للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
تمتّعت في شهر تمّوز 2022 بقراءة أعمال محمود درويش الشّعريّة وهي اثنتان وعشرون مجموعة أوّلها "أوراق الزيتون" وآخرها "لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي" فمحمود لم يضمّ باكورته "عصافير بلا أجنحة" الى أعماله الكاملة، كما قرأت اعماله النثريّة وهي أحد عشر كتاباً، أوّلها "شيء عن الوطن" وآخرها "أثر الفراشة"، وكنت قد قرأت هذه الأعمال الرّائعة متفرّقة من قبل، ولكنّ قراءة الأعمال الكاملة مغامرة مثيرة ممتعة تحمل القارئ على أجنحة من الورد والنّدى والغيوم، من مباشرة "بطاقة هوية" المشهورة ب "سجّل انا عربي" في خط تصاعدي يلامس عنان السماء مروراً ب "حبيبتي تنهض من نومها" الى "أحد عشر كوكباً" و "لماذا تركت الحصان وحيداً؟" و "الجداريّة" و "كزهر اللوز او ابعد" الى "لاعب النّرد" في المجموعة الأخيرة، كما قرأت أيضاً حوارات مثيرة وممتعة مع الشّاعر في الكتاب القيّم "محمود درويش، سنكون يوماً ما نريد" الذي أعدّه الكاتب مهند عبد الحميد وصدر عن وزارة الثقافة الفلسطينيّة في كانون الأول 2008 وشمل عشرات الشهادات لمبدعين عن محمود درويش ومنهم مبدعان اسرائيليّان ولم يشمل شهادة واحدة لمبدع عربيّ من الدّاخل حتّى من صديقيه سميح القاسم وكاتب هذه السطور.
من خلال هذه القراءة الممتعة وجدت معلومات غير دقيقة عن أخي وصديقي محمود درويش وكان بإمكان الكتّاب أن يتجنّبوها لو اجتهدوا قليلاً ففي "الكاشف، معجم كتّاب وأدباء فلسطين" لمعدّيه الأستاذين نزيه أبو نضال وعبد الفتّاح القلقيليّ وهو عمل موسوعيّ يستحقّ التّقدير يكتب المؤلّفان أنّ الشّاعر "عاد مع عمّه من لبنان متخفّياً الى فلسطين ليجد قريته المدمّرة وقد حلّ محلّها مستعمرة أحيهود الصّهيونيّة فاستقرّ مع عائلته في قرية الجديدة" ومن المعروف أنّ الشّاعر عاد مع والده واستقرّ في قرية دير الأسد ثمّ انتقلت العائلة في العام 1961 الى قرية الجديدة ولم ينتقل محمود معها لأنّه كان قد باشر عمله محرّراً في صحيفة "الاتحاد" وسكن في حيفا، ويذكر المؤلّفان أنّ درويش "عمل معلّماً في جديدة" في حين أنّه لم يعمل بالتّعليم يوماً واحداً، ويذكران ايضاً أنّه انتقل في العام 1960 الى حيفا بينما انتقل اليها في العام 1961 كما يذكران أنّه عمل في تحرير "جريدة الفجر" بينما لم يعمل درويش في مجلّة "الفجر" التي كان يصدرها حزب "مبام" ويذكران أنّه "لم يُسمح له أن يكمل دراسته العليا" وأعرف جيّداً أن الشّاعر لم يفكّر بالدّراسة العليا لأنّ ظروفه لا تسمح له وكذلك شهادته الثانويّة.
وفي "معجم الكتّاب الفلسطينيّين" للسّيّدة سارة ديكان واصف الصّادر عن معهد العالم العربيّ في باريس تكتب أنّ الشّاعر عاد بعد حرب 1948 الى فلسطين "فدرس في مدينة حيفا وانضمّ الى حركة الشّبيبة الشّيوعيّة" ومن المعروف أنّ شاعرنا درس المرحلة الابتدائيّة في مدرسة دير الأسد ثمّ درس المرحلة الثانويّة في مدرسة كفر ياسيف الثانويّة ولم ينضمّ الى الشّبيبة الشّيوعيّة في يوم ما بل انتسب الى الحزب الشّيوعيّ عندما عمل في "الاتّحاد"، وتكتب السّيّدة سارة أنّه عمل في "ملحق الاتحاد، الجديد الأدبيّ" بينما كانت الجديد التي كان رئيس تحريرها مجلّة وليست ملحقاً للاتّحاد كما بدأت قبل سنوات.
وفي الموسوعة القيّمة "الأدب الفلسطينيّ المعاصر" للشاعرة والباحثة المعروفة د.سلمى الخضراء الجيّوسيّ نقرأ "في عام 1971 غادر محمود درويش فلسطين وذهب للعيش في بيروت" ونحن نعرف أنّ شاعرنا غادر البلاد الى موسكو للدّراسة ومن هناك انتقل في العام نفسه الى القاهرة حيث عمل في جريدة "الأهرام" وبعد فترة ليست طويلة انتقل الى بيروت.
ويكتب الرّوائيّ اللبنانيّ الياس خوري مقالاً جيّداً بعد وفاة درويش ويذكر فيه أنّه كان أحد أبناء جهينة وهو الإسم الذي كان يوقّع به اميل حبيبي اسبوعيّاته ويضيف "في تقديمه كتاب "الرسائل" المتبادلة بين درويش وسميح القاسم وصف حبيبي الشّاعرين بأنّهما كشقّيّ البرتقالة" بينما تختلف الحقيقة عن هذا فقد كتب اميل حبيبي في تقديمه لكتاب "الرسائل" الذي صدر عن دار عربسك في حيفا ما يلي: "تستحقّ هذه الرّسائل الإسم الذي أطلقه عليها الكاتب محمد علي طه "رسائل بين شطري البرتقالة" لأنّ صاحبيها يشكّلان حقّاً شطري أو شقّي البرتقالة الفلسطينيّة". فكيف لم يقرأ الياس خوري هذه الجملة؟
كنت محرراً للصّفحة الأدبيّة في صحيفة "الاتّحاد" عندما تبادل صديقاي درويش والقاسم الرّسائل ونشراها في مجلّة "اليوم السّابع" الباريسيّة وقرّرت نشرها في "الاتّحاد" واخترت لها عنواناً جميلاً هو "رسائل بين شطري البرتقالة" وقد أعجب العنوان الشّاعرين والقرّاء وكان أخي محمود يمازحني به أحياناً، وأرجو ألّا تسألوني عمّا كان يقول لي في لحظات رضاه وفي لحظات غضبه.