الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 22 / نوفمبر 06:01

قراءة في رواية "احتضار عند حافة الذاكرة"‎‎

بقلم: هدى عثمان أبوغوش

هدى عثمان أبوغوش
نُشر: 26/05/22 11:08,  حُتلن: 12:16

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

رواية "احتضار عند حافة الذاكرة" التي صدرت في العاصمة اللبنانية بيروت،عن دار نوفل للناشر هاشييت أنطوان، وتقع الرّواية في136صفحة من الحجم المتوسط، 2022.


روايةتنتصر للذاكرة الجمعية،تحضن المكان،وتصوّر الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسّياسية خلال حقبة زمنية بين الأعوام 1914و1953 إبان الحكم العثماني في بلاد الشّام من خلال عدسة ومخيلة الرّوائي الفلسطيني أحمد الحرباوي،الذي ينبش التّاريخ بضمير الغائب بأسلوب جميل سلس،يشير إلى براعة الرّوائي في سرده المتقن ،فيستحضر عدّة شخصيات متعددة القوميات من عرب ويهود ومسيحية(ليئاوإيلي،الحاخام،ليلى،المختار، ميسون).


تدور أحداث الرّواية حول محاولة الانقلاب على مخططات الحكومة العثمانية في تأييدها للصهيونية، وملاحقة الشبان الذين يعملون ضدّ الدولة،وعدم الرضوخ للتجنيد الاجباري،الذي سبب إلى زجّهم في القطار لمواصلة تنفيذ حكم الإعدام فيهم أو بما يعرف "السفربرلك"وكان من بين المحكومين الثوريين،التاجر المختار،وإيلي اليهودي الذي خرج عن سياسة طائفته،وترك زوجته ليئا وحيدة في الخليل تعاني الفقد إلى أن أنجبت طفلتها ليلى وثمّ ماتت.


لقد أحسن الكاتب في توثيق الذاكرة من خلال الوصف المشبع الدقيق والعميق، باسهاب يعمل على غرس الصورة في مخيلة القارىء،فقد بيّن صورة الظلم من قبل عصمت الأفندي الإقطاعي،واستغلاله الجنسي للنساء الفقيرات،مثل لمياء التي فقدت أهلها وبقيت وحيدة،وتلذذه بمشهد دعس النساء فوق العنب بأقدامهم.


أما من الناحية الاقتصادية فقد برزت صور الفقر والجوع خاصة عند الغجر،صور جعلتنا نستذكر مشاهد حالة اللاجئين وهم ينتظرون دورهم من أجل الماء أو الطعام كما حدث في حاضرنا،أتقن الرّوائي في تصويره مشهد الانتظار،وصورة لمياءوهي تحمل الطفلة ليئا التي يرثى لحالتها المأساوية في الحصول على الماء عاجلا قبل الطعام.أمّا من الناحية السّياسية، فقد ظهرت الصور المؤلمة للبكاء والفقد والموت والدّم وصور الرّحيل نحو الإعدام،ولقد استخدم الرّوائي الحرباوي لقطة سينمائية لمشهد بطيء يسلط الضوء على نظرات إيلي وهو يبحث عن زوجته وهو يرى لمياء والطفلة ليلى ويبتسم دون أن يعي أنها ابنته. مشهد جميل يثير عاطفة القارىء.


أتقن الروائي في وصف المكان، حارة القزازين وحارة اليهود في الخليل وربطه بعادات المجتمع ووصف ملابس النساء والأمثال الشعبية، اللغة العاميةوالأغاني والأهازيج، وذكر الصحف التي كانت تصدر،وقد جاءت الأهازيج بشكل لافت في الرّواية لا سيما وأنّ فكرة الرّواية جاءت من خلال بحث الرّوائي المتخصص في علم السوسيولوجيا،لتراث أجداده في ذلك الموضوع،ومن هنا جاءت دلالات الأهازيج في الكشف عن هموم المجتمع من الناحية السياسية والاجتماعية،ومن الجدير بالذكر أن الرّوائي الحرباوي ذيّل بالهوامش ليفسر بعض الكلمات أو المصطلحات،فهذا يدلّ على جهوده الكبيرة في إيصال المعلومات بشكل دقيق وصحيح.


جاءت النهاية وقد مرت الأعوام وكبرت ليلى، وأصبحت لمياء تحتضر عند حافة الذكريات،والموت وتكتب المذكرات،لحفظ الذاكرة الفلسطينية.


فكانت وصيتها الأخيرة لليلى التي تحمل دلالات رمزية،أو رسالة لليهود الذين عاشوا في فلسطين،لا تظلموا وتصدقوا الأكاذيب، لذا قالت لمياء لها"كل الحكايات التي تروى عن الماضي مدنسة وغير حقيقية".
ومع تلك النهاية أستذكر "عائدإلى حيفا"،فهل نحن أمام الجزء الثاني من الرّواية لنشهد عودة ليئا إلى الخليل كمستوطنة أو حاكمة؟ وهل ستعترف بحق أهل الخليل وفلسطين عامة في العيش بحرية في وطنهم بلا حواجز أو جيش غاصب!

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة