع البدوي، مقارنة مع الطلبة في الوسط العربي، ومقارنةً مع علامات المجتمع اليهودي. (كوهن وآخرون، 2021)

4- هنالك فوارق أخرى بين المجتمع العربي واليهودي من حيث الجيل، فالطالب اليهودي يبدأ تعليمه الأكاديمي في سن 21-22، وذلك بعد انهاءه الخدمة العسكرية الإلزامية، والطالب العربي يبدأ تعليمه مباشرة بعد انهاء المرحلة الثانوية أي في جيل التاسعة عشرة.


إنَّ هذه الفوارق في السن، بالإضافة الى الخبرة العسكرية التي يكتسبها الطالب اليهودي، من شأنها أن تعزز من ثقافة وشعور وخبرة الطالب اليهودي، وهذا بطبيعة الحال ما ينقص الطالب العربي وبالأخص البدوي، بل وتخلق حالةً من الفجوات في الوعي واللغة والنمو الذهني والشخصي، والتي من شأنها أن تؤثر بطبيعة الحال على القدرات والتحصيلات العلمية والعلاقات الاجتماعية لدى الطرفين. (هندين، 2009).


كما أنَّ هذه الفوارق قد تؤدي الى الاختلافات والتفاوت في نظرة كل منهم الى نفسه وسلوكه ووعيه وخبرته في كل مجالات الحياة الخاصة والعامة، والمواجهة مع كل صعوبات وضغوطات التعليم من ناحية ومع مجالات الحياة من جهةٍ أخرى.


5- المشاكل الاقتصادية – المادية


وهي احدى المشاكل الأكثر صعوبةً في المجتمع البدوي، خاصةً أنَّ المجتمع البدوي ينقصه كل فرص ومجالات العمل والكسب، الأمر الذي يخلق لديهم حالة من التراجع في الوضع المادي، والذي سينعكس على عدم توفير الفرص لتعليم ابناءهم في المعاهد والجامعات كما هو الحال لدى سائر أبناء المجتمع الذين يوفّرون لأبنائهم معيشةً ماديةً متوفرة، إثر وجود الفرص ومجالات العمل المتهيئة لهم. (دائرة الإحصاء، 2021)
إنَّ هذه الإشكالية المادية والاقتصادية قد دفعت بكل الدوائر والمؤسسات والسلطات المحلية لدعم الطلاب البدو خاصة في سنة 2021-2022, إذ أنَّ هنالك قرابة الـ 320 طالباً وطالبةً من أبناء المجتمع البدوي قد حصلوا على منحٍ دراسية بمبلغ عشرة آلاف شاقل كمبلغ قيّمٍ قد يساهم في تسهيل سيرورة حياة الطالب البدوي الاكاديمية، وذلك بدعمٍ من مراكز ودوائر تطوعية مختلفة. مثل، مركز فايس، مركز مزراحي، وغيرها من الدوائر التي توفر كل الفرص المادية للطلبة العرب واليهود في الدولة.
أما سائر المنح العليا فقد خُصصت للطلاب الذين يتعلمون مواضيع علمية وتكنولوجية، وذلك مقابل الالتزام بـ 140 ساعة تطوعية على مدار السنة الدراسية لطلاب ذوي احتياجات خاصة وعُسرٍ تعليمي ومن ثم لرفع مستواهم التحصيلي والدراسي.

6- صعوبة المواصلات:

إضافة الى سائر العوائق والصعوبات التي ذُكرت، فهنالك صعوبة قسوى تتمثل في المواصلات العامة التي تواجهها القرى البدوية والتي من شأنها أن توفر لهم كافة التسهيلات في السفر والانتقال الى المدن الأخرى، وبطبيعة الحال الى الوصول للكليات والجامعات، خاصةً أنَّ هنالك الكثير من الطلاب البدو الذين يسكنون في القرى الغير معترف بها والبعيدة عن المركز، والذين يواجهون كل الصعوبات في الوصول الى مراكز وأماكن تعليمية بعيدة، خاصة صعوبة الأمر وبالتحديد تنعكس هذه الصعوبة على الطالبات البدويات، والتي وفق العادات والأعراف البدوية تُمنع منهن فرصة المبيت او السكن خارج البيت.


لقد تبيّن في تقرير مراقب الدولة في العام 2018 أنَّ هنالك حالة من العنصرية والتميز بين القرى العربية والبدوية وغيرها، وبين المدن والقرى التعاونية اليهودية (كيبوتس)من حيث السفريات ووسائل النقل، إذ لا زالت هنالك فوارق كبيرة بين الطرفين من حيث الحقوق والواجبات والعناية بهذا الشأن، خاصة أنَّ في السنوات 2005-2017 قدمت الدولة مبلغاً بقيمة مليون شاقل لتعديل وتطوير دائرة المواصلات في القرى والمدن اليهودية، مقابل حرمان القرى العربية البدوية من هذا الحق وهذه الصلاحية والدعم، الأمر الذي يؤدي الى تعزيز وخلقِ حالةٍ من الصعوبة والفجوات بين ممارسة المواطن اليهودي وبين المواطن العربي والبدوي لحياتهم ومجالات عملهم (تقرير مراقب الدولة، 2018)

7- النقص في شبكة الاتصالات والحواسيب (الانترنت)
وهي ضمن الإشكاليات والنواقص التي يعاني منها المجتمع العربي البدوي مقارنةً مع كل القرى والمدن اليهودية التي تحظى بكل هذه التسهيلات، والتي تمارس حياتها وعملها وتعليمها من خلال منظومة الزوم البيتية (التعلم عن بُعد)، مع اكسابهم خبرةً وتأهيلات لمعرفة الحاسوب وكل اقطاب وفروع الانترنت، والتعامل معها بسهولة مطلقة، مع الملاحظة في رفع مستوى التعامل معها، وتكثيف أهمية وجودها واستخدامها في المدن والمؤسسات اليهودية والعربية المتطورة، مقارنةً مع القرى البدوية المعترف بها والغير معترف بها، والتي تُمتنع من هذا الحق وهذه الصلاحية والتطور التكنولوجي، خاصةً في ظل جانحة الكورونا والتي الزمت كل المؤسسات بالتعامل مع مثل هذه المنظومة. (أبو كشك وماندلس، 2020; هارن وآخرون، 2021; سُويا، 2020).


لقد بيّنت دراسة (أبو كشك وماندلس، 2002) أنَّ نسبة 90% من الطلاب والطالبات البدو الأكاديميين الذين كانوا يتعلمون عن بعد وفق منظومة الزوم قد واجهوا صعوبات كثيرة وتحديات صعبة في سبيل التعامل مع مثل هذه التكنولوجية والآلية الحديثة، ونسبة 62% قد بيّنوا أنَّ استيعابهم وفهمهم لهذه الآلية كان بصورةٍ متوسطةٍ ومحدودة، ونسبة 55.6% بيّنوا أنَّ هنالك شكاً أو خطراً فادحاً للانسحاب من التعليم، وذلك بسبب قلة الخبرة والمعرفة لمواجهة الصعوبات والتحديات لهذه المنظومة العصرية في ظل جائحة كورونا.


كما بيّنت الدراسة أنَّ نسبة 52.9% يملكون حواسيب متنقلة وثابتة في بيوتهم، ونسبة 81.3% من الطلبة يملكون هواتف متنقلة، ولكن المعطى المؤسف من خلال هذه الدراسة ولهذه النسبة بيّن أنَّ الطلبة البدو يستخدمون الهاتف الخلوي النقال لممارسة تعليمهم عن بُعد.


إنَّ هذا المعطى وبلا أدنى شكٍ نبعَ وفق تصريحاتهم من قلة وعدم توفير ووجود شبكات انترنيت في قراهم.
كما أنَّ لنسبة 35.8% من الطلاب تتوفر إمكانية الارتباط الثابت مع شبكة الاتصالات والانترنت، ونسبة 43.2% من الطلبة مرتبطون مع شبكة الانترنت عن طريق الهاتف الخلوي النقال وليس عن طريق شركة بيزك وشركة الاتصال الآمن.
8- هنالك عوائق أخرى قد تمنع الفتاة او المرأة الطالبة البدوية من ممارسة حقها في التعليم الأكاديمي العالي، والتي تتمثل في مواجهة الظروف العصرية، وكيفية التفاعل والتكيّف معها، بما في ذلك قضية اللباس البدوي الذي اعتادت عليه في بلدها، والتي لا تتلاءم مع واقع وظل الأجواء الاكاديمية.


كما أنَّ هنالك عوائق أخرى تتمثل في الخروج من البيت والقرية وبصورةٍ شخصية دون محرمٍ أو رفيقٍ، الأمر الذي يتنافى مع العادات والتقاليد والأعراف العائلية البدوية، فضلاً عن صعوبات تعلم مهارات اللغة العبرية والانجليزية والتي هي شرط أساسي للالتحاق بالأكاديمية والجامعات.


ووفق المعطيات الحديثة لجامعة بن غوريون للعام 2021-2022، هنالك ما يقارب 1200 طالب عربي يدرسون في الجامعة، ومن بينهم 450 طالباً من المجتمع البدوي، ونسبة 70% من هذا العدد الإجمالي هنَّ طالباتٍ من المجتمع البدوي.


إنَّ هذا العدد الذي لا يُستهان به من حيث التأثير والكمية، قد دفع بإدارة جامعة بن غوريون للتفكير والبحث عن أماكن سكن مخصصة فقط للطالبات البدويات، وذلك في ظل الظروف والصعوبات التي تواجهها الطالبات البدويات، والتي تتمثل في النقاط الآتية:


- إنَّ معظم الطالبات البدويات تأتي الى الجامعة من أماكن وقرى بعيدة وبصورةٍ مبكرة، وذلك بالتلائم مع السفريات المؤقتة في بلادهن وقراهن، وهكذا الأمر بالنسبة للعودة المتأخرة من ساعات الليل الى بيوتهن، خاصةً أنَّ برنامجهن اليومي يكونُ متعلقاً بمحاضرات متفرقاتٍ على مدار اليوم.


- إنَّ معظم الطالبات البدويات واللواتي تدرس العلوم الإنسانية (المواضيع واللغات التدريسية)، لا زالت تفتقر للخبرة والمعرفة الكاملة لهذه المواضيع، لذا تفرض عليهن إدارة الجامعة بالتعلم لساعات ومساقات أخرى مكملة، حتى تتسنى لهن الفرصة الكاملة للمعرفة واتخاذ الاختصاص المناسب.


- هنالك صعوبة كثيرة قد تواجهها الطالبات البدويات قد تتمثل نسبياً بمعرفة اللغة العبرية ونطقها وكتابتها والسيطرة على مفرداتها وطريقة تعبيرها ولفظها لفظاً وكتابةً وتعبيراً.


- ثمة إشكالية وصعوبة أخرى تتمثل في السن المبكر للطالبات البدويات، فمعظم الطالبات تلتحق بالسلك الأكاديمي مباشرةً بعد انهائهن للمرحلة الثانوية، وهذا السن بطبيعة الحال لا يؤهلهنّ من المعرفة والخبرة وتجارب الحياة الاكاديمية والتعليمية.
- إشكالية أخرى تواجهها الطالبات البدويات من خلال التحاقها للسلك الأكاديمي، والتي تتمثل بحكم العادات والتقاليد وهي عدم التوجه بصورةٍ مباشرة وخطية لطلب مساعدة من أشخاص آخرين، فهذه الإشكالية هي حالة نابعةٌ من الطابع البدوي المعاش والمتّبع لدى بنات المجتمع البدوي، ولأنّ ذلك يتنافى مع العادات والتربية والأعراف البدوية من حيث الحياء والحظر.
من هذا المنطلق، فقد سعت إدارة الجامعة لإقامة ما يُسمى "بالبيت الدافئ" لهذه الطالبات، وذلك من أجل الاصغاء والاستماع الى طلباتهنّ ومشاكلهنّ بصورةٍ خطية ومباشرة.

للخلاصة (توصيات)

بناءاً على ما ذكر من كل عوائق وصعوبات الالتحاق الى السلك الأكاديمي، فمن الأولى أن تسعى الدولة الى إقامة وتأليف خطة حكومية لتطوير وتعديل وضعية المجتمع البدوي، ودفعه الى عجلة الثقافة والتربية.
إنَّ هذه الخطة من شأنها أن تضع الكثير من التعديلات بصورةٍ فورية، ووضع قواعد رئيسية بعيدة المدى لمعالجة كل ما يتعلق بالصعوبات والعوائق التي يواجهها المجتمع البدوي. كما وستعمل هذه الخطة الى تنمية وتطوير الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع البدوي. هذا ما يطالب ايضاً قيادة المجتمع البدوي لتجنيد خططٍ تربوية تعليمية من أجل خلقِ حالةٍ من التشجيع والتحفيز للطلبة البدو، ومن ثم لتطوير المجتمع البدوي وكشفه نحو عالم التطور والتحضر الاجتماعي والتربوي والاقتصادي الأفضل.

*  نُهى الوقيلي - طالبة لقب ثالث phd – جامعة AAP – مولدوفا. 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة