الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 16:01

صهاينة أسسوا الكيان-اللورد شافتسبري ، واللورد هنري بالمرستون/ بكر أبوبكر

بكر أبوبكر
نُشر: 14/06/22 08:53,  حُتلن: 09:51

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

عُرف اللورد شافتسبري الانجليزي من أتباع الانجيلية-الصهيونية[1] باسم"أنتوني أشلي كوبر"،(1801-1885م) وهو واحد من أبرز الشخصيات الإنجليزية في القرن التاسع عشر، فقد تبلورت العقيدة الانجيلية-الصهيوينة على يديه في كتاباته النظرية. ما يمكننا من اعتباره مثبت العقيدة المسيحية الصهيونية.

اللورد شافتسبرى كان مؤمناً بضرورة قيام دولة يهودية في فلسطين تحقيقاً للنبوءات التوراتية، الخرافية، حيث عبّر عن ذلك بقوله: "إن التطلع إلى المجيء الثاني للمسيح والإيمان بأنه سيحدث قد شكلا المبدأ المحرك والقوة الدافعة في حياتي، نظراً لأني نظرت إلى كل ما يحدث في العالم باعتباره خاضعاً لذلك الحدث العظيم وفي مكانة ثانوية بالنسبة إليه". لهذا فقد نشر شافتسبرى في عام 1839م مقالاً في إحدى الصحف، لخص فيه فكرته عن العودة اليهودية، التي تقوم على أساس تدخل البشر لتحقيق نبوءات العهد القديم المتعلقة بعودة اليهود إلى فلسطين! وتحدَّث مع نسيبه بالمرستون عن استخدام اليهود كرأس حربة لبريطانيا في الشرق الأوسط.

كما تقدم اللورد شافتيسبرى بمشروع إلى وزارة الخارجية البريطانية لاستيطان اليهود في فلسطين، على أن يخضعوا للحكم القائم في البلاد، وطالب بضمانات من الدول الأربع الكبرى.[2] وبالرغم من أن مشروع شافتيسبرى لم ينجح، إلا أن صاحبه لم يعرف اليأس، وتواصل بلا كلل. ويُعد أشهر ما كتب هو مشروع كذبة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"[3] الذي قدمه أثناء عقد مؤتمر الدول الأوروبية في لندن 1840، ودعا فيه لتبني لندن "إعادة" اليهود إلى فلسطين وإقامة دولة خاصة بهم.[4] ليس حبًا بهم وإنما كراهية، وتمهيدًا لعودة المسيح.[5]

وقد تمخض عن هذا المؤتمر تبني اللورد «هنري بالمرستون»[6]، وزير الخارجية آنذاك، ونسيب شافستبري مشروعًا يهدف إلى خلق كومنولث يهودي في النصف الجنوبي من سوريا (فلسطين). ولم يكتف أنتوني شافستبري بالصياغات النظرية الصهيونية، بل كان يكتب المذكرات التفصيلية المحددة لبالمرستون،حتى أن أول قنصلية إنجليزية في القدس تم افتتاحها نتيجة لإِلحاحه وبناءً على توجيهاته .

يكتب سيف دعنا في صحيفة الاخبار[7] قائلًا: في الحادي عشر من آب 1840، وبعد القضاء على حكم محمد علي في الشام، كتب اللّورد هنري بالمرستون، وزير الخارجية البريطاني حينها، للسفير البريطاني في الآستانة، اللورد جون بونسونبي، الرسالة التي ستصبح لاحقاً مرجعية أساسية لفهم معنى وحقيقة وعد بلفور، يدعوه فيها لتشجيع السلطان العثماني عبد المجيد للسماح بالهجرة اليهودية إلى فلسطين، ومما جاء فيها: إن عودة "الشعب" اليهودي إلى فلسطين، تحت حماية ووصاية السلطان، سوف تشكّل حاجزاً في وجه أي مشروع شرّير في المستقبل لمحمد علي أو لخليفته (ليونارد ستاين، وعد بلفور، ص: ٦. الترجمة بتصرف).

وفي سياق النفس الاستعماري الامبراطوري الواضح بعد أن يكذب باسم اليهود حين قال أنهم يريدون الذهاب لفلسطين! ما لم يكن قد وضح بعد بالفكر لصهيوني مطلقًا، يضيف في رسائله اللاحقة قائلًا للسفير: أن اليهود « في حاجة إلى الإحساس بالأمان في حال استيطانهم فلسطين». ولهذا اقترح أنه يجب «أن يتمكّنوا من الاعتماد على الحماية البريطانية!

الحواشي

1 ترجع أصول الصهيونية المسيحية المباشرة إلى التدبيرية (القدرية)، والتدبيرية منهج لتفسير الكتاب المقدس ظهر في إنكلترا في القرن التاسع عشر بشكل أساسي بفضل جهود جون نلسون داربي من كنيسة الإخوة البليموث. إلا أن البعض يرجع بأصولها إلى فترة أقدم من ذلك إلى بريطانيا القرن السابع عشر. غير أنها بكل الأحوال ظهرت نتيجة لسياق تاريخي معين أقدم من ذلك بكثير. الصهيونية المسيحية هو الاسم الذي يطلق عادة على معتقد جماعة من المسيحيين المنحدرين غالباً من الكنائس البروتستانتية الأصولية والتي تؤمن بأن قيام دولة "إسرائيل" عام 1948 كان ضرورة حتمية لأنها تتمم نبؤات الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وتشكل المقدمة لمجيء المسيح الثاني إلى الأرض كملكٍ منتصر. يعتقد الصهاينة المسيحيون أنه من واجبهم الدفاع عن "الشعب" اليهودي بشكل عام وعن الدولة الغسرائيلية بشكل خاص، ويعارضون أي نقد أو معارضة ل"إسرائيل" خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يشكلون جزءاً من اللوبي المؤيد ل"إسرائيل"-عن الموسوعة الحرة

2 لمراجعة يوسف العاصي الطويل في كتابه الحملة الصليبية على العالم الاسلامي، صوت القلم، القاهرة، 2010 ص53-54م.

3 وصف شافستبري (وهو كاذب) فلسطين بأنها "بلاد بدون أمة، لأمة بلا بلاد"، وهو الشعار الذي حولته الحركة الصهيونية فيما بعد إلى "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض"، ثم بدأ التمهيد لتوطينهم من خلال بعثات استكشافية إلى فلسطين ابتداءً من عام 1865.

4 كان شافتسبري زعيم حزب الإنجيليين (الانجيلية الصهيونية)، وكان خطاب شافتسبري خليطاً مدهشاً من العناصر الاجتماعية والأساطير الدينية حيـث تَداخَل في عـقله الوقت الحاضر والزمان الغابر والتاريخ المقدَّس، وقد كان هذا الخطاب يَصدُر عن فكرة الشعب العضوي المنبوذ بشكل لم يتحقق كثيراً في كتابات أي صهيوني آخر (يهودياً كان أم غير يهودي). ينظر شافتسبري إلى اليهود من داخل نطاق العقيدة الألفية والاسترجاعية بعد علمنتها تماماً، فاليهود يكوِّنون بالنسبة إليه شعباً عضوياً مستقلاًّ وجنساً عبرياً يتمتع باستمرار لم ينقطع، ولكنهم لهذا السبب أصبحوا جنساً من الغرباء (المنبوذين) المتعجرفين سود القلوب المنغمسين في الانحطاط الخلقي والعناد والجهل بالإنجيل. وهم ليسوا سوى "خطأ جماعي". ولكل هذا، عارض شافتسبري مَنْح اليهود حقوقهم المدنية والسياسية في إنجلترا. ولكن ثمة علاقة عضوية بين هذا الشعب وبين بقعة جغرافية محددة هي فلسطين. ولهذا، فإن بَعْثهم لا يمكن أن يتم إلا هناك. كما أن عودتهم إلى هذه البقعة أمر ضروري حتى تبدأ سلسلة الأحداث التي ستؤدي إلى العودة الثانية للمسيح وخلاص البشر!

5 عام 1800م نشر (جيمس بيشنو) ـ وهو من المؤمنين بالعصر الألفي السعيد ـ كتابه (عودة اليهود أزمة جميع الأمم) "حيث أعتبر فيه عودة اليهود إلى فلسطين قضية دولية، بالإضافة إلى أنه لم يربط عودتهم بتحولهم إلى المسيحية كما كان سائداً قبل ذلك"،وأصبح الاعتقاد السائد بأن اليهود سيدخلون المسيحية بظهور المسيح المنتظر الذي سينقذهم من أعدائهم. ما انعكس على من تلاه-أنظريوسف العاصي الطويل في كتابه الحملة الصليبية على العالم الإسلامي والعالم ص53-المكتبة الشاملة الحديثة.

6 كان شافستبري شقيق زوجة بالمرستون.

7 سيف دعنا في مقاله: في ذكراه الرابعة بعد المئة... «وعد بلفور» رابطاً تاريخيّاً بين الصهيونية والإمبريالية في صحيفة الاخبار 2021م. 

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

مقالات متعلقة