الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 10:01

خيار بين مطارين: رامون الصهيوني وعمان العربي

بقلم: أحمد حازم

أحمد حازم
نُشر: 28/08/22 11:51,  حُتلن: 15:24

منذ فترة، يشهد الإعلامين الأردني والإسرائيلي والفلسطيني نقاشاً وصل حد الاتهامات حول مطار رامون الإسرائيلي، وفتحه أمام المسافر الفلسطيني. مطار رامون هو مطار دولي يقع في جنوب صحراء النقب، على بعد 18 كيلومتراً شمال مدينة إيلات وأنشئ بديلا لمطار إيلات ويحتوي على مدرج بمساحة 3،600 متر، وهو أطول من مدرج مطار إيلات، ويسمح بهبوط الطائرات الكبيرة.


إسرائيل تدعي بأن قرارها السماح للفلسطيني بالسفر من هذا المطار هو لتسهيل سفر الفلسطينيين من الضقة الغربية وغزة إلى الخارج. وهذا التبرير طبعاً لا أساس له من الصحة. هم يكذبون كالعادة. لأن الحقيقة هي أن إسرائيل المستفيدة الوحيدة من وراء فتح هذا المطار بوجه الفلسطيني . ولو كانت السلطات الإسرائيلية معنية فعلاً بتسهيل سفر الفلسطيني لأعادت فتح مطار القدس الدولي (مطار قلنديا) الذي كان يعتبر المطار الاستراتيجي الثاني بعد مطار عمان، حتى العام 1967 (سقوط الضفة الغربية تحت الاحتلال الإسرائيلي)، وكان "مطار القدس الدولي" الوحيد في الضفة، قبل أن تحوّله إسرائيل مطارا لرحلات داخلية قليلة، إلى أن أغلقته نهائيا عام 2000.


تصوروا أن دولة قانون القومية دولة الاحتلال والعنصرية تدعي بآنها تساعد الفلسطيني في سفره، وهي نفسها إسرائيل التي تمنع الفلسطيني منعاً باتاً من السفر عن طريق مطار بن غوريون (ما عدا بعض الاستثناءات). ويبدو بوضوح أن السلطات الإسرائيلية تستهدف فقط ضرب الاقتصاد الأردني من خلال تحويل وجهة سفر الفلسطيني لمطار رامون بدل مطار عمان الدولي. أليست هذه وقاحة إسرائيلية بكل معنى الكلمة؟.


أن السماح للفلسطينيين بالسفر من هذا المطار ليس محبة او خدمة لهم بل لآن ذلك ينقذ بقاء المطار الذي كاد ان يغلق بسبب قلة المسافرين. ولا شك أن استخدام آلاف الفلسطينيين لهذا المطار سيساهم بشكل كبير في إعادة تنشيطه، الأمر الذي يؤدي الى توظيف مئات الإسرائيليين في الجمارك والمعابر والأجهزة الأمنية وعمال النظافة، وإحياء السوق الحرة.


اليوم أصبح الفلسطيني في الضفة الغربية المطارد والمتهم دائماً من الاحتلال الإسرائيلي محل تنافس. سبحان مغير الأحوال. دولتان تتنافسان على تقديم خدمة سفر أفضل للفلسطيني بمطاراتهما. هذا الفلسطيني الذي يعاني من قسوة الانتظار في مطارات الدول العربية الصديقة منها وغير الصديقة، أصبح الآن هدفاً لاستمالته. المسألة ف ي موضوع المطار ليست إنسانية كما يصورها الإسرائيلي بل اقتصادية بحتة وتفكير انتهازي استغلالي لضرب مطار عمان الذي يستفبل سنويا عشرات آلاف المسافرين الفلسطينيين من الضفة الغربية.


صحيح ان الفلسطيني ينتظر ساعات على معبر جسر اللنبي عند سفره للأردن ويتحمل عبئاً ماليا أكثر مما يتحمله عند ذهابه إلى مطار رامون، لكن في المحصلة فإن اختياره مطار رامون هو خدمة للدولة العبرية بالدرجة الأولى، وهي الدولة التي يعاني من احتلالها وعنصريتها.


قد تكون هناك خلافات سياسية مع الأردن في بعض المواقف، لكن عند التفضيل بينه وبين إسرائيل فمن المفترض أخلاقياً وسياسياً أن يكون الأردن هو الخيار. ولذلك لا يجوز للفلسطيني التفكير مرتين في اختيار مطار عمان رغم كل شيءـ والمطلوب ان يستوعب الفلسطيني أن مطار رامون هو مصلحة اقتصادية إسرائيلية بحتة، ومن المعيب تحت كل الظروف أن يخدم الفلسطيني دولة الاحتلال.


ان الهدف من وراء قرار إسرائيل السماح للفلسطيني باستخدام مطار رامون هو ضرب مطار عمان الدولي، ولذلك فإن ما فعلته دولة الاحتلال يثبت المقولة المعروفة "أن إسرائيل عند مصلحتها تلدغ أقرب الأصدقاء".

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة